ثقافة وفن

الرأس والذنب لقومي حمص … عرض ممتع وبسيط بأدائه وعميق بمضمونه

| عبد الحكيم مرزوق

عرض المسرح القومي بحمص مسرحية بعنوان الرأس والذنب تأليف وإخراج الفنان زيناتي قدسية وذلك على مسرح قصر الثقافة بحضور جمهور من المهتمين ومتابعي الأنشطة الثقافية.

البطولة الشعبية

قدم العرض شخصية (أبي غصن) التي جسدها الفنان «زيناتي قدسية»، وأبو غصن هو لقب الشخصية الشعبية جحا التي تتمتع بالدماثة وخفة الظل، يقدمها كبطل شعبي يعيد الحقوق للمظلومين في مدينته من المرابي الذي يمثل الصورة المصغرة عن المستغل الأكبر الوالي العثماني الذي جسد شخصيته «أفرام دافيد» بكل تفاصيله حيث يقوم (جحا) بحنكته في إدارة القضاء وذلك بعد مروره بالعديد من الأحداث حيث يتم إبعاده من قبل الوالي وإجباره على الجلوس في بيته وإغلاق دكانه وإبعاده عن قاعدته الشعبية التي كان يقف إلى جانبها في بداية العرض حيث يعيد الطناجر إلى أصحابها بعد أن استعادها بطريقة ذكية من المرابي، وهي قصة شعبية موجودة في كتب التراث حين يستعير جحا طنجرة من المرابي ويعيدها في اليوم الثاني مع طنجرة صغيرة بحجة أن الطنجرة ولدت وبعد أيام يعيره المرابي عدة طناجر حيث يستغل جحا ثقة المرابي الجشع فيعيد الطناجر إلى أصحابها الحقيقيين بعد أن سطا المرابي عليها، وحين يأتي المرابي للحصول على طناجره آملاً بأن تكون أكثر عدداً لأنه اقتنع أن الطناجر تلد يقول له جحا إنها ماتت فيعترض المرابي على ذلك بأن الطناجر لا تموت فيجيبه جحا إذا كانت الطناجر لا تموت فهي لا تلد أيضاً.

جحا والنوادر

يقود جحا الأحداث بعد أن يصبح قاضياً ليجعل من كونه قاضياً وسيلة لإكمال دوره في إعادة الحقوق لأصحابها والتخلص من الوالي العثماني ومن هيمنته على المدينة ونهب خيراتها من خلال حبكة يتفق فيها مع ابن أخيه الراغب بالزواج من ابنته بإعطائه وعداً بتحقيق رغبته إذا استطاع مساعدته بتخليص المدينة من الوالي وتنجح مساعيها بذلك معتمدين على قصة معروفة بالتراث الشعبي هي مسمار جحا حيث تبلغ المسرحية ذروتها حين تنفجر الجوقة التي تمثل الشعب منادية بالتخلص من الوالي وأعوانه الذين ينهبون المدينة وخيراتها وينتهي العرض بزواج سعد من ابنة عمه وإحقاق العدل في المدينة.

القصة التي قدمها زيناتي قدسية في عرضه «الرأس والذنب» وظف فيها بعض القصص والطرائف التي تروى عن جحا تلك الشخصية المحببة عبر التاريخ والتي يروي المؤرخون والقصاصون بعض طرائفها في كتب التراث في حبكة نسجها ليقدم من خلالها أمثولة أدخل فيها الحيلة الذكية التي ألبسها هدفه السياسي في التخلص من الفساد والفاسدين الذين يتحكمون برقاب الناس عبر التاريخ، وقد استخدم الفنان قدسية منذ بداية العرض كسر الإيهام وربط الصالة بالخشبة من خلال ظهوره في بداية العرض من الصالة ليقول إن شخصية جحا التي بجسدها تمثل عامة الشعب وهي التي خرجت من قلب الجمهور وهي تعاني ما يعانيه الشعب ولذلك فهي دائماً منه وتسعي لتخليصه من معاناته.

العرض والممثلون

الممثلون جهدوا في تقديم شخصياتهم التي جسدوها وخاصة الممثل والمخرج والكاتب زيناتي قدسية الذي جسد شخصية جحا، وكذلك أفرام دافيد الذي جسد شخصية الوالي وحسبن عرب الذي جسد شخصية الغزولي مستشار الوالي والمناصر لشخصية جحا وكذالك بسام حمزة الذي جسد شخصية عبد الحفيظ صاحب البيت الذي يشتريه من مالكه بعد أن يشرط إبقاء المسمار وإعطاءه حرية الاطمئنان عليه بعد إتمام عملية البيع.

عرض «الرأس والذنب» عرض ممتع وبسيط بأدائه وعميق بمضمونه، وهو استمرار للعرض الذي قدمه (قدسيه) منذ أشهر بعنوان جحا والأصهب مع اختلاف الشخصيات المسرحية لكنها تصب في الخانة ذاتها التي تدافع عن حقوق المظلومين والخلاص من المتنفذين المتسلطين على رقاب الناس.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن