الخبر الرئيسي

في حوار فكري وسياسي مع وزير الخارجية الأبخازي … الرئيس الأسد: الأحادية القطبية أمر متناقض في بنيته وأوصلت العالم إلى هذه الفوضى

| الوطن

في حوار سياسي وفكري مع وزير خارجية ابخازيا إينال أردزينبا، قدم الرئيس بشار الأسد رؤاه وتصوراته حول جملة من الموضوعات السياسية والوطنية والإنسانية، وتحدث عن الثمن الباهظ الذي تدفعُه الدول والشعوب لقاء كرامتها، وعن عقدة العظمة الموجودة لدى الغرب، ودور الدول التي تتطلع لاستقلالية قرارها وسيادتها.

الحوار الذي بث جزء كبير منه مساء أمس في حلقة استمرت لمدة 22 دقيقة، جاء ضمن برنامج جديد أطلق عليه اسم «الأغلبية العالمية» عرضته القناة الرسمية الروسية ويقدمه ويعده وزير خارجية أبخازيا الذي أراد أن يفتتح أولى حلقات برنامجه الجديد من دمشق ومن القصر الرئاسي ومع الرئيس بشار الأسد الذي وصفه المعد والمحاور والوزير بـ«الشخص الذي تحدى الغرب الجماعي، واستطاع أن يحمي بلده، وأن يحمي المصير التاريخي لشعبه وأصالته».

ويهدف وزير الخارجية الأبخازي من خلال برنامجه الجديد إلى إجراء حوارات مع عدد من أبرز قادة العالم للإضاءة على رؤاهم في القضايا العالمية المطروحة، وعلى رأسها قضية التعددية القطبية، والهويات الوطنية ومستقبل العالم في ظل المتغيرات التي يشهدها اليوم.

في الشأن السياسي اعتبر الرئيس الأسد أن النزاعات في السنين العشر الأخيرة لها علاقة بالهوية الوطنية، والتي يجب أن نتعلم كيف نحميها من التأثيرات الخارجية، فالطريقة الوحيدة للانتصار علينا هي تدمير هويتنا الوطنية، والهوية الوطنية مفهوم فضفاض وينطوي على الكثير من المعاني، بما في ذلك الثقافة ومنظومة القيم والتقاليد.

وتطرق الرئيس الأسد في حواره إلى مفهوم التعددية القطبية، معتبراً أن الأحادية القطبية أمر متناقض في بنيته، وهي من أوصلت العالم إلى هذه الفوضى التي تدفع ثمنها بلدان عديدة في العالم ومنها سورية، لافتاً إلى أن مشكلتنا اليوم تكمن في انعدام وجود قواعد واضحة للتعاون بين الدول، وهذا ما يؤدي إلى نزاعات دائمة.

وبخصوص الدور الروسي والعلاقة مع روسيا، لفت الرئيس الأسد إلى أن روسيا دعمت الشعب السوري وحمت استقلالية سورية، وبذلك حَمَت القانون الدولي، وهي وقفت في وجه الإرهاب الدولي، فالإرهاب الحالي متجانس إيديولوجياً، وروسيا دخلت بحرب معه على الأراضي السورية، وعندما تحمي السوريين فهي تحمي بلدها، وقال: «عندما قالت روسيا كلمتها في محاربة الإرهاب كان هذا مهماً على المستوى الدولي عامةً، ولمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط ومنطقتنا خاصة، لأن لدى سورية موقعاً جيواستراتيجياً مهماً جداً».

وفيما يخص الدور الصيني، رأى الرئيس الأسد أن الصين عرضت أنموذجاً آخر لما قدمه الغرب، وهذا أنموذج هو مزيج بين المبادئ الشيوعية والاقتصاد الرأسمالي، ونتج عن هذا المزيج دولة مركزية اجتماعية لديها حرية اقتصادية للشركات، وقال: «نلاحظ منذ العام 2008 كيف تنهض الصين بثبات يقابله انحدار للاقتصاد الغربي، وعليه فإن الصين أثبتت أن المبادئ الرأسمالية مهمة جداً للاقتصاد، ولكن الرأسمالية كأنموذج لإدارة الدولة محكوم بالفشل، هكذا نرى الدور الاستراتيجي للصين في العالم».

أما فيما يخص إمكانية وجود فرصة ولو بعيدة المدى استراتيجياً لإعادة الحوار مع الغرب الجماعي، فاعتبر الرئيس الأسد أن الأمل موجود دوماً، قائلاً: «حتى عندما نعرف بأنه لن يكون هناك نتيجة علينا أن نحاول، فالسياسة هي فن الممكن، وعلينا أن نعمل معهم بغض النظر عن رأينا السيئ بهم ونشرح لهم أننا لن نتنازل عن حقوقنا، وسنتعاون معهم فقط على أسس المساواة، وأميركا حالياً بشكل غير شرعي تحتل جزءاً من أراضينا وتمول الإرهاب وتدعم إسرائيل التي أيضاً تحتل أراضينا، ولكننا نلتقي معهم بين الحين والآخر، مع أن هذه اللقاءات لا توصلنا إلى أي شيء، ولكن كل شيء سيتغير».

الرئيس الأسد أكد أن السياسة الغربية وخاصة الأميركية تُبنى على مبدأ فرّق تسد، وهذه هي طريقتهم للسيطرة، واصفاً هذه السياسة بأنها نوع من الابتزاز، وهو وضع غير أخلاقي، ملخصاً السياسة الأميركية بالقول: «أميركا تحوّل أي نزاع إلى مرض مزمن خطر، كما هو داء السكري أو السرطان، ومن يدفع ثمن النزاع هي الأطراف المتحاربة، وعندما نقول أميركا فإننا نعني كل الغرب، لأن الغرب مُسيطر عليه بالكامل من الولايات المتحدة الأميركية، وأميركا تستفيد من أي نزاع وبعدها تتنحى جانباً وتبدأ بمراقبة الفوضى المتنامية، وتنتظر اللحظة المناسبة لتسديد الضربة القاصمة، فبالنسبة لأميركا كلُ نزاع مربحٌ».

الحوار مع الرئيس الأسد تطرق إلى الجانب الإنساني، واعتبر أنه من المناسب أن يقرر الآباء ماذا سيكون الأبناء، الآباء يستطيعون تربية أولادهم على حب الوطن، واحترام تاريخ البلد، والاستعداد للبذل من أجله، ومن المهم أن يحصل المرء على المؤهلات في مجال علمي ما، وبعدها عليه أن يقرر في أي مجال يستطيع أن يخدم بلده، وقال: «أولادي عاشوا الحرب وكثيراً ما يطرحون عليَّ سؤالاً: لماذا بدأت هذه الحرب؟ وإذا صمد أبناء جيلهم خلال الهجمة الليبرالية وتمكنوا من فهم لماذا كانت الحرب حتمية، فهذا الجيل سيكون ناجحاً جداً».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن