ثقافة وفن

بعد رفض نجلها قبل 12 عاماً … وردة الجزائرية تعود إلى الأضواء في مسلسل تلفزيوني

| وائل العدس

صوت لازمَ الفرح وحضور أمدّنا بشيء من طاقته وحيويّته في أوقات حلوة ومرّة، بل إنه علامة من علامات الغناء في القرن العشرين.

بدأت الغناء بالفرنسية، قبل أن تختار الأغنية العربية طواعية، وحرّكت مشاعر عشرات الملايين بأدائها الزاخر بالانفعالات وحنجرتها الباذلة.

إن ما يميز وردة الجزائرية عن غيرها أنها كانت ملمة بالفن والغناء العالمي بحكم الوسط الذي نشأت فيه في فرنسا، وفي الوقت نفسه حبها للفن والطرب العربي، هذه الازدواجية أو التعددية الفنية جعلت منها فنانة ومطربة متكاملة ومتجانسة ما جعل كل الملحنين الذين مروا عليها يجدون ضالتهم معها، علماً أنها عملت مع جميع الملحنين على مختلف ألوانهم وألحانهم وهنا يكمن سر نجاحها، وهذا يظهر جلياً في كل أغانيها حينما نتبع مسارها الغنائي، حيث نجد أن كل أغنية من أغانيها تختلف عن سابقتها مع الحفاظ على روح الموسيقا العربية.

ورغم اختلاف الأجيال التي غنت لهم بقيت وردة محافظة على تلك الروح العربية داخل أغانيها، ولم تنجرف وراء ما يسمى الأغاني التجارية، ما جعلها تحافظ على جمهورها وعشاقها بل أكثر من ذلك كسبت ذوقهم وقلوبهم.

مسلسل تلفزيوني

مؤخراً، كشف بعض المصادر عن التحضير لمسلسل يتناول السيرة الذاتية للفنانة الجزائرية الراحلة وردة الجزائرية، على أن تجسد دورها مواطنتها الشابة كنزة مرسلي، نجمة برنامج المواهب «ستار أكاديمي».

ولفت بعض التقارير إلى أنه من المقرر اختيار الفنان المصري محمد رمضان لتجسيد شخصية الموسيقار الراحل بليغ حمدي الذي ارتبط اسمه فنياً بوردة.

اللافت أنه فور وفاتها قبل 12 عاماً، تردد إنتاج مسلسل يروي سيرة حياتها، وتم ترشيح كل من أنغام وآمال ماهر لتجسيد شخصيتها، وخاصة أنها حلمت بتصوير عمل عن سيرة حياتها لأنها كانت على يقين بأنه سيكون مثار ضجة.

لكن نجلها رياض القصبي رفض رفضاً قاطعاً تقديم أي عمل عن حياة والدته، وأكد أن كل ما تردد وقتها مجرد شائعات، مشيراً إلى أنه لا يزال على قناعة بأنه لا يصح تقديم عمل عن والدته لأن من سيقدم العمل لا يعرف الكثير عنها، سواء في منزلها أم وسط أسرتها، كما أن أغلب أعمال السيرة الذاتية التي قُدمت طوال السنوات الماضية شوّهت بعض الأشخاص، فهل تغيرت قناعته الآن؟

سيرة حياتها

ولدت وردة في فرنسا لأب جزائري وأم لبنانية من عائلة بيروتية، مارست الغناء في فرنسا وكانت تقدم الأغاني للفنانين المعروفين في ذلك الوقت مثل أم كلثوم وأسمهان وعبد الحليم حافظ، وعادت مع والدتها إلى لبنان وهناك قدمت مجموعة من الأغاني الخاصة بها.

كان يشرف على تعليمها المغني الراحل التونسي الصادق ثريا في نادي والدها في فرنسا، ثم بعد فترة أصبح لها فقرة خاصة في هذا النادي.

قدمت لمصر عام 1960 بدعوة من المنتج والمخرج حلمي رفلة الذي قدمها في أولى بطولاتها السينمائية «ألمظ وعبده الحامولي» لتصبح فاتحة إقامتها المؤقتة بالقاهرة، ولها أفلام أخرى «آه ياليل يازمن» و«حكايتي مع الزمان» مع رشدي أباظة و«ليه يا دنيا»، و«صوت الحب».

كان ميلادها الفني الحقيقي في أغنية «أوقاتي بتحلو» التي أطلقتها في عام 1979م في حفل فني مباشر من ألحان سيد مكاوي. كانت أم كلثوم تنوي تقديم هذه الأغنية في عام 1975 لكنها ماتت، لتبقى الأغنية سنوات طويلة لدى سيد مكاوي حتى غنتها وردة.

شاركت وردة في عدد من الأفلام، منها: «ألمظ وعبده الحامولي» مع عادل مأمون، و»أميرة العرب» و«حكايتي مع الزمان» مع رشدي أباظة، و«صوت الحب» مع حسن يوسف، قدمت مسلسل «أوراق الورد» مع عمر الحريري، وبعد أربع سنوات شاركت بمسلسل «آن الأوان» من تأليف يوسف معاطي وإخراج أحمد صقر.

تعاملت مع كبار الملحنين منهم رياض السنباطي ومحمد عبد الوهاب ومحمد القصبجي وفريد الأطرش ومحمد الموجي وسيد مكاوي وبليغ حمدي وكمال الطويل وصلاح الشرنوبي وحلمي بكر.

من أشهر أغانيها «في يوم وليلة»، و«وحشتوني»، و»بتونس بيك»، و«حرمت أحبك»، و«نار الغيرة»، و«خليك هنا»، و«فين أيامك»، و«مغادير»، و«أكذب عليك».

توفيت وردة في منزلها في القاهرة في 17 أيار 2012 إثر أزمة قلبية ودفنت في الجزائر ووصلت في طائرة عسكرية بطلب من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وكان في استقبالها العديد من الشخصيات السياسية والفنية ليتم دفنها في مقبرة العالية بالجزائر العاصمة. وكانت قبل وفاتها قالت «أريد العودة إلى الجزائر فوراً».

اعتزال وانفصال

اعتزلت الغناء سنوات بعد زواجها، حتى طلبها الرئيس الجزائري هواري بومدين كي تغني في عيد الاستقلال العاشر لبلدها عام 1972، بعدها عادت للغناء فانفصل عنها زوجها جمال قصيري وكيل وزارة الاقتصاد الجزائري، فعادت إلى القاهرة، وانطلقت مسيرتها من جديد وتزوجت الموسيقار المصري الراحل بليغ حمدي لتبدأ معه رحلة غنائية استمرت رغم طلاقها منه سنة 1979.

كان لحمدي دور أساسي في نجاح وردة كما كانت عنصراً مهماً في حياته فنياً وعاطفياً ما جعله أكثر إبداعاً ورقياً، فقد شكلا مع بعض ثنائياً فجّرا نهضة فنية لم يسبق أن شهدها الطرب العربي إلى يومنا هذا، حتى أصبحت مدرسة وصنعت لنفسها نموذجاً غنائياً خاصاً بها.

حفل تكريم

في التاسع والعشرين من حزيران عام 2012، أقامت فرقة التخت الشرقي النسائي السوري حفل تكريم للفنانة للراحلة على مسرح دار الأوبرا بدمشق، وسردت في دليل الحفل سيرتها، وقدمت خمس أغان شهيرة لها.

وكان بين الأغاني المقدمة أغنية «أكذب عليك» لمحمد الموجي وثلاث أغان لمحمد عبد الوهاب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن