قبر في دمشق بـ١٥٠ مليوناً وقبور بثلاثة طوابق … مدير مكتب الدفن لـ«الوطن»: قرار المكتب التنفيذي سمح بالتنازل عن استحقاق الدفن ولا يوجد طابو وفراغ
| راما العلاف
إذا كنت ترغب في أن تدفن في دمشق «بعد عمر طويل» ولا تملك قبراً في أراضيها فأنت بحاجة لمبلغ يتراوح بين ١٠٠ و١٥٠ مليون ليرة سورية فقط لا غير لقاء شرائك قبراً في مقابر دمشق، فالتجارة والسمسرة لم تستثن حرمة القبور وعبرتها، ووجدت طريقها إلى صفحات التواصل الاجتماعي بعد أن كانت تتم بتكتم وسرية كبيرين مستهدفة مقابر الدمشقيين على وجه الخصوص من سماسرة وأشخاص تحت مسمى قبور «طابو وجاهزة للفراغ».
واللافت في الأمر هو فرق أسعار القبور في دمشق عن ضواحيها بما يزيد على ٣٥ ضعفاً إذ يتراوح سعر القبر في الضواحي ما بين ٤ و١٠ ملايين ليرة سورية فقط.
الخبير الاقتصادي الدكتور محمد كوسا أعاد في حديثه لـ«الوطن» أسباب انتشار هذه التجارة في دمشق إلى الإغراء المالي وقلة العرض مقابل كثرة الطلب في ظل محدودية المساحات المخصصة للدفن وعدم إمكانية التوسع في تأمين قبور جديدة بدليل تحويل محافظة دمشق القبور إلى طوابق قد تصل إلى ثلاثة طوابق بناءً على طلب أصحابها لقاء رسوم تسدد لمصلحة المحافظة، في ظل وجود طلب كبير على القبور بدمشق لأسباب اجتماعية تكمن في رغبة الناس والعائلات الدمشقية تحديداً في الدفن فيها حصراً كموروث اجتماعي إضافة إلى وجود مدافن خاصة لعائلات معينة في مقابر دمشق ما يعزز دور الموروث الاجتماعي.
وأشار إلى أنه نتيجة للظروف الاقتصادية وتدني الحالة المعيشية والدخل لجأ بعض الأشخاص إلى بيع قبورهم واعتبارها أحد الموارد الاقتصادية لتعويض موارد معينة في ظل تدني الظروف المعيشة وارتفاع الأسعار متجاهلين الجانب الاجتماعي والديني والتوجه نحو دفن موتاهم في مقابر ضواحي دمشق لكونها أرخص سعراً، وذلك استغلالاً للطلب الكبير سعياً لتحقيق أرباح مادية كبيرة.
ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن ظاهرة بيع القبور شائعة منذ زمن وأن الأمر كان يتم عبر جهات ومكاتب معينة تعمل على تيسير أمور الدفن وتقوم بتأمين قبور لقاء مبالغ مالية معينة، واعتبر أن ظهور هذه التجارة إلى العلن على مواقع التواصل الاجتماعي أمر تشوبه الوقاحة وما هو إلا استغلال للتقنيات والوسائل الحديثة للتسويق والترويج الإلكتروني.
وأشار إلى أن هذه الظاهرة منتشرة في دمشق تحديداً أما باقي المحافظات فلديها مقابر على أطراف المدن والقرى مستغرباً وجود القبور في مدينة دمشق أصلاً.
من جانبه أوضح مدير مكتب دفن الموتى بدمشق فراس إبراهيم في حديثه لـ«الوطن» أن عملية التنازل عن استحقاق الدفن في قبور دمشق تتم بطريقة نظامية عبر مكتب الدفن بعد صدور قرار من المكتب التنفيذي في محافظة دمشق من نحو السنة سمح بالتنازل عن استحقاق الدفن وفق شروط منها السماح بالتنازل كل 5 سنوات مرة واحدة بهدف منع المتاجرة وضبط عملية بيع القبور، إضافة إلى أن يتنازل كافة الورثة للقبر عن استحقاق الدفن مع اصطحاب حصر إرث وحضور كامل الورثة، وذلك تبسيطاً لإجراءات التنازل التي كانت تتم سابقاً عن طريق المحكمة وتتطلب إجراءات عديدة وتصل حتى ثلاث سنوات وتكلف المواطن رسوم كبيرة أيضاً، ولا يوجد ما يسمى بيع قبر طابو أو فراغ إنما هذه تعابير عامية غير دقيقة إنما هي عملية تنازل عن استحقاق دفن فقط.
مشيراً إلى أن قرار المكتب التنفيذي لم يشترط وجود حالة وفاة للسماح بشراء قبر، ولا تتدخل المحافظة في تسعير القبور إنما تستوفي رسوم التنازل فقط عبر مكتب الدفن وهي رسوم بسيطة يستثنى منها الأقارب حتى الدرجة الثالثة فما دون.
ولفت إبراهيم إلى أن تحويل القبور في دمشق إلى طوابق ساهم بحل مشكلة محدودية المساحة في ظل عدم إمكانية التوسع بالمقابر الموجودة بدمشق، وخاصة أنها تصل حتى ثلاثة طوابق حسب مساحة القبر وذلك بناء على طلب صاحب القبر لقاء رسوم معينة تسدد لمصلحة مكتب الدفن مشيراً إلى وجود عشرات الطلبات يومياً بالإضافة لسرعة التنفيذ حيث تم تحويل الكثير إلى قبور طابقية بدمشق.
وأشار إبراهيم إلى وجود مقابر كبيرة تتسع لآلاف القبور كمقبرة عدرا ونجها التي تتسع حالياً إلى ما بين 40 و50 ألف قبر مع إمكانية التوسع بآلاف القبور أيضاً لوجود مساحات كبيرة فيها والدفن ميسر فيها.