من دفتر الوطن

انتحار الشعارات!!

| عبد الفتاح عوض

بدءاً أريد أن أنوه إلى أن انتقاد تخلي الغرب عن حريات التعبير وإبداء الرأي والصحافة لا يعني أن أوضاع هذه الحريات في الدول غير الغربية على أفضل حال.

لكن الفارق أن الغرب قدم وما زال يقدم نفسه كمحاضر ومعلم وأستاذ الحريات في العالم.

الذي حدث خلال السنوات العشر الأخيرة بدأنا نلحظ بشكل متتابع انتحار هذه الشعارات في أوقات الأزمات وأن الغرب يفعل غير ما يقول، وأن الأستاذ لا يمارس ما يقدمه كمحاضرات للآخرين.

الأمثلة كثيرة لكن السؤال هل ما يحدث في الغرب الآن هو شيء جديد وأن ظهور الغرب بهذا الشكل حدث في هذه السنوات الأخيرة… أم إنه قديم ومتأصل في الفكر الغربي لكنه الآن بدأ يظهر على السطح.. بمعنى آخر خرجت الفضيحة للعلن وما كان مستوراً أصبح معلوماً ومكشوفاً؟!

ستجد الكثير ممن يعتقد أن المسألة قديمة فكيف يمكن أن نتحدث عن دول استعمارية تاريخها مليء بهذه الانتهاكات لشعوب أخرى لكنها تتعامل مع شعوبها بمنطق آخر وبحسابات أخرى.

والآن جاء دور شعوبها لترى حقيقة ما تم إخفاؤه. وأن وسائل التواصل الاجتماعي وانتهاء مفعول هيمنة وسائل الإعلام التقليدية التي تم تمويلها عبر قنوات المصالح وليس مبادئ الحريات جعل الأمر يطفو على السطح ويظهر ما كان مستوراً.

فيما يمكن أن نقول إن ما يجري الآن هو عملية انحدار الغرب وفي مراحل الانحدار يتم التخلي عن الشعارات والتخفيف منها.

ووصول الأمر إلى التعدي على حرم الجامعات واعتقال الطلاب إنما يدل على أن هذا الانحدار شديد ويتسارع مع الوقت وأن مستقبل العالم أخذ بالتشكل أسرع مما اعتاد عليه التاريخ من حركة بطيئة في التغيرات الكبرى وفي انهيار إمبراطوريات وصعود أخرى.

هنا أريد أن أتوقف عند مسألة لها علاقة باستخدام الشعارات في أوقات الحاجة لها والتخلي عنها في أوقات أخرى ولعل المثال الأوضح الذي يخصنا أن حرق القرآن والإساءة إلى الرسول الكريم يقع تحت شعار حرية إبداء الرأي والتعبير وحرية الإعلام لكن انتقاد دول محتلة يعتبر في هذه الحالة معاداة للسامية ودعماً للإرهاب!!

والأصوات التي بدأنا نسمعها أقوى في الغرب ومن شخصيات متنوعة الانتماءات والأفكار هي تعبير عن إدراك أكبر من الشعوب للعبة الشعارات التي ترفع هنا وتخفض هناك في مزاج سياسي متعكر ومرتبك.

من المهم جداً استثمار هذه اللحظات التاريخية لإضاءة أكبر عن حجم المظالم التي ارتكبها الغرب تحت شعارات براقة وفي سورية ما زلنا نعاني من استخدام هذه الشعارات لتغطية أهداف دنيئة جداً.

أقوال:

– هناك إغراء في السياسة للبحث عن شعارات مبسطة ولعب اللعبة بطريقة تبدو وكأنك سياسي ذكي.

– عصرنا هو عصر البدائل: بدلاً من اللغة، لدينا المصطلحات: بدلاً من المبادئ لدينا الشعارات: وبدلاً من الأفكار العميقة، لدينا الأفكار الفارغة لكنها ساطعة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن