الاستخبارات التركية تتدخل وتعتقل مدبري الانقلاب ضد «فرقة المعتصم» بمارع … ملفات فساد متزعمي ميليشيات أنقرة شمال حلب تحرج إدارة أردوغان
| حلب - خالد زنكلو
أحرجت مجريات وتداعيات محاولة الانقلاب، التي نفذها متنفذون داخل ما تسمى «فرقة المعتصم» التابعة لـ «الفيلق الثاني» فيما يسمى ميليشيا «الجيش الوطني» الموالية لأنقرة شمال حلب ضد متزعمي الفرقة الأربعاء الماضي، إدارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لما كشفته عن ملفات فساد واختلاسات مالية ضخمة، قللت من هيبة وسطوة إدارة أردوغان التي شكلت ورعت تلك الميليشيات.
وسارعت إدارة أردوغان عن طريق استخباراتها إلى إعادة ترتيب بيت تلك الميليشيات ليس حباً بمتزعمي «فرقة المعتصم»، إنما خشية تدحرج كرة الكشف عن ملفات الفساد لدى باقي تشكيلات «الجيش الوطني»، الذي طالما سعت أنقرة إلى توحيده تحت «قيادة عسكرية» موحدة لوضع حد لتجاوزاتها وفساد متزعميها وصراعهم على السلطة والنفوذ، لكنها فشلت في مساعيها واكتفت بالتصريحات والبيانات خوفاً من انقلاب الميليشيات على إدارة أردوغان.
وكشفت مصادر مقربة من ميليشيا «الفيلق الثاني» في «الجيش الوطني» أن الاستخبارات التركية اعتقلت أول من أمس مدبري الانقلاب على متزعمين في «فرقة المعتصم» في بلدة مارع بريف حلب الشمالي، وعلى رأسهم متزعمها المدعو معتصم عباس، وهم: العقل المدبر للمحاولة ومسؤول المكتب السياسي في الفرقة مصطفى سيجري، ومسؤول علاقات الفرقة علاء أيوب الملقب بـ«الفاروق أبو بكر» وشقيقه الملقب بـ«محمد أبو العز»، والمسؤول الأمني محمد أبو اسكندر، بالإضافة إلى ثلاثة من المرافقين.
وأوضحت المصادر لـ«الوطن» أن سيجري استباق تنفيذ عملية الاعتقال من الاستخبارات التركية بنشر تغريدة عبارة عن بيان على منصة «إكس» سعى فيها للحفاظ على ماء وجهه، وذكر فيها أن المعتقلين توجهوا إلى القضاء العسكري في مدينة الراعي «للمثول أمام القضاء العسكري، وذلك إيماناً منا بعدالة قضيتنا وصدق دعوتنا وبراءتنا من التهم الموجهة لنا»، على حد قوله في المنصة.
المصادر بينت أن الاستخبارات التركية أطلقت سراح سيجري بعد التوصل إلى صفقة معه قد تجبره إلى التراجع عن تصريحاته السابقة في «إكس» و«تليغرام»، والتي أثارت سخط ونفور الشارع المحلي من تجاوزات وسرقات وحجم فساد ميليشيات أنقرة وتحت أعين استخباراتها، التي يشارك ضباطها متزعمي الميليشيات في عائدات صفقات الفساد الضخمة.
ومن اتهامات مسؤول المكتب السياسي في «فرقة المعتصم» لمتزعمها عباس وإخوته وأقرابائه «تحويل الفرقة من فصيل عسكري، إلى شركة تجارية أمنية خاصة بـ» آل عباس» في مارع، وبناء ثروة وإمبراطورية مالية هائلة من خلال تهريب وبيع شحنات ضخمة من الأسلحة الأميركية النوعية والأسلحة والذخائر الروسية من سورية إلى ليبيا وتقدر بملايين الدولارات»، كذلك إخفاء متزعم الفرقة وسرقته لكامل العائدات المالية الخاصة بها «وتقدر بملايين الدولارات، ونهب رواتب المقاتلين القادمة من تركيا والمخصصات الشهرية من المعابر الداخلية والخارجية والمشاريع الاقتصادية وتقدر بمئات الآلاف من الدولارات شهرياً»، بالإضافة إلى «انتهاج سياسة الكسب غير الشرعي من خلال نقاط التهريب في مارع وعفرين ورأس العين، وتتضمن إدارة شبكات تهريب البشر والمواد الممنوعة ومشاريع التنقيب عن الآثار والتي تقدر بملايين الدولارات شهرياً»!.
أما الملف الأهم، حسب المصادر، لتحجيم فضيحة الانقلاب و«لفلفتها» وتقييد تداعياتها، فهو كشف مدبري الانقلاب تسريبات عن تواطؤ هؤلاء مع تنظيم «جبهة النصرة»، وواجهته الحالية التي تسمى «هيئة تحرير الشام» ومتزعمها الإرهابي المدعو «أبو محمد الجولاني».
وأشارت المصادر إلى أن «الفاروق أبو بكر»، أوضح في مقطع صوتي سبب تنحيه واعتقال متزعم الفرقة معتصم عباس وإحالته للتحقيق، وهو الاتفاق مع «تحرير الشام» لإدخالها إلى مارع والمنطقة برمتها، ومحاولة الحصول على مبلغ مليون دولار من «الجولاني» مقابل ذلك مع تنفيذ اغتيالات بحق قادة عسكريين وميدانيين في «الجيش الوطني» في مارع، لكن مدبري الانقلاب عرقلوا الصفقة، ما دفع عباس لمحاولة تصفيته مع سيجري، وفق قوله.
وتوقعت حدوث تطورات دراماتيكية في باقي الميليشيات المكونة لـ «الجيش الوطني»، على غرار ما حدث في «فرقة المعتصم»، وقالت: «إن جميع متزعمي الميليشيات لديهم سجل حافل في الفساد، ولكن الخلاف الداخلي في «فرقة المعتصم» أظهر الخلاف إلى العلن، والأمر متوقع حدوثه لدى البقية، من دون أن تقدر إدارة أردوغان على ضبط الملفات والأحداث الساخنة التي من المرجح أن تحدث تباعاً».