موفق أبو طوق… غادر مخلفاً إرثاً أدبياً وثقافياً مهماً … د. الحوراني لـ«الوطن»: كان يكتب للأطفال وكأنه طفل كبير
| مصعب أيوب
نعت قبل أيام وزارة الثقافة الأديب والباحث والمربي موفق أبو طوق الذي غادرنا عن عمر ناهز الـ٧٤ عاماً تاركاً إرثاً أدبياً وثقافياً مهماً وتحديداً في جمعية أدب الطفل في اتحاد الكتاب العرب في سورية الذي نعاه فور وفاته والذي كرمه في وقت سابق ضمن احتفال خاص أقيم في محافظة حماة، كما منحه الاتحاد شهادة تقدير خاصة مع درع الاتحاد بعد مسيرة من العطاء والعمل الأدبي والثقافي وإغناء الحركة الفكرية السورية.
طبيب أسنان
ولد الراحل في محافظة حماة عام ١٩٥٠م وترعرع ونشأ فيها وتلقى تعليمه في مدارسها وثانوياتها إلى أن حصل على إجازة في طب الأسنان وجراحتها من جامعة دمشق ١٩٧٥ ليقوم بعدها بفتح عيادته الخاصة وسط المدينة ويعمل بها منذ ذلك الحين.
كما أنه درس طب الأسنان أيضاً في جامعة البعث، وقد عرف عنه أنه صاحب نزعة قوية لتعزيز الأخلاق الحميدة والقيم الفاضلة والنبيلة لدى المتلقي وتحديداً الطفل الذي توجه إليه في معظم مؤلفاته.
أهم مؤلفاته
ومن أهم ما ألف ونشر من كتب إبداعية وقصص: وللأسنان عالمها الخاص ١٩٧٥، الرحلة الطويلة ١٩٧٩، الهجوم الكبير ١٩٨١، الأمل الضائع ١٩٨٣، مروان والألوان ١٩٩٤، الورد يبتسم دائماً ١٩٩٥، يوميات دموع ١٩٩٩، الدوامة ٢٠٠١، أحلى هدية ٢٠٠٤، هارون والبالون ٢٠٠٨، لغتنا الجميلة ٢٠١٢، حكايات عائلية ٢٠١٨، الذبابة المغرورة ٢٠٢٠ وهو صادر عن وزارة الثقافة.
تكريمات وجوائز
ومن أبرز الجوائز التي نالها عن نتاجه الفكري والأدبي والثقافي:
مسابقة الثورة الأدبية، مسابقة القدس، براءة تقدير لمسابقة باسل الأسد للشؤون الصحية والطبية لدورتين متتاليتين، جائزة مكتب التربية العربي لدول الخليج، جائزة تحية إلى أطفال الانتفاضة، إضافة إلى التكريم الخاص من اتحاد الكتاب العرب الذي تطرقنا له في مقدمة هذه المادة.
وداعاً للطفل الكبير
«الوطن» تواصلت مع رئيس اتحاد الكتاب العرب د. محمد الحوراني الذي قال: موفق أبو طوق كاتب وأديب مختلف عن سواه من الكتاب والأدباء ذلك أنه وهو الطبيب الأديب نجح في أن يكتب للكبار كما نجح في أن يكتب للصغار وأن يدخل قلوبهم، لأنه كان الكاتب الكبير والطفل الصغير، بمعنى أنه كان يؤمن إيماناً مطلقاً بمقولة ربما لا يتقنها ولا يعرفها الكثيرون من الكتاب للأطفال وهي أنه إذا أردت أن تكتب للأطفال فيجب أن تكون طفلاً كبيراً.
وتابع: لقد كان موفق أبو طوق وهو الكاتب الكبير، يكتب للأطفال وكأنه طفل كبير ولهذا فقد ابتعد ابتعاداً كبيراً عن المباشرة في الكتابة للأطفال ونجح في الوصول إلى أعماق وعقول وقلوب هؤلاء الأطفال تماماً، كما نجح في الكتابة وفي الوصول إلى أعماق وعقول وقلوب الناشئة، أيضاً يمكننا أن نقول إن موفق أبو طوق ومن خلال ما كتبه ومن خلال رواياته ومن خلال مجموعاته القصصية وكتبه التي كتبها في المجال الطبي أيضاً استطاع أن يوصل المعلومة الطبية والفكرة الصحيحة وهي معشقة وهي مضمخة بالأدب وبالثقافة وبالفكر بطريقته الخاصة، لقد كان موفق أبو طوق رحمه اللـه من خيرة الكتاب ليس على مستوى محافظته فحسب، وإنما انطلق من المحلية إلى العالمية من خلال ما كتبه ومن خلال ما نشره في كثير من الدوريات المحلية والعربية والعالمية ولعل معظمنا يذكر تلك الطريقة التي كان يكتب فيها بمجلة العربي الكويتية وكيف كان يحاول إيصال أفكاره بطريقة سلسة وطريقة قريبة من القلب للأطفال، أيضاً كان يحاول أن يعلم الأطفال بطريقة جميلة ومحببة وقريبة إلى قلوبهم، وذلك من خلال كتبه ومن خلال مجموعاته التي قدمها للأطفال مثل مروان والألوان، وهي مجموعة قصصية للأطفال، أو من خلال اعترافات علاء الدين وسواهما من الكتب التي كتبها.
بصمة خاصة
وشدد الحوراني على أن الراحل حاول أن يكون له بصمة من خلال وجوده في لجنة تعديل المناهج الدراسية وأراد أيضاً أن يكون في هذه المناهج الدراسية معلومة طبية مختلفة، بطريقة أدبية لها علاقة بالإبداع ولها علاقة بتكوين الفكر وثقافة الأطفال، وبالتالي فهو كان يريد لهذا الطفل وهو في بداياته الأولى أن يكون طفلاً منتمياً وأن يزرع عقله وقلبه وكل الحدائق من حوله بالأدب والإبداع وكل ما يجعله قادراً على مواجهة التحديات وأن يكون مخلصاً لوطنه ومدافعاً عنه عندما يصبح يافعاً وعندما يكبر ويصبح شاباً، بمعنى أنه كان يعرف تماماً كيف يمكن لهذه المدارس والجامعات أن تنشئ جيلاً قادراً على مواجهة التحديات.
حساسية الطفل
وختم: كان الراحل من خيرة الأدباء ومن أهم المثقفين لأنه كان يدرك تماماً أن لأدب الطفل حساسية خاصة وله شروطه الخاصة التي يجب على كل من يحاول دخول هذا الحرم المقدس وهو حرم الكتابة الطفلية أن يكون ممسكاً وعارفاً وحاذقاً بهذه الشروط لأن هذا الأدب هو الأدب الذي ينشئ الجيل الحقيقي المدافع عن أرضه ووطنه والمنتمي لثقافته وفكره والمدرسة الحقيقية التي نشأ فيها ونشأ منها.
وكان قد نشر الراحل قبل وفاته بأيام عبر حسابه على فيسبوك منشوراً جاء فيه:
ألمت بي صباح الخميس الماضي، وعكة صحية، شديدة الوطأة، ومصحوبة بآلام عانيت منها الأمرّين، خاصة أنها قد استمرت ساعات طويلة، ولم تنفع معها في البداية حبوب ولا حقن، ثم تحولت فيما بعد إلى حرارة مرتفعة، أصابتني بانحطاط عام، وتراجع في حركة الجسم، وأفقدتني الرغبة في الطعام والشراب وتناول الدواء، طبعا هناك إشراف من بعض الأطباء، نتمنى من اللـه سبحانه أن يمنّ علينا بالشفاء العاجل..
أرجو أن تكون دعواتكم معي.
كما قال فيه الأديب محمد عدنان قيطاز:
رحل الأديب الكبير الدكتور الفاضل موفق أبو طوق تغمده اللـه بواسع رحمته وإنا لله وإنا إليه راجعون.
حيث وصفه والدي رحمه اللـه بأنه: من أهم كتّاب الأدب الطفلي في حماة عالماً ومعلماً في خطاباته، جاذباً وساحراً باهراً بقصصه.
كما تحدّث عن شخصيته بأنه: دائم الابتسام للحياة، يضفي السحر والعطر على من حوله من بني البشر. ولاسيما الأطفال الذين أحبهم ومنحهم من أدبه الجمّ فناً رفيعاً وخلقاً كريماً، حيث كان مشرق الجبين ضاحك الثغر، وسيماً قسيماً، ينشر أريج المودة على جلسائه ومرافقيه في الصبر واليسر، والحضر والسفر، وكأنه روض أريض يعبق طيباً وطيبات ولطفاً ومكرمات، ينضح بكل ما هو جميل وأصيل، شمائله سامية ومزاياه ساطعة وقلمه ولسانه سواء في صدق البيان، أم إخلاص المبين.
تعازينا لأهله وذويه ومُحبيه ونسأل اللـه أن يصبّرهم على فقده وأن يكرمه بجنان النعيم.