رياضة

بعد تراجع سلتنا الأنثوية.. هل ستكون ضمن خيارات الاتحاد الحالي؟ وهل ستدعمها الأندية مجدداً أسوة بسلة الرجال؟

| مهند الحسني

نتفق جميعاً على أن دوري سلة السيدات هذا الموسم هو الأضعف منذ سنوات طويلة، حيث لعبت الإمكانات المادية دوراً كبيراً في إضعافه بعدما وصلت الإثارة فيه لقمتها قبل موسمين عندما نجح اتحاد السلة في إدخال اللاعبة الأجنبية للدوري، ما أعطته رونقاً خاصاً وزادت من النكهة التنافسية بين جميع الفرق وساهمت في إلغاء الفوارق الفنية والمباريات الطابقية، لكن هذا الموسم لم تنجح محاولات الاتحاد في إقناع أنديته بضرورة تواجد اللاعبة الأجنبية بسبب شح الإمكانات المادية وعدم قدرة إدارات الأندية على تجشم الأعباء المادية جراء وجود اللاعبة الأجنبية، الأمر الذي أفقد اللعبة تلك النكهة التنافسية، وغابت اللمحات الفنية الجميلة وافتقرت أغلبية اللقاءات لتلك الإثارة، لذلك لن نظلم هذه النسخة من الدوري عندما نصفها بأنها الأضعف، حيث المباريات الطابقية والفوارق الفنية وهذا من شأنه ألا يدعم اللعبة ولا يطورها.

تطور وتراجع

شهدت السلة الأنثوية في عهد الاتحاد الحالي تطوراً ملحوظاً ساهم في ظهور جيل جديد من اللاعبات اللواتي يبشرن بالخير في المستقبل القريب وازدادت شعبية اللعبة وجماهيريتها بعد أن فتح باب المشاركات أمام منتخبات السيدات، فجاءت النتائج جيدة ومبشرة بالخير، وكان من المفروض أن يؤسس الاتحاد على هذه النتائج لمرحلة أوسع وأشمل للمرحلة القادمة على أمل أن تستعيد سلتنا الأنثوية رونقها وألقها وتعود إلى سابق عهدها بعدما شهدت تراجعاً كبيراً وخسرت بالمقابل العديد من كوادرها ولاعباتها ومدربيها، وهذا من شأنه أن يعيدها للوراء مسافات كبيرة.

ولا نغالي كثيراً إذا قلنا بأن سلتنا الأنثوية كانت رقماً صعباً على الصعيد العربي، ومنتخباتنا يحسب لها ألف حساب بفضل وجود لاعبات سطعت أسماؤهن وحققن نتائج مشرفة في تلك الفترة لكن الأخطاء المتراكمة تسببت في تراجعها إلى حافة الهاوية من دون أن تكون هناك حلول ناجعة لدعمها وتطويرها.

خطوات جيدة ولكن

على الرغم من الخطوات الجيدة التي خطا بها الاتحاد الحالي غير أنها لم تكن كافية بعدما فعل الزمن ما فعله لأن سلتنا الأنثوية مازالت تخطو خطوات عرجاء وغير واضحة، لا بل عشوائية من دون خطة إعداد صحيحة في أغلبية الأندية باستثناء بعض الأندية التي تعمل على قواعدها بشكل صحيح، ما ساهم في خلق خامات ومواهب كثيرة من الطبيعي أن تعطي في حال توفرت لها المناخات التحضيرية الجيدة.

غير أن الاتحاد الحالي صب جل اهتمامه بمنتخبات الرجال التي غنجت بكل ما لذ وطاب من خزينته، ولم يتمكن من أن يعير اللعبة الناعمة أدنى درجات الاهتمام، وعلى الرغم من التطبيل والتزمير الذي يمارسه اتحاد كرة السلة للتباهي بإنجازاته التي يعتبرها خارقة وفريدة واستثنائية، فإنه من المؤكد أنه لم يطلع أو يجري نظرة شاملة على مستويات فرق السيدات منذ توليه مهامه ليشاهد الانحدار التاريخي للسلة الأنثوية بعد أن ظهرت المباريات الطابقية في دورينا هذا الموسم وباتت علامة مميزة، وإن كانت بعض أندية الشهباء تعتبر كقطرة المعقم الوحيدة للعبة، إلا أنها هي الأخرى باتت أشبه بحالة استثنائية في الظرف العام التي تمر فيه السلة الأنثوية، ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل ازدادت المشكلة تعقيداً بعدما أهملت اللعبة في بعض الأندية وألغيت في أندية أخرى من دون أن يحرك أحد ساكناً أو يهب لنجدتها.

شح الإمكانات

من أهم أسباب تراجع وتدهور السلة الناعمة، اهتمام إدارات الأندية بفرق الرجال سواء في لعبتي القدم والسلة اللتين تستنزفان ميزانية الأندية على حساب اللعبة الأنثوية التي لم تعد تجد من يهتف باسمها أو يساندها أو ينادي بها، ودعونا نتحدث بكل صراحة بأن التراجع وصل أوجه حتى مع أندية الشهباء، وأكبر مثال على صحة كلامنا ما يجري مع سلتي الجلاء وأهلي حلب، فسلة الجلاء أصبحت هذه الأيام في أضعف حالاتها بعد أن خسرت أفضل لاعباتها ولم يتمكن القائمون عليها من تعويض هذا النقص الكبير، الأمر الذي انعكس على نتائجها منذ عدة سنوات، فالفريق أصبح فريقاً وديعاً لا تحسب فرق الدوري له أي حساب، وكذلك الحال في أندية الأهلي واليرموك والعروبة والحرية التي شهدت تراجعاً مخيفاً وهجرة كبيرة بلاعباتها فما إن تصعد لدوري الأضواء حتى تعود أدراجها إلى الدرجة الثانية.

أما في مدينة حمص فالسلة الأنثوية غائبة ومعدومة ولا توجد نية في بناء قواعد اللعبة، وكذلك الحال في مدينة حماة فهي لا تعرف أنديتها أي فرق للسيدات منذ سنوات طويلة، أما في العاصمة فالوضع مختلف وهناك من يجتهد ويعمل وأندية بدأت تتطور وإن بدا تطورها على حساب ضعف باقي الأندية، إلا أن خطواتها الأولى كانت صحيحة ولا بد أن تصل لنهائيات مثمرة ومفيدة في حال استمرت على نفس الطريق، فسلة الثورة هي الوحيدة التي تعمل على نفسها وتجتهد وبدأت بحصد نتائج عملها، على حين أن سلة الوحدة استعادت توازنها وباتت قادرة على العودة بقوة للمنافسة وأكبر دليل نتائجها الموسم الفائت والحالي، فالفريق الذي اعتلى منصات التتويج لسنوات طويلة بات قادراً على أن يفرض نفسه كمنافس عنيد وقوي.

أما سلة سيدات نادي بردى فكان حالها كحال نهرنا العظيم الذي جفت مياهه ونضبت ينابيعه، وفاحت رائحة مستنقعاته الآسنة، لكنها بدأت تستعيد ألقها بعدما عرفت الإدارة كيف تختار كوادرها ولاعباتها وعملت من جديد على قواعدها فأتت نتائجها مقبولة إلى حد ما.

وأما سلة سيدات نادي الجيش فحدث ولا حرج بعد أن نسيت إدارة النادي اللعبة من أساسها ووزعت لاعباتها على باقي الأندية منذ زمن بعيد، لكنها استفاقت مجدداً وبدأت في إعادة اللعبة منذ موسمين، لكنها مازالت غير قادرة على العودة للأضواء، ولتشهد اللعبة في نادي قاسيون أصعب قرار عندما قررت الإدارة القضاء على آخر بصيص أمل وقررت حل اللعبة من جذورها ضاربة عرض الحائط بكل ما وصلت إليه اللعبة منذ نشأتها من لاعبات ولاعبين وجدوا أندية أخرى ملاذاً لهم، وصبت الإدارة جل اهتمامها بالألعاب الفردية تحت حجة عدم توفر السيولة المادية، وفي نادي الساحل شهدت اللعبة تراجعاً كبيراً ابتداء من الموسم الماضي وخسر النادي أفضل لاعباته حتى أصبح البحث عن مدرب يقوده أشبه بضرب من ضروب المستحيل ونتائج سلة الساحل هذا الموسم أكبر دليل على صحة كلامنا.

تراجع مخيف

لم يكن حال سلتنا الناعمة أفضل في دوري الثانية فهناك أندية نسيت اللعبة بسبب ضعف الإمكانات المادية وغياب البنى التحتية لهذه الأندية، فالسلة الأنثوية في أندية الدرجة الثانية أصبحت كزهرة من زهرات الخريف لا لون ولا رائحة لها، وشهدت تراجعاً مخيفاً لا بل تلاشت في بعض الأندية إلى حد النسيان، وباتت تعتمد في جل عملها على الاجتهادات الخاصة من قبل محبي اللعبة دون أن نلمس أي بارقة أمل في تطور هذه الأندية منذ سنوات طويلة وكل ذلك يعود لضعف الإمكانات المادية في هذه الأندية وضعف استثماراتها.

فإذا كانت أندية الدرجة الأولى عاجزة عن دعم فرقها السلوية، فكيف الحال في أندية تعيش على التبرعات والهبات وتفتقد كل مقومات الاستثمار والاحتراف والصالات التدريبية.

خلاصة

أيها السادة القائمون على سلتنا الأنثوية إذا أردنا أن نبني بناء متيناً، فلن نستطيع استبدال التراب بالإسمنت، ولا الحديد بالبلاستيك، والأفضل وقتها ألا نبني أبداً إذا كانت مقومات البناء غير متوفرة، وغير موجودة، وهذا ما ينطبق على السلة الناعمة في الفترة الحالية، فالأفضل لاتحاد السلة أن يضع كلتا اللعبتين في كفة ميزان واحدة من حيث الدعم والاهتمام فذلك أفضل بكثير من العمل بعشوائية وبخطوات عرجاء وغير واضحة لا يمكن أن تبشر بغد مشرق للعبة الأنثوية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن