شؤون محلية

صحتي حقي

| ميشيل خياط

اعتمدت منظمة الصحة العالمية هذا الشعار، احتفاء باليوم العالمي للصحة، وتشبثت به في سياق احتفالها بذكرى مرور 50عاماً على برنامجها الموسع للتمنيع، أي تطعيم الرضع والأطفال ضد الأمراض الخطيرة، وكانت قد أطلقته في العام 1974، ومما لفت انتباهي في رسالة المديرة الإقليمية في منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط وغرب آسيا الدكتورة حنان حسن البلخي، أنه قد تم اختيار موضوع الشعار للدفاع عن حق كل شخص في أي مكان في العالم، في الحصول على الخدمات الصحية والتعليم والمعلومات، فضلاً عن مياه الشرب المأمونة والهواء النقي والتغذية الجيدة والسكن الجيد.

وإذا تمسكنا بالخطاب الصحي فقط، فإنه يساعدنا على أن نلح بقوة على طلب المساعدة كي تقوى مؤسساتنا الصحية على الاضطلاع بمهامها الإنسانية النبيلة، بكفاءة أفضل وفعالية أكبر وحتى تستمر في أداء دورها النبيل.

إن من يراجع مشافينا العامة الآن سيدهشه الازدحام الهائل، وسيدرك أنها قد غدت مشافي فقراء ومعدمين، ولا حاجة أبداً للتذاكي بشأن الدعم لمستحقيه، فمن يحتاج إلى تشخيص لمرضه بجهاز الطبقي المحوري _مع الحقن _ ويطلب منه أن ينتظر أربعة أشهر ليأتي دوره ثم أن ينتظر شهرين ليحصل على التقرير الذي يشرح حالته، هو فعلاً فقير جداً وميت مالياً، «فالروح كما يقال عزيزة»، ولو كان يملك مالاً لهرع إلى أقرب دار أشعة خاصة.

وثمة أمثلة أقسى ولاسيما لجهة العمليات الجراحية الكبرى.

فالفرق مع القطاع الخاص مذهل ومرعب، بدءاً بالمعاينة مروراً بالأشعة وانتهاء بالعمليات الجراحية.

وإذ نقرأ أن هناك مشروعاً لإصدار قرار يتبنى أسعاراً جديدة لخدمات الوحدات الطبية في المشافي العامة و(الخاصة) يشمل أجور العمليات والصور الشعاعية والعمليات الجراحية، بحجة أنه لم يطرأ على «التسعيرة» إلا تغيير واحد على أجور التحاليل المخبرية منذ العام 2004 وحتى الآن.

والغريب زج القطاع الخاص إذ تتقاضى مشافيه ما يريحها وما تشاء.

أما القطاع العام فلنا معه وقفة حاسمة.

1_ هناك تشريعات لا تلغى بقرار وزاري، نصت على مجانية الإسعاف وعلاج الأورام السرطانية ومداواتها، والقصور الكلوي المزمن وعمليات زرع الأعضاء كالكلية مثلاً، وعدة امراض نوعية أخرى

2_ إن المشافي العامة في مجملها تدريبية وتعليمية، وبهذا المعنى فإن المرضى يقدمون لها خدمات جليلة لا تقدر بثمن، وفي كثير من دول العالم يتقاضى المريض مبالغ ضخمة لسماحه للمتدربين بمعالجته.

3_ إن الأجور الشهرية لما يقرب من مليونين وخمسمئة ألف عامل ومتقاعد في الدولة السورية، فقدت قيمتها الحقيقية بسبب النسب العالية جداً للتضخم المالي، وبالتالي فإن الطبابة شبه المجانية في المشافي العامة، هي نوع من الدعم المالي التعويضي المفيد، ما يمنع أي توجه نحو اعتماد أسعار جديدة لخدمات الوحدات الطبية.

ومن المؤسف استخدام عبارة: إن السعي إلى الأسعار الجديدة هو محاكاة للواقع…!

أي واقع…؟ أجور العاملين والمتقاعدين أم المستلزمات الطبية المهربة التي تباع حسب الحدود الأخلاقية للتجار…؟

4_ لسنا ضد أن يتقاضى الأطباء وأصحاب المراكز الصحية النوعية الخاصة أو أصحاب المشافي الخاصة، المبالغ التي تريحهم وتؤمن لهم رغد العيش واستمرار الأداء، فهذا كله مفيد وفي مصلحة شريحة كبيرة، تملك مالاً طائلاً أولديها من يساعدها ويرسل لها الحوالات، أو أنها تعمل في التجارة والمهن المربحة.

إن أجرة يوم في العناية المشددة في مشفى خاص هي خمسة ملايين ليرة، ومع ذلك ليست تلك الخدمة متاحة في أي وقت ولمن يشاء، فإن الوصول إليها مشروط بالحصول على موعد مسبق حتى ولو كان المريض في سيارة الإسعاف، ما يعني أن تلك المشافي الخاصة تعمل بالأسعار التي تريدها وتريحها.

وقد يقال: كيف نبقي على شبه مجانية المشافي الحكومية ونطورها..! والجواب بقرع أبواب المنظمات الإنسانية الصحية الدولية وهذا حقنا المشروع بسبب الحرب والحصار ولكوننا دولة مساهمة في ميزانية الأمم المتحدة.

في العام 2018 نجحت مديرة مكتب منظمة الصحة العالمية في سورية سابقاً السيدة إليزابيت هوف، بتأمين احتياجاتنا من الأدوية النوعية والأجهزة الطبية وكثير من المستلزمات الطبية.

اقرعوا يفتح لكم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن