البعث ينهي انتخاباته بتشكيل قيادة مركزية جديدة والرئيس الأسد أميناً عاماً بالإجماع … الرئيس الأسد: هذه الانتخابات ستشكل قيمة مضافة ومفصلاً حقيقياً في تاريخ الحزب
| الوطن
أنهى حزب البعث العربي الاشتراكي أمس انتخاباته، بانتخاب أمينه العام والإعلان عن أسماء قيادته المركزية الجديدة وأعضاء لجنته المركزية.
الانتخابات التي استمرت لنحو ثلاثة أشهر وبدأت منذ بداية شباط الفائت، وصفها الرئيس بشار الأسد بالتاريخية والمفصلية وستشكل قيمة مضافة لمسيرة تطوير الحزب بإيجابياتها المتوقعة وبسلبياتها التي ستشكل دروساً وعناوين في المرحلة القادمة، وانتخب فيها الرئيس الأسد بالإجماع أميناً عاماً لحزب البعث العربي الاشتراكي.
وبعد يوم بعثي طويل انطلق صباح أمس في قصر المؤتمرات بكلمة توجيهية للرئيس الأسد، انتهى بالإعلان عن أسماء أعضاء القيادة المركزية وهم: عزت عربي كاتبي، صفوان أبو سعدى، محمود زنبوعة، إبراهيم الحديد، فاضل نجار، أيمن الدقاق، طه خليفة، سمير خضر، فاضل وردة، ياسر شاهين، جمانة النوري، حموده الصباغ، حسين عرنوس، علي محمود عباس.
كذلك جرى تعيين هيثم سطايحي كأمين سر للجنة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وتعيين أعضاء لجنة الرقابة والتفتيش الحزبية، وهم: عبد الرزاق الجاسم، راما عزيز، عبد الأحد سفر، ثريا مسلمانية، مازن تفاحة.
وقبل الإعلان عن أسماء أعضاء القيادة المركزية، قام أعضاء اللجنة المركزية الموسعة للحزب بانتخاب أعضاء اللجنة المركزية، حيث جرت الانتخابات إلكترونيا وللمرة الأولى، وانتخب على إثرها ممثلو الفروع الحزبية لعضوية اللجنة المركزية وعددهم 80، أضيف لهم 45 بعثياً والذين تم اقتراحهم من قبل الأمين العام ليصبح عدد أعضاء اللجنة المركزية للحزب 125 عضواً.
الرئيس بشار الأسد كان ألقى كلمة شاملة، في افتتاح أعمال اجتماع اللجنة الموسعة للحزب، أكد فيها أن هذه الانتخابات ستشكل قيمة مضافة كبيرة لمسيرة تطوير الحزب بإيجابياتها التي كانت متوقعة، وبسلبياتها التي ستشكل دروساً، ستكون عناوين في المرحلة القادمة لمناقشتها ومراجعتها لإدخال التعديلات على الأنظمة المتعلقة بها، مضيفاً: صحيح أن هذه الانتخابات ليست الأولى، إذ خضنا انتخابات منذ بضع سنوات، لكن هذه الانتخابات تحديداً بتفاصيلها وبأنظمتها وبالحماس المرافق لها، وبالزخم الكبير الذي شهدناه، سأقول من دون مبالغة بأنها ستكون مفصلاً حقيقياً في تاريخ الحزب.
وأضاف: «عندما نتحدث عن التطوير، وعندما نمارس عملية التطوير، فليس لأن هنالك ظروفاً خارجية استدعت ذلك، كما يحلو للبعض أن يحلل من وقت لآخر، أو لأن هناك ضغوطاً، والغرب يئس من الضغوط على سورية منذ سنوات طويلة، ولكننا نطور لأن التطوير حاجة حسية ووطنية وطبيعية».
وأشار الرئيس الأسد في كلمته إلى علاقة الحزب بالسلطة معتبراً أن سياسات الحكومة يجب أن تنبثق من رؤية الحزب، من دون أن يلغي أحدهما الآخر، لأن هناك حديثاً من وقت لآخر حول تراجع دور الحزب، لافتاً إلى أن تراجع دور الحزب يعني إضعاف الحزب، وما يجري ليس تراجعاً وإنما إعادة تموضع لدور الحزب، وهذا يحمي الحزب من إشكالات العمل الإجرائي اليومي الذي تقوم به الحكومة، وبالتالي تحميل الحزب مسؤوليات لا يحملها.
وبين الرئيس الأسد أن العنوان الأول والأهم بالنسبة لنا جميعاً، وبالنسبة لكل المواطنين في سورية هو الوضع المعاشي، وإذا أردنا أن ننطلق من الوضع المعاشي لا نستطيع إلا أن ننطلق من العنوان الأساسي بالنسبة لنا كحزب، وهو الاشتراكية، معتبراً أن الاشتراكية بالنسبة لنا وحسب ما نفهمها اليوم هي العدالة الاجتماعية، لافتاً إلى أن إيجاد التوازن، إيديولوجياً أساسي في نهج البعث، ولا يمكن التخلي عنه، وقال: «عندما نتحدث عن التوازن بين القواعد الاقتصادية والقواعد الاجتماعية، فهذا يعني أن نسير بخط دقيق لا يكون فيه الجانب الاقتصادي مجرداً على حساب المجتمع، لأننا في هذه الحالة سوف نتحول إلى حزب رأسمالي، كما لا يمكن أن نسير بالعكس باتجاه الجانب الاجتماعي بشكل مجرد لأننا عند ذلك سوف نكون دولة مفلسة، لذلك أتحدث عن كل هذه العناوين لكي نصل إلى نقطة التوازن بين الإيديولوجي وبين الاقتصادي».
وشدد الرئيس الأسد على أن دور القطاع العام هام وسيبقى ولكنه يجب أن يبقى دوراً نوعياً ومدروساً وهادفاً، وهذا لا يعني التخلي عن الدعم، لأن الدعم ليس ضرورياً فقط للشرائح الأفقر، فالدعم ضروري لقوة الاقتصاد، والمشكلة هي ليست في مبدأ الدعم، وإنما في شكل وفي طريقة الدعم، وهذا يعني أن نعزز دور الدولة لكي تكون قادرة على القيام بواجباتها على أكمل وجه في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والوطنية بشكل عام.
الرئيس الأسد أكد أن العروبة ستبقى هي أساس فكرنا وتوجهاتنا، وانتمائنا الفطري والطبيعي؛ لأن العروبة بالنسبة لنا هي العمود الفقري الذي يحمل مكونات المجتمع، وعندما ينهار العمود الفقري تتفكك الروابط بين الأعضاء وينهار الجسد كاملاً، وأضاف: «نحن بحاجة لتطوير فكر الحزب، والتركيز على العلاقة بين العروبة الحضارية الشاملة، والهوية الوطنية المتنوعة، وبالوقت نفسه القيم الإنسانية الراقية، وهذه العناصر الثلاثة هي التي تخلق الاستقرار في مجتمعنا؛ لأنها هي التي تحمينا من العناصر الفكرية الشاذة».
واعتبر الرئيس الأسد أن العنوان الفلسطيني هو العنوان الأهم والأبرز اليوم، وأبرز ما في هذا العنوان هو عودة القضية الفلسطينية إلى الواجهة، ولكن بشكل لم يسبق له مثيل على الإطلاق، مضيفاً: اليوم اتضحت عدالة هذه القضية، وفضحت الحرب على غزة حقيقة الكثير من الأنظمة، وميزت بين المواقف الحقيقية من الشكلية، وميزت الصادق من المنافق، وجعلت الموقف من القضية الفلسطينية هو المرجع في تقييم تلك المواقف، وتابع: «أهم أنموذج نراه اليوم هو الأنموذج التركي، فـ(الرئيس التركي رجب طيب أردوغان) تذاكى على شعبه على الرغم من أن الإنسان الذكي فعلاً يجب أن يعرف حقيقة بسيطة بأن الذكاء الجماعي الشعبي أقوى من أي ذكاء فردي، هذه هي طبيعة الإنسان، ومع ذلك اعتقد أردوغان بأنه يستطيع أن يخدع الشعب التركي، ويهاجم إسرائيل بلسانه ويدعمها بيده، ولكن الشعب التركي لقنه درساً كبيراً في الانتخابات، وهذا الدرس مضمونه أن قوة الموقف الرسمي والحزبي تكمن في تماهيهما مع الموقف الشعبي».
وبين الرئيس الأسد أن الحرب على غزة فضحت دعاة الاقتداء بالغرب في الوطن العربي وفي سورية، مشيراً إلى أننا لم نسمع هؤلاء يتحدثون أو ينظرون حول موقف الغرب من الحرب على غزة، وموقف الغرب الداعم لإسرائيل سياسياً، ومشاركة القوات العسكرية والأمنية الغربية بشكل مباشر في الحرب، وإرسال السلاح لإسرائيل، كما لم نسمع أي كلمة أو تصريح أو ملاحظة، ولم نسمع عن الديمقراطية المتعلقة بقمع الطلاب في الجامعات وغيرها على الرغم من أنها كلها كانت تحت سلطة القانون أي متوافقة مع الدستور والقانون.
وقال: «طالما أن الوضع لم يتغير والحقوق لم تعد لا للفلسطينيين ولا للسوريين فلا شيء يبدل موقفنا أو يزيحه مقدار شعرة، وكل ما يمكن لنا أن نقدمه ضمن إمكاناتنا للفلسطينيين، أو لأي مقاوم ضد الكيان الصهيوني سنقوم به من دون أي تردد، وموقفنا من المقاومة، وتموضعنا بالنسبة لها كمفهوم أو كممارسة لن يتبدل، بل على العكس هو يزداد رسوخاً لأن الأحداث أثبتت أن من لا يمتلك قراره لا أمل له بالمستقبل، ومن لا يمتلك القوة لا قيمة له في هذا العالم، ومن لا يقاوم دفاعاً عن الوطن، فلا يستحق وطناً بالأساس؛ فالخضوع يعطي شعوراً كاذباً بالأمان، وربما بالقوة، وأحياناً بالوجود أو بالكينونة لكن إلى حين ينتهي هذا الدور، وتنتهي المهمة المطلوبة ليتم بعدها الاستغناء عن الأشخاص، وعن الدول، وعن الأوطان، وعندما يتم الاستغناء عن الأوطان فهذا يعني دمارها وزوالها».