علقت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية على الزيارة التي يعتزم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القيام بها إلى الصين غداً الخميس لتعزيز العلاقات بين الجانبين تشكل إحباطا للغرب ولاسيما الولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن التعديلات الوزارية التي أجراها بوتين، الأحد الماضي، لم تمس مناصب المسؤولين الرئيسيين في العلاقات الصينية- الروسية، لافتةً إلى أن وزير الدفاع الجديد، أندريه بيلوسوف، وهو خبير اقتصادي، يتمتع بعلاقات عميقة مع القيادة الصينية.
واعتبرت الصحيفة أنه منذ شباط 2022 (بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا)، أصبحت بكين أكبر سوق للنفط والغاز الروسي، فضلاً عن كونها مصدراً رئيساً للواردات، في حين هدّد البيت الأبيض في كانون الأول الماضي بفرض عقوبات على «أي بنك يسدد مدفوعات روسيا»، وفي وقت سابق من هذا العام، زارت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، الصين وعرضا «التهديدات» للقادة الصينيين والمؤسسات المالية، وفق الصحيفة.
ومع ذلك، فإن الآمال بأن تؤدي التهديدات الأميركية إلى حل المشكلة بشكل نهائي هي «مجرد أمنيات»، حسب ما أكدت «فايننشال تايمز»، التي شدّدت على أن الحكومتين الروسية والصينية أظهرتا قدرة ملحوظة على التكيف مع القيود الأميركية.
وبالعودة إلى زيارة بوتين، فقد قالت الصحيفة إنها «تمثل فرصة جديدة لتبادل الأفكار بشأن الخيارات في الخفاء قبل تنفيذها بهدوء»، مرجحةً أن يرافق الرئيس الروسي فريق من ذوي الخبرة من البنك المركزي ووزارة المالية المسؤولين عن حملة الكرملين لإلغاء «دولرة» النظام المالي في البلاد منذ عام 2014.
ولفتت إلى أن حملة الكرملين في هذا الإطار مكنت البلاد من تحمل الصدمة الأولية للعقوبات ثم تحويل نظامها المالي بسرعة من الاعتماد على الدولار الأميركي واليورو الأوروبي إلى الاعتماد على «الرنمينبي» الصيني، وذكرت الصحيفة أنه بحلول كانون الأول الماضي استحوذ «الرنمينبي» على أكثر من ثلث التسويات في التجارة الروسية مع الشركاء الأجانب، بعد أن كانت صفراً تقريباً قبل الحرب في أوكرانيا، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى تحويل الديون من الدولار واليورو إلى الرنمينبي.
وأكدت «فايننشال تايمز» أن روسيا والصين تستخدمان البنية التحتية المحلية لإتمام المعاملات وتخليصها، لافتة إلى أن موسكو ستعمد في خطوة قادمة إلى إنشاء بنية تحتية متطورة لتخليص المدفوعات الأكثر حساسية، لأن «الخطوة السابقة لا تحمي وحدها البنوك الصينية من العقوبات إذا اكتشفت واشنطن أي معاملات»، وفق الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن البنوك الصينية الإقليمية البالغ عددها 4500 بنك لديها بالفعل علاقات مراسلة مع البنوك الروسية، ورجحت «ألا تشمل المعاملات أي بنك صيني كبير مدمج في النظام المالي العالمي»، وعلى ضوء ما سبق شددت «فايننشال تايمز» على إمكانية صقل السلطات الصينية، البنية التحتية المالية، بما يسمح بأن تستخدمها الدول الأخرى التي تسعى إلى إيجاد «ترياق» مضاد لتحويل واشنطن الدولار إلى سلاح.