أكد أن الصين صادقة بتحسين العلاقات مع أميركا وتدعم مؤتمراً دولياً للسلام بين روسيا وأوكرانيا … وانغ: لابد من إنهاء كارثة غزة ونواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار
| الوطن
جدد وزير الخارجية الصيني وانغ يي التأكيد على موقف بلاده الداعي إلى تصحيح الظلم التاريخي الذي لحق بالشعب الفلسطيني عبر نيل حقوقه المشروعة وضرورة إنهاء الكارثة في قطاع غزة، وأشار إلى أن ما يجري في البحر الأحمر من تداعيات «الصراع» في غزة، مشدداً من جانب آخر، على أن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين وداعياً الولايات المتحدة إلى التخلي عن عقلية الحرب الباردة في علاقاتها مع الصين.
وفي مقابلة تلفزيونية، تلقت «الوطن» نسخة منها قال وانغ: إن استمرار الصراع في غزة أسفر عن كارثة إنسانية يجب ألا تحصل، وقد تجاوز الخط الأحمر للحضارة الحديثة، وعلى مدى نحو نصف عام أدى الصراع إلى مقتل وإصابة أكثر من مئة ألف شخص ونزوح أكثر من مليون شخص، فلا بدّ أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل.
تطبيق القرار 2728
واعتبر أن الدفع بتحقيق وقف إطلاق النار ومنع القتال في أسرع وقت ممكن مقدمة الأولويات في الوقت الحالي، وقال: إن «إطالة الحرب تعني تحدياً متزايداً لضمير البشرية وتقويضاً مستمراً لأساس العدالة». مشدداً على ضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2728 الذي يطالب بوقف إطلاق النار في غزة، موضحاً أن القرار ملزم، ولا بد من تنفيذه بشكل فعال، بهدف تحقيق الوقف الفوري والدائم وغير المشروط لإطلاق النار.
وأكد وزير الخارجية الصيني ضرورة ضمان وصول الإغاثة الإنسانية بشكل مستدام ومن دون عوائق، لأنه مسؤولية أخلاقية لا تتحمل أي تأخير، إذ يرفض الجانب الصيني رفضاً قاطعاً منذ بداية الصراع التهجير القسري للمدنيين الفلسطينيين والعقاب الجماعي بحق سكان غزة، ويدعم بنشاط إقامة آلية الإغاثة الإنسانية في أسرع وقت، ويقدم مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة باستمرار، في المرحلة القادمة، سيواصل الجانب الصيني العمل مع المجتمع الدولي على حشد كل الجهود في تنفيذ القرار بشأن وقف إطلاق النار وحماية المدنيين، وضمان وصول مواد الإغاثة الإنسانية إلى سكان غزة بشكل سريع وآمن ومستدام ومن دون عوائق.
وشدد وانغ على ضرورة منع استمرار امتداد التداعيات السلبية الناجمة عن الصراع، وذلك يمثل حاجة واقعية للحيلولة دون خروج الأوضاع في المنطقة عن السيطرة، مشيراً بهذا الصدد إلى أن «التصعيد الأخير للنزاع» بين إيران وإسرائيل أحدث تجسيد لامتداد تداعيات الصراع في غزة، داعياً الأطراف المعنية إلى الحفاظ على الهدوء وضبط النفس، تفادياً للمزيد من التصعيد للأوضاع المتوترة، في حين سيواصل الجانب الصيني بذل جهود حثيثة لتعزيز السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والمساهمة بطاقته في تهدئة الأوضاع، انطلاقاً من حيثيات الأمور وطبيعتها.
تصحيح الظلم التاريخي
كما أكد الوزير الصيني أنه من الضروري تصحيح الظلم التاريخي الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني في أسرع وقت، «باعتباره حلاً جذرياً للصراع في غزة، إذ أثبتت هذه المحنة في غزة مجدداً أن عدم تمكن الشعب الفلسطيني من الحصول على حقوقه الوطنية المشروعة منذ زمن طويل هو المصدر للقضية الفلسطينية وجوهر قضية الشرق الأوسط، معتبراً أنه لا يمكن الخروج النهائي من دوامة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وإزالة التربة التي تغذي الأفكار المتطرفة والكراهية بشكل جذري، وإحلال السلام الدائم في المنطقة، إلا من خلال إعادة العدالة للشعب الفلسطيني وتنفيذ «حل الدولتين» بشكل حقيقي وتسوية الهموم الأمنية المشروعة لجميع الأطراف سياسياً.
وأمام ذلك الواقع، أبدى وانغ حرص الصين على مواصلة العمل مع المجتمع الدولي بما فيه دول المنطقة على تعزيز التضامن والتعاون، والدعم الثابت للقضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه الوطنية المشروعة، والدعم الثابت لدفع المصالحة بين الفصائل الفلسطينية عبر الحوار، والدعم الثابت لفلسطين في الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، والدعم الثابت للشعب الفلسطيني لتحقيق إقامة دولته المستقلة و«حكم فلسطين من قبل الفلسطينيين».
وأوضح أن الصين تدعو إلى عقد مؤتمر دولي للسلام على وجه السرعة بمشاركة أوسع ومصداقية أكثر وفاعلية أكبر، ووضع الجدول الزمني وخريطة الطريق لتنفيذ «حل الدولتين»، بما يدفع بإيجاد حل شامل وعادل ودائم للقضية الفلسطينية في أقرب وقت، ويحقق التعايش السلمي بين فلسطين وإسرائيل.
وحول تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة وتصعيد الوضع في البحر الأحمر، أكد وزير الخارجية الصيني أن سببه الجذري «الصراع» في غزة، فمن الضروري تحقيق وقف إطلاق النار ومنع القتال في غزة في أسرع وقت ممكن، بما يحد من امتداد تداعيات الصراع من جذوره، وقال رداً على سؤال بشأن وزارة الدفاع الصينية إرسال سفن مرافقة للسفن التجارية مصحوبة بأكثر من مئتي ضابط وجندي ووحدات من القوات الخاصة: إن مياه البحر الأحمر ممر دولي مهم لنقل البضائع والطاقة، ولذلك صون السلام والأمن والأمان في البحر الأحمر يسهم في الحفاظ على انسياب سلاسل الصناعة والإمداد العالمية ونظام التجارة الدولية، ويتفق مع المصالح المشتركة لدول المنطقة والمجتمع الدولي.
وأشار إلى أن الجانب الصيني أعرب عن انشغاله الشديد إزاء التصاعد المتواصل للأوضاع المتوترة التي يشهدها البحر الأحمر منذ فترة، وما نتج عن ذلك من التداعيات السلبية على مصالح دول المنطقة ولاسيما الدول المطلة على البحر الأحمر، وزيادة المخاطر الأمنية في المنطقة برمتها، والتأثيرات السلبية على انتعاش الاقتصاد العالمي.
وبين وانغ أنه يجب وقف عمليات تستهدف السفن المدنية التي تعبر البحر الأحمر، ولا توجد أي حجة تبرر استهداف المدنيين؛ كما يجب على المجتمع الدولي أن يحافظ على سلامة الملاحة في مياه البحر الأحمر وفقاً للقانون، ويجب على كافة الأطراف أن تلعب دوراً بناء في تهدئة التوتر في البحر الأحمر؛ وأكد في الوقت ذاته أن السبب الجذري وراء تصاعد الوضع في البحر الأحمر يكمن في «صراع غزة»، فمن الضروري تحقيق وقف إطلاق النار ومنع القتال في غزة في أسرع وقت ممكن، بما يحد من امتداد تداعيات الصراع من جذوره؛ مع الحفاظ «الجدي» على السيادة وسلامة الأراضي للدول المطلة على البحر الأحمر بما فيها اليمن.
وأوضح أن عمليات المرافقة التي يقوم بها الأسطول البحري الصيني لا علاقة لها بالوضع الحالي في البحر الأحمر، جاء ذلك في إطار مهمة مرافقة في خليج عدن والمياه قبالة الصومال فوضها بها مجلس الأمن الدولي، فمنذ عام، 2008 أرسلت القوات البحرية الصينية 45 دفعة من أساطيل بحرية وأكملت بشكل ممتاز مهام طرد القراصنة والإغاثة الإنسانية، وسيواصل الجانب الصيني تنفيذ مبادرة الأمن العالمي والحفاظ على سلامة الممر البحري الدولي، وبذل جهود دؤوبة لبناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية بخطوات ملموسة.
المفاوضات هي المخرج في أوكرانيا
وبشأن الأزمة الأوكرانية أعلن وانغ أن موقف بلاده دائم وواضح وشفاف، فالصين ليست صاحب الشأن في الصراع، وليست صانعاً للأزمة، لكنها لم تتفرج عن بعد، وظل الجانب الصيني يسعى إلى وقف إطلاق النار وإنهاء القتال على مدى أكثر من سنتين منذ التصعيد الشامل للأزمة، مشيراً بهذا الصدد إلى ما أجراه الرئيس شي جين بينغ من تواصل شخصي وبشكل معمق مع قادة الدول بما فيها روسيا وأوكرانيا، مشدداً على أن مفاوضات السلام هي المخرج الوحيد، آملاً من جميع الأطراف في أن تعمل معاً على تهيئة الظروف المواتية لحل الأزمة سياسياً عبر الحوار، كما أصدر الجانب الصيني ورقة الموقف على وجه الخصوص، وبعث الممثل الخاص إلى الدول المعنية لأكثر من مرة للقيام بالوساطة المكوكية ونقل الرسائل وتوضيح المواقف، من أجل دفع كل الأطراف لإيجاد القواسم المشتركة وترك الخلافات جانباً وبلورة التوافقات.
وأبدى دعم الجانب الصيني عقد مؤتمر سلام دولي مقبول لدى الجانبين الروسي والأوكراني في وقت مناسب بمشاركة جميع الأطراف على قدم المساواة تناقش فيه جميع خطط السلام بشكل منصف، بغية تحقيق وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن، وقال يتعين علينا أن نتمسك دائماً بالموقف الموضوعي والعادل.
مسألة تايوان كانت حاضرة أيضاً، إذ أكد وانغ أن الجزيرة جزء لا يتجزأ من الصين منذ القدم، معيداً إلى الأذهان أن «إعلان القاهرة» الصادر عن حكومات الصين والولايات المتحدة والمملكة المتحدة في عام 1943 ينص بكل وضوح على إعادة تايوان التي سرقتها اليابان إلى الصين، كما تنص المادة الـ8 من «إعلان بوتسدام» الصادر في عام 1945 والهادف إلى إنهاء الحرب العالمية الثانية على أنه «يجب تنفيذ بنود إعلان القاهرة»، كذلك أكد قرار الأمم المتحدة رقم 2758 مجدداً على «مبدأ الصين الواحدة» بوضوح.
تايوان صينية
وقال: شكلت هذه الصكوك الدولية الملزمة قانونياً جزءاً من النظام الدولي لما بعد الحرب، ورسخت الأساس التاريخي والقانوني لكون تايوان جزءاً لا يتجزأ من أراضي الصين، لذلك، فإن مسألة تايوان من الشؤون الداخلية الصينية البحتة، وسبل إعادة توحيد الوطن الأم هي من شؤون الصينيين على جانبي المضيق بأنفسهم، سنسعى إلى إعادة التوحيد السلمي بأقصى جهد وأصدق نية، وفي الوقت نفسه، يكون خطنا الأحمر واضحاً جداً أيضاً، ألا وهو عدم السماح لأي أحد بفصل تايوان عن الصين بأي شكل من الأشكال.
وأشار إلى تأكيد الرئيس الصيني أن إعادة التوحيد الكامل للوطن الأم أمر يلبي تطلعات الشعب ويتماشى مع اتجاه العصر ويمثل حتمية التاريخ، ولا يمكن لأي قوة عرقلته، وقال ستحقق الصين إعادة التوحيد الكامل حتماً، وستعود تايوان إلى حضن الوطن الأم حتماً، إننا على يقين أيضاً بأن المجتمع الدولي، بما فيه دول الشرق الأوسط، سيواصل الالتزام بمبدأ الصين الواحدة ودعم القضية العادلة للشعب الصيني لمناهضة الأنشطة الانفصالية الداعية لـ«استقلال تايوان» والعمل على تحقيق إعادة توحيد الوطن.
التخلي عن عقلية الحرب الباردة
وفيما يتعلق بعلاقات الصين مع الولايات المتحدة والانتخابات الرئاسية الأميركية، أكد وانغ أن الفهم الخاطئ من الجانب الأميركي تجاه الصين ما زال قائماً، وسياسته الخاطئة لاحتواء الصين ما زالت جارية، ودعا الجانب الأميركي إلى التخلي عن عقلية «الحرب الباردة»، وقال: إن موقف الجانب الصيني من تحسين العلاقات الصينية الأميركية صادق، وإن علاقات قابلة للتوقع ومستدامة وسليمة ومستقرة بين الصين والولايات المتحدة تمثل نعمة للشعبين وشعوب العالم.
في المقابل فإن الجانب الأميركي يواصل حسب وانغ «استمالة» ما يسمى حلفاءه لتأجيج الأوضاع في البحار الإقليمية باستمرار والإسراع بتشكيل منظومة «احتواء الصين» وتشديد العقوبات الأحادية الجانب وفرض الحصار التكنولوجي على الصين، وقال: يجب على الجانب الأميركي ألا ينظر دائماً إلى هذا العالم من منظور الحرب الباردة أو بعقلية اللعبة الصفرية، وألا يقول شيئاً ويفعل شيئاً آخر دائماً.
وأكد وانغ أن الانتخابات الرئاسية الأميركية من الشؤون الداخلية الأميركية، وقال: لم ولن يتدخل الجانب الصيني في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، إذ إن التدخل في الشؤون الداخلية للغير ليس من أسلوب الجانب الصيني.