من دفتر الوطن

نفق المشاكل!

| فراس عزيز ديب

بعيداً عن الأرياف، في الكثير من المدن السورية هناك شوارع أو جادات لا تعرف لماذا سُميت بهذا الأسم، مع العلم أن هناك الكثير من الروايات المتزاحمة التي يبدو بعضها مقنعاً والبعض الآخر حُكماً لا، لماذا سميت جادة الخندق في قلب حلب بهذا الاسم؟ ولماذا سميت المشاحير في اللاذقية بهذا الاسم وغيرها الكثير التي لا مكان لذكرها هنا، هذه الفكرة عادت إلي وأنا أُتابع السجالات التي لم تنته بما يتعلق بنفق المواساة حتى قبل افتتاحه، لدرجةٍ قلت فيها لربما: إن الحكومات المتعاقبة كان لديها نظرة ثاقبة بعدمِ البدء بمشاريع ميترو الأنفاق أو حتى الترام، هل لنا أن نتخيل ماتتطلبه هذه المشاريع من جسور وأنفاق؟ تخيلوا فقط لو أن كلاً منها خلقَ سجالاً كما هو الحال اليوم فستتكرر حكماً مأساة استاد حلب الدولي الذي احتاج لعقدينِ من الزمن بالتمام والكمال لينتهي!

لكن على المقلب الآخر لماذا لا ننظر إلى الأمر بصورة معاكسة، إذ ليست كل السجالات مذمومة والعياذ بالله أو هي رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه؟ يا ترى هي رجسٌ أم رجساً؟! أخشى ما أخشاه أن نخرجَ من سجال لندخلَ بآخر، لكن مهما يكن دعونا نقول بأن «النية صافية» فهناك من لفتَ نظره ما ظنَّه خطأ لغوياً أو كتابياً وحاول التنبيه إليه، هذا أن دلَّ على شيء فإنه يدل على أن لغتنا الأم لا تزال في قلب من يحبونها ويغارون عليها، أليسَ الأمر إيجابياً؟

بصراحة كنت سأقتنع بهذهِ الفكرة لولا أمران:

أولاً: لاشك في أن هناك من تحدث بحسن نية، لكن دعكم من السجالات اللغوية، ممنوع من الصرف أم ليس كذلك، لكن عبارة «أبيضاً» هي حكماً أكثر جمالية، ولو كنت صاحب قرار لتركتها كما هي، ثم هل فكرَ من اعترض بالبحث عن أصل العبارة؟!

ثانياً: هناك فرق بين النصيحة والتشفي، فالناصح الحقيقي والمحب لا يسخر، لا يشهِّر، لا يستهزئ ولا يقزِّم جهوداً جبارة لأن ذنب المشرفين على المشروع بكل جماليته والخدمات التي سيقدمها أن «سيبويه» ليس عضواً في لجنة الإشراف على إنجاز المشروع، باختصار الناصح لا يتصيد أو يستغل خطأ صفة ممنوعة من الصرف ليفتح «مصارفهُ» النتنة والحاقدة على أي شيء في بلدهِ ويبدأ مرحلة التشفي والتجني بسببٍ أو من دون سبب ليبدأ مقارناته القميئة.

في الخلاصة: لا أعرف حقيقةً من أين جاءت تسمية النفق «المواساة» لكن لو كان لدي مقترح ومن باب الفكاهة لطلبت تثبيته باسم «نفق المشاكل» ونكتب في تعريفه للأجيال القادمة:

سميناه بهذا الاسم، هنا حيث اجتمع أكثر من أربعين «سيبويه» ظنوا أنفسهم أفهم من شاعرِ دمشق.. نزار قباني! طوبى لليد التي تبني ولا عزاء للمتصيدين!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن