من دفتر الوطن

دورة الحياة

| عصام داري

بداية يوم جديد، وتستمر دورة الحياة، ولا تغيير في مسيرة الأيام، ونحن نستقبل الآتي باستسلام مطلق، لأننا جزء من المعادلة، ولأن خياراتنا تقودنا لهذا (الآتي).. فنحن نسهم في رسم بعض يومنا وغدنا عندما نضع مشاريعنا الصغيرة لليوم والغد ونحاول ترجمة هذه المشاريع.

نخطط، نرسم، لكننا لسنا واثقين من النجاح، فالمتغيرات خارجة عن إرادتنا في أغلب الأحيان، وعلينا أن نتكيف مع كل شيء وإلا فسنشعر بالإحباط والخيبة والخذلان مراراً وتكراراً، وسلاحنا الأمضى الصبر والأمل، وبأننا قادرون على النجاح وكسر الخيبات، وتحطيم غرور الظروف بالتراضي معها وتجييرها لمصلحتنا، أو بالانتصار عليها في معارك يومية ليست سهلة على الإطلاق.

علينا أن نعيش حياتنا بالطول والعرض وننقب عن الفرح في صخور الأحزان، نستطيع جعل صباحاتنا مناسبات للفرح وبدايات من نور وعطر وتفاؤل لنهاراتنا، نحتاج جميعاً لراحة نفس وجسد تمكننا من مواصلة الحياة بأسهل وأرقى وأفضل السبل، والفرح موجود في الطبيعة، إنه مادة خام علينا استخراجها بقليل من الجهد من ذواتنا ونفوسنا، فابحثوا عن فرحكم قبل أن يحصدكم الحزن وتحاصركم الهموم والمشاكل.

أظن أننا تجاوزنا سن الرشد، وتعلمنا كيف نصنع أفراحنا، ونتعالى على الأحزان، وأن نتمتع بدفء شمس الربيع، وأن نطرب لأغنية، أو قصيدة تحرك مشاعرنا وأحاسيسنا، ونكتشف من جديد أن الحياة حلوة، لكن علينا معرفة السبل التي تجعلها كذلك، وهذه مهمة العقل والقلب.

ولادة الشمس تشبه تفتح زهرة، زقزقة عصفور، لكن في كل الأحوال، هي ولادة جديدة، وبداية قصة أو قصيدة، بداية حياة بكل تلويناتها وتفاعلاتها، وهي دورة هذه الحياة.

لأننا بشر نبحث عن فرص الحياة، عن فرح عابر يداوي أحزاننا، عن سعادة هجرتنا منذ سنوات طويلة، نصل إلى حافة اليأس أحياناً، إلا أننا في لحظة تأمل نكتشف الدروب المؤدية إلى الغد المشرق، وأفضل تلك الدروب والمسالك هو الأمل والتفاؤل والرجاء.

نعيش على الأمل، ولا نفقد التفاؤل، لأن حياة الإنسان على الأرض رهن بهذا الأمل وذلك التفاؤل، وقد قالوا قديماً، ومازال قولهم سارياً: إن الأمل هو الحياة، ومن يفقد الأمل يختر الموت بإرادته.

مؤكد أن الأيام ضغطت على صدورنا حتى كاد الموت يسحبنا إلى عوالمه البعيدة المجهولة، لكن إرادة الحياة، وعشق الدنيا ومباهجها وأعراسها وأفراحها، جعلتنا نتحدى الموت وننتصر على هجمات الظلام والعتم المصنوع في عصور الجهل واغتيال العقل.

قد نجبر على اتخاذ قرارات ليست مريحة، بل مؤلمة جداً، لكن ذلك يؤكد أننا نبحث عن دواء شاف لأمراض تزاحمت وباتت تحاصرنا وقد أتعبت قلوبنا وأرهقت عقولنا.

على الرغم من كل هذا التعب والوجع علينا بذل جهوداً مضاعفة لتحقيق انتصار على كل شيء في عالمنا المجنون، الذي يضج بالمتناقضات التي تميز بني البشر عن بقية المخلوقات.

علينا مسايرة دورة الحياة مهما كلفتنا من جهد ووقت وتعب، لأننا لا نستطيع معاندة الأقدار وتحدي الزمن، ويقولون: من رضي عاش، فهل نرضى كي نعيش؟.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن