تبدأ مباريات الدوريات الكروية، القدم والسلة وغيرهما بمختلف أشكالها، بلوحة ناصعة عن التزام الروح الرياضية، حيث يقبل طرفا «المواجهة المنتظرة» من جانبي اللاعبين والجهازين الفني والإداري لتبادل التحيات والقبلات بين بعضهم بشكل يجعل روحك المعنوية في أعلى درجاتها تقديراً لهذه المواقف المشهودة قبل بدء أي مباراة.
ومع بدء مجريات المباراة تبدأ أعصاب الجميع بالتحفز بشكل حماسي هادئ في أغلب الحالات مع ارتفاع في درجات الحرارة رويداً على المدرجات وبين المتحمسين والأكثر حماساً، ويمكن أن تستمر هذه الحالة المعنوية إلى نهاية هذه المباراة أو تلك، لكن عندما تكون المباراة على درجة عالية من الحساسية والأهمية سرعان ما تزداد السخونة وتعلو أصوات المشجعين الراغبين بفوز فريقهم، حتى لو كان لا يستحق ودون مستوى هذه المواجهة، وتبدأ الطامة الكبرى في حال حدوث خطأ تحكيمي «حتى في شكله البشري» أو خطأ متعمد، أو تدخل قاس، من أحد لاعبي الخصم على لاعب من فريقهم المقدام، لتنفجر أهازيج الردح، ويبدأ مرجل الملعب بالغليان، وتقع الطامة الكبرى إذا خسر فريق، اعتقد مشجعوه أن ذلك حدث نتيجة ظلم وأنه سيترك أثراً كبيراً في ترتيب فريقهم «المتواضع» أصلاً.
ربما ندرك طبيعة ما يحدث من حالة غليان، وهي مرفوضة تماماً، وخاصة إذا كانت المواجهة ذات طابع تاريخي بين فريقين تحضر الحساسية في لقاء لهما، لكن الغريب والطريف أن يحدث ذلك في مباريات هامشية على مستوى النتيجة والترتيب، وكأن مرجل الملعب الملتهب أذاب الروح الرياضية بغليانه المتفاقم، وفاض على اللاعبين والفنيين والإداريين وصولاً إلى المدرجات الساخنة أصلاً. والأكثر طرافة أن يكون أحد الإداريين أو الفنيين هو من ساهم بجانب من ذلك، مع تلك العبارة الشهيرة والحاضرة بشكل كبير«سلملي على الأداء» في ملاعبنا التي يشبه البعض منها أشياء كثيرة من المنشآت، التي نعرف، إلا الملاعب الكروية الصالحة بشكل جيد لممارسة اللعبة باعتبارها متعة فنية وليست ساحة عراك مع الأرضيات أو الخصم في بعض الحالات. ولا نتحدث هنا عن الأيام الماطرة، حيث يشهد البعض من تلك الملاعب ما يمكن أن نطلق عليه «طرائف وعجائب» ملاعبنا.
عموماً ما سبق ليس أكثر من رغبة بمشاهدة ملاعبنا بحالة تحقق الغاية الأساسية من مفهوم الرياضة والعمل الرياضي، ونتمنى أن يتجاوز إطار الرغبات إلى الفعل الحقيقي على مستوى الاحتراف والتقاليد والمنافسة بروح رياضية فنياً وإدارياً وعلى أكثر من مستوى.