رياضة

هل سينجح اتحاد السلة في تعديل اللائحة الانضباطية أم ستبقى الحال على ما هي عليه؟

| مهند الحسني

لماذا لا نكتب إلا عن الأشياء السلبية في سلتنا الوطنية، وكأننا لا نرى إلا السواد، مع أن الحكمة الأزلية والمرشحة لأن تكون أبدية، وهي علينا أن نرى النصف الممتلئ من الكأس وليس الفارغ فقط.

صراحة حاولت قدر المستطاع أن أبعد نفسي عن التفاصيل التي تموج بقلب عمل وأخطاء اتحاد السلة خشية أن تتكسر في داخلي صورة جميلة حفظتها عن هذا الاتحاد في الفترة السابقة، لكن عبثاً، فالتفاصيل التي أهرب منها تطاردني حتى عندما أكون خارج التغطية، وتبدأ بدغدغة قلمي ما يدفعني للكتابة.

تفاصيل وحقائق

ما سنذكره ليس مشهداً من أفلام الأكشن الأميركية، ولا حالة مغالى فيها، وإنما هي حقيقة ملموسة جرت فصولها هذا الموسم وفي كل موسم من دون أن نرى أي حلولٍ جذرية لها بعد أن تجذرت وتأصلت وبات علاجها وشفاؤها أشبه بضرب من ضروب المستحيل، حيث مازالت أحداث الشغب التي تطل بين الفينة والأخرى وتعكر صفو رياضتنا على وجه العموم وسلتنا بالأخص من دون أي حلول، وهذا ما ساهم بشكل أو بآخر في تفاقمها إلى حد يصعب العودة به للوراء عبر حلول مجتزأة وغير ناجعة ما إن يخبو فتيلها قليلاً حتى سرعان ما تعود أشد إيلاماً وقوة.

وحدث ما لا يحمد عقباه هذا الموسم بعدما أخذت الأمور ميوعة كبيرة وصلت لمرحلة معيبة، ولن ندخل بجميع التفاصيل حصراً على عدم نقصان أي تفصيل قد يتهمنا البعض بأننا نقف من هذا أو ذاك.

ادفع واشتم من تريد

عقوبات رادعة تنتظر الأندية وجماهيرها التي أساءت هنا أو هناك بعد كل مباراة، وجل هذه العقوبات تكون مالية أو حرمان الحضور الجماهيري، ويبدو أن القرارات الانضباطية لاتحاد كرة السلة الحالي لن ولم تشهد أي تغيير جديد رغم جميع الصيحات التي أطلقها البعض في الموسم الماضي، ومازالت بعض الأنظمة هي هي من دون أي تعديل رغم أنها تركت الكثير من إشارات الاستفهام لدى عشاق ومحبي اللعبة، فهل يمكن أن تستبدل عقوبة جمهور قام بإطلاق الشتائم بكلمات نخجل عن ذكرها بدفع غرامة مالية حتى لو كانت كبيرة وضخمة، وكأننا بهذا التصرف نقول للجمهور (ادفع واشتم من تريد)، وكان حرياً باتحاد السلة أن يرفع عصا المحاسبة وقيمة عقوباته الانضباطية بعيداً عن لغة المال لكل من تسول له نفسه بالإساءة لجوهر الرياضة، ومعانيها السامية التي تربينا عليها، فهناك عقوبات يمكن أن تثقل أنديتنا يأتي في مقدمها، شطب النقاط، أو حرمان النادي من المشاركة، أو حتى إيقافات بعض لاعبيها مع عدم ربطها بالشق المادي، فهذه العقوبات لها تأثير سلبي على جميع الأندية، وحينها ستقوم هذه الأندية بتوجيه روابطها الجماهيرية على التشجيع الأخلاقي بعيداً عن أي منغصات أو مشكلات قد تعكر أجواء رياضتنا.

ما حصل في مباريات الموسم الفائت والحالي يجب التوقف عنده مطولاً والعمل على اجتثاثه خوفاً من تفاقمه وخاصة أننا على موعد مع مباريات أكثر قوة وحساسية في المربع الذهبي، وعلى اتحاد كرة السلة العمل على رفع سقف عقوباته لا أن يستبدلها بغرامات مالية لن يأتي من ورائها إلا أحداث شغب أكثر وأقوى.

الفئات العمرية

من جهة أخرى مازالت مسابقات الفئات العمرية بحاجة للتطوير لا بل شهدت هذا الموسم تراجعاً من حيث طريقة اللعب وتخفيض عدد المباريات بسبب عدم قدرة الأندية تجشم أعباء تنقل هذه الفرق بسبب التكلفة المادية العالية، فتم إقامة هذه المسابقات بطريقة التجمعات وهي لن تأتي بأي فائدة فنية لأن الفرق في هذه الفئة العمرية بحاجة إلى لعب ما يقارب الخمسين مباراة بالموسم، وهي بالحقيقة لا تلعب بعد هذه الظروف أكثر من عشر مباريات، فكيف نريد ونرغب في أن تتطور أنديتنا ولاعبونا ونحن على هذه الدرجة من الاستخفاف بأهم مفصل من مفاصل سلتنا.

نصف الكأس

ما ذكرناه هو غيض من فيض فوضى سلتنا الوطنية، وهذا هو النصف الممتلئ من الكأس، أما النصف الفارغ فإن اتحاد السلة لا يعير لنداءات أهل اللعبة أي درجة من الاهتمام ولا تلقى عنده أي صدى، وبأنه يرغب في ملء خزينته حتى لو كان ذلك على حساب اللعبة وكرامات متابعيها، والاتحاد لا يسعى إلى تجديد بنود اللائحة الانضباطية ما يتناسب ويتماشى مع المرحلة الحالية التي تمر بها اللعبة وبما يتمكن من اجتثاث جذور الشغب.

والآن احكموا بأنفسكم، إلى أي من النصفين علينا أن ننظر.

اتحاد يدعي الاحترافية بالعمل وشفافية وطموح كبير للمستقبل، يفشل في تنظيم مباريات في الدوري دون أي حدوث شغب، وليس لديه أبسط مقومات تطوير البنى التحتية للعبة في المستقبل القريب.

خلاصة

باختصار سلتنا لن تسير إلى الأمام خطوة واحدة ما دامت تدار بعقلية الأنا، وغياب الخبرات القادرة على تقديم النصح والمشورة.

وثمة أسئلة تدور في فلك الكثيرين، ألا يشكل هذا الوضع مؤشراً مرعباً؟ ألا يدل على أن السلة السورية قد اجتازت أزمتها في ظل وجود قرارات كهذه وأنظمة بالية غير قادرة على العطاء؟؟ نعم اجتازتها بالفعل ولكن ليس إلى العافية، بل إلى الهاوية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن