على الرغم من الأحداث الساخنة التي يمر بها الشارع الأميركي مؤخراً بعد حدوث احتجاجات داخل حرم الجامعات من كاليفورنيا غرباً إلى نيويورك شرقاً وما أتى معها من تساؤلات حول حرية التعبير داخل الحرم الجامعي، إلا أن الصحافة الأميركية بقيت منشغلة بالمحاكمة التي يخضع لها الرئيس السابق والمرشح المحتمل للحزب الجمهوري دونالد ترامب، هذا أدى إلى طرح سؤال يشغل بال الأميركيين: كيف ستتعامل المحكمة الدستورية العليا مع الرئيس السابق دونالد ترامب؟ وهل يمكن محاكمة رئيس سابق جنائياً إذا حاول «سرقة» الانتخابات الرئاسية من خلال حملة من الأكاذيب والبلطجة السياسية التي انتهكت العديد من القوانين الجنائية الفيدرالية؟
سؤال تم توجيهه لقضاة المحكمة العليا يوم الخميس الماضي، عندما استمعوا إلى المرافعة الشفهية التي ألقاها الادعاء التابع لوزارة العدل في استئناف ترامب السابق للمحكمة، وما لا شك فيه أن الجواب سيرسم معالم الانتخابات الرئاسية المقبلة.
يرى مراقبون أن القضايا المطروحة ليست بسيطة بل هي معقدة، فعلى المحكمة أن تعلم أن قرارها سيكون له تأثير في الرؤساء المستقبليين، وكان ينبغي على المحكمة أن تحل هذه القضية في نطاق ضيق وسريع، لكن بدلاً من ذلك اختار القضاة الاستماع إلى المرافعات، وهذا القرار جعل احتمال تأخير محاكمة ترامب بتهم أحداث 6 كانون الثاني 2021 إلى يوم قبل الانتخابات القادمة.
وحتى لو خسر ترامب في نهاية المطاف في المحكمة العليا، فربما يكون هذا التأخير قد زوده بالفعل بنوع من الحصانة بحكم الأمر الواقع، لأنه قد يفلت بسهولة من الحكم قبل الانتخابات، وإذا فاز بإعادة انتخابه، فسيكون ذلك بمثابة بطاقة خروج من السجن.
يبدو أن معظم الأميركيين يدركون أن حجج ترامب سخيفة، في استطلاع للرأي أجرته مؤخراً صحيفة «بوليتيكو/إبسوس»، قال 70 بالمئة من المشاركين، بما في ذلك ما يقرب من نصف المشاركين الجمهوريين، إنهم لا يعتقدون أن رؤساء الولايات المتحدة يجب أن يكونوا محصنين من الملاحقة الجنائية بسبب الجرائم التي وقعت أثناء توليهم منصبهم.
قال أستاذ قانون الدستور في جامعة كورنيل مايك دورف لصحيفة «بوليتيكو»: «لم يتم أبداً الاقتراح بأن الرئيس يمكنه انتهاك القوانين مع الإفلات من العقاب طالما أنه يتصرف ضمن المحيط الخارجي لواجبه الرسمي»، وفي الواقع فإن نص بند الإقالة في الدستور «يحل السؤال ببساطة» حسب الأستاذ دورف.
ينص هذا البند على أن المسؤول الفيدرالي الذي تم عزله «يجب أن يكون مسؤولاً ويخضع للاتهام والمحاكمة والحكم والعقاب، وفقاً للقانون، ويفترض هذا البند شرعية الملاحقة الجنائية للرئيس، على الأقل بعد تركه منصبه».
تظل المعاملة التفضيلية التي يتلقاها ترامب مثيرة للجدل حتى كمسألة سياسية، إذ يعتقد الكثيرون أن ذلك يحدث بسبب سيطرة القضاة المحافظين على المحكمة العليا، والشارع الأميركي يتابع قضية الرئيس السابق فإذا تدخل المحافظون في القضية أكثر من اللازم قد تفقد المحكمة العليا الكثير من مصداقيتها.
كاتبة سورية مقيمة في الولايات المتحدة