من دفتر الوطن

هل جاءكم حديث «ديزل»؟

| فراس عزيز ديب

«ديزل» هنا ليس المقصود به ذاك الاسم الأجنبي لمادة المازوت المُستخدم كوقودٍ للتدفئة والذي بات مادةً شبه مفقودةٍ في بيوت السوريين، أو كوقودٍ لحافلات النقل العامة والخاصة والتي مازالَ هناك من يتاجر بها بدلَ استخدامها للهدف التي توزَّع من أجلهِ ليخلقَ مشكلات إضافية في حياة السوريين.

«ديزل» هنا ليس المقصود بها ماركة الأزياء الشهيرة التي لا أعلم صراحةً إن كانت مخصصة لطبقةِ الأغنياء فقط أم يستطيع اقتناء منتجاتها حتى من يسمونهم «ضحايا أول الشهر».

«ديزل» هنا ببساطة هو «حمار»، لم يقم هو بتسمية نفسه بهذا الاسم لكن عُشاق البراري الذين اكتشفوا قصته هم من سموه بهذا الاسم لأننا نتحدث فعلياً عن حمار بات في الأيام القليلة الماضية حديثَ وسائل الإعلام وانفجرت مواقع التواصل الاجتماعي بما فيها الأميركية بقصته، «ديزل» كان قد تمردَ قبل سنواتٍ على حياتهِ في المزرعة التي كان فيها في ولايةِ كاليفورنيا الأميركية، وهربَ منها ليعيشَ مع مجموعةٍ من «الإلكة» أو الغزلان الأميركية، فعلياً التقطت عدسات الكاميرات الكثير من الصور لديزل وهو يتجول مع قطيعٍ من الغزلان ويتعامل بسلوكياته على أنه غزال لا حمار.

عند رؤيتي للفيديوهات الخاصة بديزل أعترف بأن نوبةَ من الضحك قد انتابتني تحديداً مع تزاحم الأفكار في رأسي التي ولدها هذا السلوك الغريب، البعض من هذهِ الأفكار سأكتبها لكن لأحتفظَ بهِ لنفسي أو على الأقل كما جرت العادة لكثيرٍ من الأفكار التي أجمعها ليأتي اليوم المناسب لإخراجها، لكن بالوقت ذاته هناك بعض الإسقاطات في قصةِ هذا «الحمار المتغزلن» لا يمكن المرور عليها مرور الكرام:

أولاً، درجت العادة عندَ عشاق الترند أن يفاخروا بعدد مشاهداتهم بما في ذلك من يسمونهم مؤثرين في عالم مواقع التواصل الاجتماعي، لكن مع الرقم الذي وصلَ إليه «ديزل» بعدَ عرض قصته نستطيع أن نؤكد لهم المؤكد بأن حصولهم على عدد مشاهدات كبيرة أو تحولهم إلى «ترند» لا يعني بالضرورة أن يكونوا مميزين فقد يكونون ببساطة مجردَ «ديزل» مثلاً، لكن الفرق بينهم وبينه بأنه لا يؤذي أحداً بأفكار مسمومة.

ثانياً: عندما تابعتُ سلوكيات ديزل وقدرته على تقليد قطيع الغزلان المنتمي إليه، عادت بي الذاكرة إلى البعض من المنتمين بالهوية إلى ذاكَ الشرق البائس لكن أزمات بلدانهم حملتهم إلى بلدان اللجوء الأوروبية، تلكَ القلة من الإمعات لا يفوتون فرصة ليقنعوا القطيع الذي تبناهم بأنهم لا يشبهون بلدانهم وربما ولادتهم هناك هو خطأ «قدري» لا أكثر، لدرجة يقومون فيها حتى بتحقير بلدانهم وجذورهم، هنا يجب أن نذكِّر هؤلاء بأنك مهما حاولت أن ترتدي ثوب الغزلان، فسيأتي اليوم الذي ستلتقطك فيه عدسة كاميرا ثاقبة تماماً كما التقطت «ديزل» من بين مجموعةِ غزلان، مع فارقٍ بسيط أنك حتى لن تصبح وقتها «ترينداً»!

شكراً «ديزل»، لقد ألهمتني قصتك الكثير.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن