طهران وباريس يطويان ثلاثة عقود من الجفاء والقطيعة
أكثر من 3 عقود اتسمت العلاقات الفرنسية الإيرانية فيها بالجفاء والقطيعة وغذيت بعدة أزمات زادت من حدة التوتر بين طهران و«الشيطان الصغير» كما أطلق عليها زعيم الثورة الإيرانية الخميني.
واليوم تفتح فرنسا الباب الأوروبي واسعاً أمام طهران من دون أن يكون لدى الخبراء في السياسة الفرنسية أدنى شك بأن الإليزيه يقوم باستدارة حادة في إستراتيجيته تجاه إيران. فلم يكتف رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس بالترحيب بالرئيس الإيراني حسن روحاني، بل استخدم اللغة الفارسية ليقول له «أهلاً بكم في فرنسا».
وكان فالس ووزير خارجيته لوران فابيوس قبل إنجاز الاتفاق النووي الإيراني يغاليان في توقهما إلى تجريم إيران وقيادتها وتحطيم مقدراتها عبر الحصار والعقوبات. لكن سبحان مغير الأحوال، حيث انتقلت فرنسا من موقع الخصم الشرس لإيران إلى موقع الطامح إلى بناء علاقات متينة وشراكة اقتصادية وازنة.
صحيح أنه في العلاقات الدولية لا ثوابت في العداء النهائي أو الصداقة الدائمة، لكن في المثال الفرنسي تبدو الأمور مدهشة حين تركب الإدارة الفرنسية حصاناً جامحاً خلال المفاوضات النووية، وتعرقل ما كان يستجد من تفاهمات، ثم تعود عن كل اتهاماتها لطهران حول عسكرية برنامجها النووي وتوقع مع الموقعين على الاتفاق النووي.
في مطلق الأحوال، وحسب خبراء في السياسة الفرنسية، تعمل الإدارة في باريس على إحلال مصالحها في المقام الأول في العلاقة مع الآخر.
فالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، الذي تعاني فترة حكمه انهيارات فعلية في الاقتصاد وتتعاظم البطالة وتهتز الثقة بالاتحاد الأوروبي، لن يجد حرجاً في احتضان الرئيس الإيراني حسن روحاني وتناسي تلك الخطابات النارية التي أطلقها ضد طهران.
ويسعى هولاند إلى الاستفادة القصوى من مفاعيل رفع الحصار عن إيران وهو في ذلك في سباق مع شركائه الأوروبيين ومع الولايات المتحدة الأميركية التي بدأت بتحريك آلياتها الاقتصادية باتجاه ما كانت تعتبره العدو اللدود، على حين تشكل العلاقات الإيرانية الصينية وتطورها أخيراً الهاجس الأكبر للعواصم الغربية.
ولا بدّ أن تمرر فرنسا بعض الرسائل تعزيزاً للعلاقة الجديدة مع إيران، هولاند ولأول مرة يقول إنه بحث مع الرئيس روحاني كيفية التعاون لمواجهة الإرهاب. هذا يعني أن فرنسا تعترف بدور طهران في المنطقة بعد ما كانت تصفه بسلبية، وهو حسب المطلعين أول الغيث الفرنسي تجاه الدور الإيراني في الإقليم والعالم.
ويريد طبعاً الفرنسيون وضع أكبر قدر من السكّر في خطابهم تجاه إيران، فما وقِّع من اتفاقيات ضخم وسينعكس على البلدين بفوائد جمة أكثر فأكثر.
هكذا بعد إيطاليا تفتح فرنسا الباب الأوروبي واسعاً أمام طهران من دون أن يكون لدى الخبراء في السياسة الفرنسية أدنى شك بأن الإليزيه يقوم باستدارة حادة في إستراتيجيته تجاه إيران، وسيكون تقويم ثباتها وصدقها موضع مراقبة من الإيرانيين ولاسيما حين سترد دول تُعادي إيران وتعتبر أن احتضانها، من وراء ظهرها، لن يكون من دون دفع ثمن باهظ.
روسيا اليوم – الميادين