شؤون محلية

سكن للشباب

| ميشيل خياط

كرر مجلس الوزراء مؤخراً، دعوة المعنيين لتسوية أوضاع المتخصصين بالسكن الشبابي المتآخرين عن تسديد الأقساط لمدة ثمانية أشهر أو أكثر.

ما من شك أنه فعل ذلك بعد تلقي شكاوى عديدة ممن سرهم القرار وذهبوا إلى فروع السكن الشبابي أو مؤسسة الإسكان لتنفيذه، لكنهم فوجئوا بمواقف غريبة، كتفسير القرار حسب المدة الزمنية التي يفترضونها، على الرغم من أن الصيغة واضحة: ثمانية أشهر وأكثر، ولم يحدد الخبر المنقول عن رئاسة مجلس الوزراء آنذاك «بداية نيسان الماضي- 2024» كم شهراً أو كم سنة، بعد الثمانية أشهر.

لعل قراراً مكتوباً قد صدر بعد الاجتماع، وقامت وزارة الإسكان بتوزيعه على المؤسسة العامة للإسكان وفروعها في المحافظات ولاسيما طرطوس التي تعد عقدة النجار في السكن الشبابي لأسباب مبهمة علنياً، ولعله قدم كل الأجوبة، ومن الأفضل نشره في وسائل الإعلام السورية، العامة والخاصة، فالقضية كبيرة جداً، إنها إنعاش لحل سكني لابد منه لتلبية احتياجات الأجيال الشابة.

نعم: قرار السماح للمتآخرين عن تسديد الأقساط، أحيا ليس السكن الشبابي الذي يوفر بيوتاً لـ64 ألف مواطن ومواطنة فقط، بل حلم المسكن لكل الأجيال القادمة، حلم يكتسب خصوصية في مجتمعنا، إذ إن التوجه العام للشباب السوري، هو الزواج وإنجاب الأطفال وتأسيس عائلة، وهذا العرف متجذر، خلافاً لما بتنا نرى في أوروبا والأميركتين من عزوف عن الزواج تحت مسمى الحرية.

لقد ناقشت المهندس إياس الدايري المدير العام الأسبق للمؤسسة العامة للإسكان، بإصرار وزيرة الإسكان آنذاك المهندسة هالة الناصر للتوجه نحو السكن المناطقي، قبل استكمال السكن الشبابي، وكان جوابه -الذي لم يقنعني- إن سكن الشباب سيترك كقصة نجاح!.

بالفعل هو قصة نجاح وكان يجب احتضانه بمزيد من الرعاية والاهتمام، فهو عملياً سكن الفقراء آنذاك، اكتتب عليه من كان يملك عشرة آلاف ليرة سورية وكان بشروط ميسرة: قسط شهري ألفا ليرة وقرض لـ25 سنة…!! يساوي 70 بالمئة من ثمن الشقة.

للأسف، فاقمت الحرب الجائرة على سورية الصعاب التي واجهت الدولة والمكتتبين، وبغض النظر عن كثير من التفاصيل التي باتت معروفة، نرى أنه لابد أولاً من تنفيذ قرار مجلس الوزراء الجريء، المجسد لكبر الدولة السورية في تعاملها مع أبنائها، وإعادة كل من يريد التمسك بحقه المشروع في السكن الشبابي، ولاسيما أن أغلب من ألغي تخصصهم لم يبلغوا بهذا الإلغاء، وكانت تعصف بهم ظروف الحرب القاسية.

وأذكر أن العقد بين المكتتب والمؤسسة العامة للإسكان نصّ على ترحيل المتأخر عن السداد إلى آخر قائمة المستفيدين، ونصّ أيضاً على غرامة 8 بالمئة على كامل المدفوعات، تسددها مؤسسة الإسكان للمكتتب في حال تأخرت عن تسليمه الشقة في الوقت المحدد 5 أو 7 أو 10 سنوات، وهناك آلاف ممن تأخرت المؤسسة عن تسليمهم الشقق أكثر من عشر سنوات.

كان السكن الشبابي مكرمة كبرى جسدت آنذاك الدور الاجتماعي الرائع للدولة السورية، وما من شك أن الحرب التي شـُنت على سورية كان من أهدافها الأساسية تغيير هوية سورية المميزة.

يجب أن نتفانى في إنقاذ هويتنا، وأن تسعى المؤسسة العامة للإسكان إلى استعادة دور القطاع العام الريادي في حل الاستعصاء الراهن على صعيد السكن.

لقد أشار تقرير إخباري ميداني لجريدة «الوطن» السورية مؤخراً إلى أن تكلفة إنشاء وإكساء المتر المربع بناء في سورية هي 8 ملايين ليرة وأن أسعار البيوت في دمشق تتراوح الآن بين 700 مليون ليرة و20 ملياراً من الليرات السورية.

والبيت ضرورة مثل الغذاء والكساء، من دونه الموت في العراء.

إذاً لابد من مشروعات كبرى مماثلة للسكن الشبابي بقرض طويل الأجل وأقساط ملائمة، ولابد أيضاً من تشجيع القطاع الخاص على بناء مدن سكنية للفقراء لتأجير شققها بعد نجاح قانون الإيجارات الحالي بطمأنة المالك والتزام المستأجر بتسديد الأجرة.

يجب على الهيئة العامة لشؤون الأسرة السورية أن تقدم الأرقام عن النمو السكاني وأن تحمل راية حماية الأسر الشابة ببيوت على مقاسها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن