خلال الساعات الماضية انفردت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية بخبر خاص مفاده أن الولايات المتحدة مستعدة لتسليم إسرائيل معلومات دقيقة تتعلق بالإحداثيات التي تكشف عن موقع يحيى السنوار زعيم حركة حماس في القطاع وبعض من القيادات الأمنية في الحركة، مقابل وقف إسرائيل الفوري للعملية العسكرية في مدينه رفح.
الخبر الذي نشرته الصحيفة الأميركية يأتي عقب نشر أخبار تفيد بأن السنوار لا يوجد في أنفاق حركة حماس في مدينة رفح، ولكنه في مدينة خان يونس، وعقب تصاعد صخب هذه المعلومات اشتعلت الحرب القتالية بين جيش الاحتلال الإسرائيلي من جهة وقوات المقاومة الفلسطينية في مدينة جباليا، الأمر الذي زاد من دقة المشهد السياسي والإستراتيجي برمته.
عموما فإن تحليل مضمون التطورات الحالية في حرب غزة يشير إلى تصاعد حدة الحرب الاستخباراتية بصورة واضحة، الأمر الذي يبدو من الحديث عن وجود قوات أمنية، تتمتع بطابع استخباراتي دقيق، لتشغيل ميناء غزة الجديد، وهو الميناء الذي سيكون بديلاً من معبر رفح.
كل هذا يأتي في ظل ورود تقارير عن تفشي المآسي الإنسانية في القطاع، وبات الأمل للمواطن الغزاوي في القطاع حالياً هو الحصول على خيمة لإنقاذ نفسه وإنقاذ عائلته التي تعاني الأمرّين من هول ما يجري حولها، فضلا عن صعوبة الحياة في القطاع، ورغبة الآلاف من المواطنين في ترك غزة في أقرب فرصة في ظل تفشي الأزمات بسبب تواصل الضربات الإسرائيلية بلا توقف.
يأتي هذا طبعاً في ظل اتهامات واضحة لحركة حماس يقودها الكثير من القيادات الفلسطينية وتحديداً بعض من رجال الفكر، تشير إلى أن الحركة وتحديدا يحيى السنوار قادوا غزة إلى مغامرة عسكرية وأمنية غير محسوبة العواقب، الأمر الذي يزيد من دقة هذه القضية برمتها حالياً.
عموما كان واضحاً خلال السنوات الأخيرة تعاظم الدور الإقليمي والدولي في غزة للكثير من الدول، وهو ما ولد ما يمكن وصفه بالحرب الاستخباراتية غير المباشرة في القطاع، وخاصة مع وجود «معلن» للكثير من الدول العربية هناك، الأمر الذي جعل هذه الدول طرفاً في بلورة المشهد السياسي والأمني في غزة، ومن هذه الدول مصر فضلاً عن قطر والإمارات والتي كان لها وكلاء في القطاع.
عموماً فإن ما يجري حالياً من تجاذبات استخباراتية سيرشح عنه بالضرورة توجه يشكل صورة القطاع بالمستقبل، حيث لم تجتمع الدول العربية أو الغربية على تشكيل صورة واضحة لحكم غزة بالمستقبل، وهو ما بات واضحاً مثلاً مع مناقشة قضية معبر رفح، والشكل الذي سيكون عليه هذا المعبر بالمستقبل.
وبالتالي فإن القادم بالفعل سيكون دقيقا، وخاصة مع عدم اتفاق العالم حالياً على شكل وصورة النظام الحاكم المقبل في القطاع، وهو الأمر الذي يزيد من تعقيد الموقف وتداعياته.
صحفي مصري مقيم في لندن