في الثاني والعشرين من شهر نيسان وبمناسبة عيد الفصح حسب التقويم الإسرائيلي، نشرت المجلة الإلكترونية العبرية «يسرائيل هايوم» نص رسالة التهنئة التي بعث بها الرئيس الأميركي جو بايدن للحكومة الإسرائيلية بالإنكليزية وترجمتها للعبرية جاء فيها نصاً: «غداً في الليل سيحتفل اليهود في كل أنحاء العالم بيوم الفصح لاستعادة ذكرى قصة خروجهم من مصر ورحلتهم إلى الحرية»، وتضيف الرسالة: «لن ننسى أبدا الفظائع البشعة التي ارتكبتها حماس وإن التزامي بأمن الشعب اليهودي وأمن إسرائيل وحقها في الوجود كدولة يهودية مستقلة هو التزام عميق وصلب كالحديد، وإن سردية اليهود عن محاولات إبادتهم جيلاً بعد جيل، تحمل في هذه السنة معنىً عميقاً ومؤلماً بسبب شر فاق التصور واجهوه في السابع من شهر تشرين الأول الماضي وشكل أشد الأيام قتلاً للشعب اليهودي منذ المحرقة».
بهذه الطريقة المستغربة جداً يتهم بايدن المقاومة بارتكاب ما يشبه المحرقة للإسرائيليين وعدد القتلى الذين ذكرتهم المصادر الرسمية الإسرائيلية في بداية عملية طوفان الأقصى لا يزيد على 1200 من الجنود والمستوطنين المسلحين، علماً أن ارتباك القيادة العسكرية في منطقة جنوب فلسطين تسبب بمقتل عشرات الجنود والمستوطنين بنيران المروحيات العسكرية التي لم تميز بين الفدائيين الفلسطينيين لأنهم يرتدون ملابس مدنية وبين المستوطنين المدنيين المسلحين، وهذا ما جعل جيش الاحتلال ينفذ عمليات انتقامية ضد المدنيين من الأطفال والنساء داخل قطاع غزة في الأيام الأولى للمواجهة.
ينسى بايدن أن إسرائيل قتلت أكثر من 35 ألفاً من الأطفال والنساء فقط حتى الآن، وأقر الرأي العام في العالم كله بارتكابها جرائم واضحة وموثقة لإبادة شعب في قطاع غزة وكأن هؤلاء ليسوا بشراً، ويقول بايدن في رسالته: «ما زال اليهود في كل أنحاء العالم يتعرضون للصدمة النفسية منذ السابع من تشرين أول ويعيشون مضاعفاته»، وهو لا يستخدم هنا عبارة الصدمة النفسية للإسرائيليين بل «ليهود العالم»، والحرب الدائرة في الأراضي المحتلة لا تجري بين يهود العالم والفلسطينيين، بل بينهم وبين الذين يحتلون وطنهم ويقتلون أطفالهم في قطاع غزة والضفة الغربية، ويقول أيضاً: إن «عائلات المختطفين بشكل خاص يشهدون عيد فصحٍ قاسٍ»، وهو هنا لا يطلق عليهم حقيقة أنهم أسرى من الجنود والضباط والمستوطنين المسلحين وينسى أن الفلسطينيين تعرضوا للمذابح خلال ستة أشهر واختطف جيش الاحتلال أطفالهم ونساءهم في شهر رمضان المبارك وفي عيد الفطر وهي أيام مقدسة للعبادة وما زالوا مختطفين، ويضيف في رسالته: إن «هؤلاء الذين اختطفوا من اليهود جرى انتزاعهم من بيوتهم التي دمرت» ولا يرى أن 70 بالمئة من بيوت ومباني قطاع غزة جرى تدميرها على أصحابها وابتلع ركامها آلاف الجثث، كما ينسى أن جميع المستشفيات جرى تدميرها وقتل المرضى داخلها وأن 70 بالمئة من المساجد دمرها جيش الاحتلال، بل يضيف أيضاً بغطرسة وقحة: «إن إدارتي تعمل على مدار الساعة من أجل تحرير المختطفين ولن نرتاح إلا بعد استعادتهم»، وانتقل إلى التنديد بالرأي العام العالمي في أوروبا وأميركا لأنه يتعاطف مع الفلسطينيين ويطالب بإيقاف النار ويقول: «يجب علينا الوقوف ضد الموجة المقلقة لمعاداة السامية»، أي معاداة اليهود في العالم، وفي رسالته هدد بايدن طلاب الجامعات الأميركية الذين يتظاهرون ضد ما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين رغم أن عدداً من الطلاب اليهود قاموا بالمشاركة في هذه التظاهرات في أميركا وألمانيا بل، إن بعضهم اعتقل في ألمانيا، ويبدو من الواضح أن الإمبرياليين الاستعماريين في الولايات المتحدة وفي أوروبا يعلنون الحرب على العالم كله وعلى شعوبهم لأن إسرائيل كشفت عن أبشع صور الوحشية في مذابحها التي يراها كل فرد في هذا العالم في كل ساعة، ورغم ذلك لا يرغب الغرب لا بالتنديد بها ولا بمحاكماتها، علماً أن عدد الإسرائيليين لا يزيد داخل فلسطين المحتلة على ستة ملايين ونصف المليون، وربما غادر أكثر من مليون منهم هذا الكيان الإرهابي العنصري وفضل العودة إلى وطنه الذي جيء به منه، في حين أن الفلسطينيين الذين يحكم بايدن عليهم بالدمار والموت زاد عددهم على الخمسة عشر مليوناً ويبلغ عدد أشقائهم العرب أكثر من 460 مليوناً وعدد المسلمين الذين يعدون فلسطين مقدسة لهم وشعبها شقيق لهم أكثر من مليارين من البشر في العالم، لكنه لا يهمه كل هؤلاء الذين يشكلون ثلث البشرية ويدعم الكيان الإسرائيلي ضد كل هؤلاء، فهل سوف يصمت أكثر من 460 مليوناً من العرب على حماية أميركا لمجرمي الحرب وهم يرون أسلحتها تفتك بالفلسطينيين؟!