لا يمكن أن يختلف أحد على أن عملية السابع من تشرين الأول الماضي مثلت حدثاً لا يمكن أن ينساه العالم، سواء العربي أو الغربي.
وبات واضحاً أن الساحة العربية تنظر إلى هذا العمل باعتباره بارقة أمل لتحرير الأرض، متمنية مشاركة بقية المحاور الإستراتيجية في هذه العملية التي لا تزال الكثير من تفاصيلها تتمتع بالسرية.
أما على الساحة الغربية فإن الموقف برمته كان دقيقاً للغاية، وخاصة مع استعراض صور الحادثة واختطاف الكثير من الرهائن الإسرائيليين، ومقتل ما يقرب من 1100 إسرائيلي في هذه العملية، جانب منهم بالنيران الإسرائيلية بحسب نتائج التحقيقات التي نشرتها الصحافة الإسرائيلية.
في الوقت ذاته رفعت الكثير من الدوائر العربية والإسلامية صورة لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس في غزة يحيى السنوار، ووصفته بالداهية المحنك الذي قام بعمل بطولي لا يمكن تكراره كثيرا، بينما انتقد العديد من الدوائر الغربية حركة حماس ومارست الكثير من الضغوط على دولة قطر تحديداً باعتبارها الدولة الراعية لهذا التنظيم المقاوم، لكن الدوحة أعلنت رسمياً الأمر منذ نهاية تشرين الأول الماضي وعلى لسان سفيرها في واشنطن مشعل بن حمد آل ثاني، ثم عادت وأكدت خلال الأيام الماضية، أنها ما فتحت خطوطها مع الحركة منذ عام 2006 واستضافت المكتب السياسي لحماس في الدوحة منذ 2012 إلا بطلب من الولايات المتحدة الأميركية «لإنشاء خطوط اتصال غير مباشرة مع حماس، وكثيراً ما استخدم المكتب في جهود الوساطة، ما ساعد على تهدئة الصراعات في إسرائيل والأراضي الفلسطينية»، بحسب السفير مشعل بن حمد.
بالطبع تصاعدت تداعيات الموقف خلال الساعات الماضية خاصة مع وصول المفاوضات بين المقاومة وإسرائيل إلى نقطة دقيقة في ظل مطالب المقاومة بحتمية الانسحاب الإسرائيلي من القطاع وعودة النازحين للمناطق الشمالية.
من هنا كان هناك بعض من المواقف والتداعيات الاقتصادية التي يجب التطرق إليها، ومنها مثلا وجود خطوات حالياً تقوم بها دولة الاحتلال لمنع الفلسطينيين من الدخول والعمل في داخل الخط الأخضر، وهناك حديث عن إلغاء الاعتماد على العامل الفلسطيني، وهو ما يشير إلى رغبة دولة الاحتلال في إلغاء منظومة دخول العمال الفلسطينيين إليها، الأمر الذي يزيد من دقة المشاكل والأزمات الاقتصادية الصعبة حالياً بين مختلف الأطراف السياسية، وعموماً فإن العملية تتم حالياً بالفعل، وبعد 6 أشهر من هذا الحظر، وصلت البطالة في السلطة الفلسطينية إلى ذروتها.
هذا يؤكد أن هناك سياسات عقابية ضد الشعب الفلسطيني والأضرار التي لحقت بالاقتصاد الفلسطيني واسعة النطاق، غير أن هناك الكثير من التقارير التي تشير إلى محاولات السلطة للعمل الجدي من أجل إعادة النهوض بالوضع الاقتصادي، الأمر الذي يزيد من دقة المشهد بصورة كلية.
إن ما يجري دوما يجب ألا ينسينا أن المخزون العالمي الذي يستخدمه العرب والذي يتم استيراده من الغرب، هو مخزون محدود، والأهم من كل هذا أن أي قائد يجب أن يضع مصلحة شعبه قبل أي خطوة، وهنا دوما أتذكر حديث الرئيس بشار الأسد مع قناة «سكاي نيوز عربية»، وإشارته إلى مجمل التحديات التي تواجه الوطن السوري، حيث يحارب جيشها الجماعات الإرهابية والتكفيرية، وفي الوقت ذاته هناك جنود داخل الوطن يمارسون الجهود ويخدمون الشعب ويحاولون توفير الخدمات له.
من هنا باتت التحديات التي تخوضها الأوطان حالياً مرتبطة بالكثير من الحسابات والمعايير الداخلية الخاصة، الأمر الذي يزيد من حساسية القيام بأي خطوة وخاصة إن كان من ورائها شعب.
بالطبع هنا أنا لا ألمح إلى أي شيء يتعلق بالمقاومة أو تداعيات عملية السابع من تشرين الأول، ولكني فقط أتذكر حكمة قديمة مفادها: إن الأهم من الفعل والقيام بالخطوة التي أرى أنها إيجابية، هي تدارك تداعيات هذه الخطوة وآثارها، ليس فقط على الصعيد التنظيمي العسكري أو السياسي، ولكن على الشعبي في النهاية.
صحفي مصري مقيم في لندن