في البدء تُحدّثنا مجلدات الأدب العظيم عن «سير العارفين» وشعاع معرفتهم العظمى ونورها الأزليّ وعن أصحاب العقول النيرة الذين أثبتوا أن الثقافة هي خير من يُمثّل «نداء المعرفة الأول» وحقيقة الثقافة ومعرفتها المُثلى.
هؤلاء الذين يجب تسميتهم «أصحاب العقول النيرة» الذين يسمو بهم «جُلَّ الصوت المعرفيّ والنداء الأسمى»، نداء الشيء المعرفيّ ويقين المبتدأ التابع وما نزال نتحدّث عن المعرفة وكلّ يهتم بها، كلّ من يؤمن بحقيقة صوتها القويم الذي يُمثّل في حقيقية «صوت العلماء والأدباءِ» الذين يبرقُ سنا وجدهم وحضورهم المنير.
ويُمثّل «سِيرة العارفين» وسنا الضّوء الذي ينهمر من حيث هم.
ومن حيث تمتثل حقيقة المعرفة المُثلى والعظمى في آن معاً..
حيث تتمثل تلك المقولة التي تقول: عظيمة هي تلك المعارف.
وعظيم من يعرف أحكامها، ومن يُترجم أحكام منطقها الراقي، ومن يؤمن بضرورة سيطرة «قوّة المنطق وصوته العقلانيّ» الذي يصدح عن أهل المعرفة والعزائم.
ومن يبحثُ عن سِيرة العقلاء ويستقرئ خبرها الثقافيّ، يستقرئ نور أمرهم المعرفيّ الذي يبدو وكأنّه يُحادث جُلّ نطقهم الجماليّ ونبوغ ذواتهم العارفة.
وكذلك من يؤمن بضرورة سطوع شموس تلك السير التي يجب تمجيدها على مرِّ التاريخ.
هذه السير التي تتوهج علماً ومعرفةً وتؤلف ما يُسمّى منهجيّة عظيمة من المتأملين أو سِير العارفين.
هؤلاء الذين حملوا مجد الأوّلين، فكل منهم حمل شعاع البقاء الأجمل ولواء من المعرفة، حيث نوره الفكريّ الوهّاج الذي لا يغيب، وحيث تتجلّى عراقة الفكر الإنسانيّ الذي لا يختصر، وقد تتجلى «بسِير العارفين» وبما يُسمّى عراف القيم المعرفيّة، ويقرأ جميع الحضارات في آن معاً.
وبالتالي يُشكل حالاً من السموّ المعرفيّ العظيم، إذ تختصر به عناوين المعرفة والأسماء، ويبدو وكأنّه يُمثّل مضاف الشيء الجمال عندما يُضاف ويحمل في بواطن أمره وظواهر وعده.
كما يحملُ تزاحم الأبجديات وتراكم الِسير إن سطع نورها الأول والأخير وكُتبتْ فلسفات من «سِير العارفين» الذي يظهر من أمرها ذاك الشيء المعرفيّ الموثوق وما أبهاه!
ذاك الشيء الذي يضم عظمة المعارف، وبالتالي يُحدّثنا عن الذين ارتقوا معرفةً وعلماً وخُلقاً فكانت سِيرهم تتعاظم في شتى المجالات وتكون حاضرة وبالتالي كانوا يمثلون خير من أنجزَ مهامه المعرفيّة بشكل يُحقّق الجمال الأدبيّ وفنون الريادة المعرفيّة، وبما يجعل الأنوار المعرفيّة تسطعُ ويبرقُ نجمها ويبعث بخير ما يقوله الأدب من رواياتٍ صادقة الرسائل الإنسانية.
هذه الِسير التي تُحادث «عهد الأوّلين» وتجمع بين كلّ ما كان من أمرهم وتعرب نحويات شأنهم وتُحادث فضائل عظمتهم.
وبالتالي تناجي من يستنير بمشكاة الأدب ويمشي على ضفتيّ نهره، ويحادث جوازم أمره ويعتلي عرش كلامه كالمتنبي أو مثل هؤلاء الشعراء الذين غاصوا في بحر الأدب وعثروا على بعض محاره.
وبالتالي قالوا كلمتهم «كلمة المعرفة العظمى» وأوثقوا نور عُراها الوثقى، وألقوا السّلام على من حملوا لواء الفكر الأوّل.. وكانوا خير شهود على بزوغ فجر النهوض الأدبيّ.
وكانوا أول من «نطق المعرفة» هو أبجدية بحدّ ذاته، وهو يُشكّل ذاك السِفر الأدبيّ الموثق الدلالات الذي يصيغ حكايةً من عظمة الأدب وإن تُليتْ بعض دساتيره المعرفيّة، وبالتالي يصيغُ «سِيرة العارفين».