الموسم الدرامي الرمضاني 2024 يغلق أبوابه … الحلقات الأخيرة من تاج.. ولاد بديعة.. مال القبان.. العربجي2
| مايا سلامي
أغلقت قبل عدة أيام الصفحات الأخيرة من الأعمال الدرامية التي رافقتنا على مدار الشهر الفضيل، وتألقت الدراما السورية هذا العام على المستوى العربي لما حصدته من نسب مشاهدات عالية ومرتفعة جعلت الموسم الرمضاني 2024 سورياً بامتياز.
واتسمت هذا العام بإنتاج ضخم للأعمال الاجتماعية التي تحاكي جوانب مختلفة من الواقع فكانت قريبة من قلوب وعقول المشاهدين الذين تابعوها بشغف وحماس لمعرفة ما ستحمله الحلقات الأخيرة من مفاجآت.
وفيما يلي رصد لنهايات بعض الأعمال التي لاقت إقبالاً جماهيرياً هذا العام:
ولاد بديعة
والبداية مع مسلسل «ولاد بديعة» تأليف الثنائي علي وجيه_ يامن الحجلي وإخراج رشا شربتجي الذي حصد في بداياته جملة من الأصداء الإيجابية في صفوف الجماهير المحلية والعربية التي تابعته بشغف، وتفاعلت مع أحداثه بكل شفافية وبقيت متشوقة لمعرفة مصير شخصياته ولمن سوف ترجح كفة الانتصار.
لكن حملت الحلقات الأخيرة بعض التخبط في الأحداث التي أقحمت دون تمهيد مسبق لها، فلم يبق متمسكاً بالخط الرئيس للعمل الذي يجسد الصراع بين أربعة أخوة غير أشقاء، فلم تكن نهايته مرضية للجميع وخاصة أنه تحول بشكل مفاجئ من عمل واقعي يحاكي شريحة معينة من الناس إلى عمل تملؤه المصادفات غير المنطقية.
وكانت نهايته رمزية تدل على ما حدث في سورية خلال السنوات السابقة وفي عبارة «بديعة» عندما شاهدتها «سكر» في منامها «كلكون حرقتوا بديعة» كان واضحاً الإسقاط على أبناء البلد الذين ساهموا في تدميرها، لكن هذه الخاتمة لم تكن مفهومة لجميع المشاهدين وخاصة أنها لم تقفل جميع الأبواب المفتوحة أو تبين مصير الشخصيات بشكل واضح.
كما شهد العمل في آخره تبدلات وتقلبات كبيرة في مصير شخصياته وعلى رأسهم «ياسين» الذي يستيقظ ضميره ويقرر الابتعاد عن معبوده الوحيد المال في سبيل مصالحة شقيقه التوءم «شاهين» الذي وبالرغم من استقرار واتزان شخصيته إلا أنه يخسر كل شيء في اللحظات الأخيرة، أما «سكر» فتعيش جملة من الأحداث المتضاربة من راقصة إلى مشردة وبائعة خبز إلى متعاونة مع الدولة في كشف عصابة «أبو شوال» لتجتمع في الأخير مع أخويها، بعيداً عن «مختار» الذي يعود إلى المصح النفسي.
تاج
نجح مسلسل «تاج» تأليف عمر أبو سعدة، وإخراج سامر البرقاوي في إشعال فتيل الحماس والإثارة حتى اللحظات الأخيرة، وبقي متمسكاً بالخط الرئيسي للعمل بأحداث منطقية ومترابطة سارت بكل سلاسة وشفافية وجعلت منه عملاً تاريخياً يوثق أصالة وعراقة دمشق من خلال الصورة الحقيقية البعيدة عن كل تشويه.
وجاءت الحلقة الأخيرة محملة بجرعة عالية من المشاعر الإنسانية والوطنية وصورت لحظة جلاء الاستعمار الفرنسي عن سورية عام 1946 بمشهد مؤثر خلد ذكرى من استشهدوا في سبيل كرامة هذه الأرض، واختتمت بموال «بلاد الشام» ومقطع من نشيد «في سبيل المجد» من ألحان آري جان وغناء سارة درويش الذي أرفق بصور حقيقية تعود لتلك الفترة من الزمن، ويقول مطلعه:
بلاد الشام لولا المظالم كانت فوق المدن جنة
ومن شول بغداد تسمع بسيطها الجنة
ويلي يدعي عالشام ربي تحرمو الجنة
كما حصدت نهاية العمل الكثير من الأصداء الإيجابية لأنها جاءت سعيدة وواضحة ومتقنة لم تترك خلفها أي تساؤلات مثارة، ونالت فيها كل شخصية المصير الذي تستحقه، فيلقى رياض حتفه على يد «نوران» بعد أن يفتضح أمره بالتعاون مع الفرنسيين، ويلتم شمل عائلة «تاج» بزوجته «نوران» وابنتهما «سلمى» ويقرر الابتعاد عن ساحة العمل السياسي بعد استقلال سورية.
مال القبان
بالرغم من قلة الضجة الإعلامية حوله إلا أن مسلسل «مال القبان» تأليف الثنائي علي وجيه ويامن الحجلي وإخراج سيف سبيعي استطاع أن يحجز لنفسه مكانة خاص في صفوف الأعمال الاجتماعية المهمة التي لامست الواقع بجزئياته وتفاصيله الصغيرة، وربطت أحداثه بشكل متسلسل ومنطقي وكان إيقاعها مضبوطاً بصورة دقيقة حتى نهايته.
واختتم العمل في انكسار طرفي الصراع «نعمان الزير» و«أبو عمار» اللذين نالا المصير الذي يستحقانه، كما نجح صناعه في الربط بين أحداث الحلقات الأولى والأخيرة عندما تخرج «عدوية» وهي تدعي على ابنها «نعمان» بأن ينقلب أولاده ضده فيختتم العمل بهذه الصورة وهو وحيد بعد أن كشفت أسراره وتخلى عنه أبناؤه.
وأبدع جميع نجومه في تصوير التقلبات الكبيرة التي تشهدها شخصياتهم في اللحظات الأخيرة وأبرزهم سلمان رزق «أبو رموش» الذي يتوب عن السرقة ويقرر العمل بنزاهة ويتحول إلى شاب طيب، ونجاح سفكوني «أبو عمار» الذي يستيقظ ضميره بعد انتحار وحيده عمار ويقرر تصويب أخطائه الماضية، وانكسار قوة وجبروت «نعمان»، وتحول حلا رجب من فتاة طيبة إلى سيئة تسعى إلى تدمير علاقات المتزوجين كما حصل معها.
العربجي2
قليلة هي الأعمال التي تحافظ في جزئها الثاني على أحداثها التصاعدية بعيداً عن المماطلة والبرود، إلا أن «العربجي2» تأليف مؤيد النابلسي وعثمان جحى وإخراج سيف سبيعي نجح في كسب الرهان، وحملت حلقاته الأخيرة كوكبة من الأحداث النارية التي أبقت أعصاب المشاهدين مشدودة وخاصة مع ظهور شخصية «الظل» القاتل الذي أبدع الفنان غزوان الصفدي في أدائها وشكل خصماً جديداً في وجه «عبدو العربجي».
وانتهى الجزء الجديد بعودة عبدو العربجي إلى الحارة وانتقامه من خطي الشر الرئيسين «درية خانم» و«أبو حمزة» مع الإشارة إلى ولادة جيل جديد ستعاد معه الكرّة لأن الخير والشر كفتا الحياة ولا يمكن أن تزول واحدة منهما بشكل مطلق، وترك في ذلك باباً مفتوحاً لجزء ثالث ما زال الحديث عنه قائماً من قبل صناعه.
وطغت على قسوة جرائم الحلقات الأخيرة علاقة الحب التي جمعت باسم ياخور وديمة قندلفت في ثنائية رائعة خطفت الأنظار وحصدت إعجاب الجماهير الذين تفاعلوا معهما وتمنوا أن ترجح كفة الانتصار لمصلحتهما، كما حصل تماماً فكانت خاتمته سعيدة وقريبة إلى عقول وقلوب المتابعين على الرغم من أن الحكاية التي يصورها افتراضية وخيالية لكنها جاءت ممتعة ومرضية للكثيرين.