تأبين الفنانة التشكيلية لجينة الأصيل … وزيرة الثقافة: فنانة سورية أصيلة قضت حياتها في عطاء فني مميز
| مايا سلامي - تصوير: طارق السعدوني
أقامت وزارة الثقافة ظهر أمس حفل تأبين ومعرضاً استعادياً لأعمال الفنانة التشكيلية الراحلة لجينة الأصيل في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق.
وغادرت الفنانة عالمنا في التاسع والعشرين من شهر شباط الماضي بعد مسيرة طويلة عرفت خلالها بامتلاكها أسلوبها الخاص والمتفرد على درب الطفولة واقترن اسمها بعالم رسوم الأطفال فدخلت تفاصيله بإبداع ريشتها وأهلها ذلك لأن تنال جوائز عالمية عديدة.
فنانة أصيلة
وفي تصريح لوسائل الإعلام أكدت وزيرة الثقافة د. لبانة مشوّح أن لجينة الأصيل فنانة سورية أصيلة قضت حياتها في عطاء فني مميز ورأينا في هذا المعرض نماذج من نتاجها الفني المتعدد الأوجه، المتطور عبر الزمن أسلوباً وفكراً وتعبيراً، وانتهينا بأقرب نوع إلى نفسها وأكثر أمر محبب لديها وهو رسوم الأطفال.
وأوضحت أن لجينة الأصيل ارتقت برسوم الأطفال ليصبح فناً راقياً يوازي أي فن تعبيري آخر، ويكفيك أن تقف أمام لوحة من لوحاتها لتنسج حكايات وتحلق بخيالك حتى عندما كانت ترسم النمط الكلاسيكي كالبورتريهات أو الطبيعة الصامتة ثم انتقلت إلى التعبيري والتجريدي، منوهة إلى أنها خلال هذا التطور حافظت على أصالتها وعلى تمسكها بالمرأة كقيمة أساس في المجتمع والحياة وكمبعث أمل وعطاء حتى في أصعب حالاتها وألمها.
وقالت: «أردنا أن نحييّ هذه الفنانة الكبيرة بإقامة حفل تأبين لها في مكتبة الأسد ويرافقه معرض للوحاتها ولكن كسبنا أكثر ما كسبت هي، كسبنا معرفة أعمق بفنها وتطوره وربما على أطفالنا وشبابنا والعاملين في حقل الفن التشكيلي أن يتعرفوا أكثر على هذه الرحلة الفنية الغنية جداً والمقدرة إلى أبعد الحدود، رحم اللـه الفنانة لجينة الأصيل، ومن مهامنا ومسؤولياتنا في وزارة الثقافة أن نحتضن الإبداع ونكرم المبدعين في حياتهم وبعد رحيلهم».
عقدة الوسط
وقالت صديقة الفقيدة الفنانة التشكيلية أسماء فيومي: «يشرفني الحديث عن صديقتي لجينة، كنا في الماضي أربع صديقات وكانت هي عقدة الوسط بين صديقاتي وأقربهم إليّ، فكنا نتحدث يومياً بكل تفاصيل حياتنا».
وأكدت أنها كانت إنسانة قوية تذهب وحدها لتلقي جرعات العلاج التي لم تخف منها يوماً وكانت تتعب من دون أن تعترف لأنها كانت محبة للحياة وللطفل، وأنها شجاعة وصبورة وفنانة وموهوبة.
وأضافت: «عندما رحلت لجينة شعرت بأن شيئاً مني قد رحل لأنها كانت قريبة جداً مني وكنت أحب عائلتها وكيفية تربيتها لبناتها إضافة إلى عطائها الكبير».
أشياء مشتركة
بدوره تحدث الشاعر بيان الصفدي عن الراحلة قائلاً: «من مصادفات حياتي أنني تعرفت إلى الفنانة لجينة الأصيل في بغداد، كنت حينها طالباً في الجامعة، وكنت أعمل في مجلة «المزمار» عندما قالوا لي إنها موجودة في الإدارة وتبحث عني، وكنت في وقت سابق قد نشرت في مجلة «أسامة» وهي كانت ذواقة جداً أحياناً تحب عمل الكاتب أكثر من الكاتب نفسه، ومنذ ذلك الوقت بدأنا باللقاءات والأحاديث ثم عدت إلى سورية وبدأنا مسيرة طويلة من الأشياء المشتركة».
وأضاف: «كانت إنسانة مثقفة جداً ومن أخلص وأطيب الأصدقاء، واشتركنا في مشروعات أعتز بها، ورسمت لي أول مجموعة أصدرتها عن وزارة الثقافة اسمها «مصباح علاء الدين»، ثم اشتركنا في لبنان بمجلة «أحمد»، وكانت دائماً تدفعني وتحفزني على الإبداع».
وتابع: «شاءت الأقدار أنني استلمت رئاسة تحرير مجلة «أسامة» وكانت هي أول من أعطاني جرعة من الأفكار واقترحت مجلات للطفولة المبكرة داخل مجلة «أسامة» كان اسمها «فراشات». ثم واصلنا أعمالاً فنية عديدة كان آخرها في سلطنة عمان حيث طلب مني ومن السيدة لجينة أن نقوم بكتابة سلسلة عن أهم أعمال سلطنة عمان عبر التاريخ وأنجزنا هذا المشروع وسافرنا معاً… كانت إنسانة وطفلة تزداد طفولتها عبر الزمن».
إنسانة عظيمة
كما قالت طالبة الراحلة الفنانة التشكيلية ريما كوسا: «السيدة لجينة كانت أماً بالنسبة لي لم تبخل عليّ يوماً بأي معلومة، عرفتها منذ عشرين عاماً بعد تخرجي وكنت أزورها في مرسمها وعندما شاهدت مشروع تخرجي قالت لي إنه يناسبني أن أرسم للأطفال وكانت سعادتي كبيرة بهذه الشهادة المهمة من إنسانة عظيمة لديها الخبرة في هذا المجال».
وأضافت: «في وقت لاحق شاركنا في ورشة عمل بالمركز الثقافي الألماني وكانت المرة الأولى التي تشاهد فيها أعمال على أرض الواقع وأحبتها وعرضت لي ثلاث لوحات، فشعرت باهتمامها بموهبتي التي صقلتها بنصائحها واهتمامها».
زوجة وأم
وأكد زوج الفقيدة أمين شيخاني أن الحقيقة هي أن لجينة كانت فنانة بالتوازن بمسؤولياتها بين العائلة والعمل، لم تفضل شيئاً على حساب الآخر، وهذا التوازن جعل عائلتنا متماسكة.
وقال: «في السنوات الأولى من زواجنا اشتركنا في عدة أعمال، ولجينة كانت عاشقة لشيء اسمه رسوم أطفال وكانت تشتغلها بكل الحب الموجود لديها، وعكست محبتها في كل شيء بالمنزل، وهي زوجة وأم وربة منزل، ودعمتها كما دعمتني هي أيضاً».