تعميم الثقافة القانونية في الأوساط الشعبية … ماذا عن آفة التهريب وآثارها؟ وكيف يتعامل القانون معه؟ وما أشكاله؟
| مصعب أيوب
يعرف التهريب على أنه نقل بضائع من دولة إلى أخرى بطريقة غير مشرّعة قانوناً، وهو يشمل البضائع الممنوعة والأسلحة والمواد المخدرة والحيوانات المهددة بالانقراض حتى أنه يشمل تهريب الأشخاص.
وعليه فقد صدر للقاضي المستشار محمد ياسين قزاز عن دار بستان هشام كتاب عنوانه «التهريب بين المسؤولية الجمركية والمسؤولية الجزائية» يتناول من خلاله أشكال عدة للتهريب وكيف تعاطى معها القانون السوري والتعديلات التي طرأت عليه وما إلى ذلك.
الأسباب والآثار والمكافحة
بداية أشار قزاز إلى أسباب عدة تدفع الأشخاص للقيام بالتهريب يتربع على تلك الأسباب: الربح المادي ومحاولة الإفلات من قبضة القوانين والضرائب العالية، والفقر والبطالة وكذلك الفساد وسوء الحوكمة، وأيضاً الحروب والنزاعات.
ثم يومئ بعد ذلك إلى أهم الآثار المترتبة على حدوث تلك الظاهرة والتي أهمها: تشويه التجارة الدولية، إضعاف الصناعات المحلية، تدني مستوى إيرادات الحكومة، تراجع الاستثمار، زيادة الجريمة والعنف، تهديد الأمن الصحي والسلامة العامة، فقدان الثقة بالأجهزة الرقابية الحكومية، والكثير من التأثيرات البيئية.
وحول كيفية مكافحة هذه الظاهرة يفيد قزاز أنه يمكن للدولة تحقيق ذلك من خلال تشديد التشريعات وتطبيق القانون، وتعزيز التوعية العامة، وتعزيز الرقابة والمراقبة، وكذلك تقوية التعاون مع القطاع الخاص، وتعزيز التنمية الاقتصادية وتقليل الفقر، واستخدام التكنولوجيا.
تجاوزات
قدم المؤلف شرحاً تفصيلياً لكل من التهريب الجمركي والتهريب الجزائي مستفيضاً بمقارنات بين حالات من كلا النوعين، فحول حالات التهريب الحكمي مثلاً «الذي ألحقه المشرّع بالتهريب الحقيقي وأجرى عليه الحكم نفسه» يفندها الكتاب: عدم التوجه بالبضائع عند الإدخال أو الإخراج إلى المركز الجمركي المختص، عدم سلوك الطرق المحددة بالقانون في إدخال البضائع أو إخراجها، تجاوز البضائع في الإدخال أو الإخراج من المراكز الجمركية من دون التصريح عنها، تفريغ البضائع خارج الحرم الجمركي أو النقص أو التبديل أو الزيادة من دون سبب مشروع، وكذلك إخراج البضائع من المناطق الحرة من دون موافقة الجمارك.
وتطرق الكتاب أيضاً إلى جرم التهريب في القوانين الجزائية الخاصة والتبدلات التي طرأت عليه بتبدل السياسات الاقتصادية للدولة، فمثلاً يمكن لمحكمة الجنايات الحكم بالغرامات الجمركية المترتبة على تهريب المخدرات عوضاً عن المحكمة الجمركية مشروط ذلك بتقديم ادعاء شخصي خطي أمامها من المدير العام للجمارك وذلك وفق المادة٢١ من قانون الجمارك.
أسلحة وذخائر
وفيما يخص تهريب الأسلحة والذخائر توسع المؤلف في هذا الجانب نظراً لكثرة تشعباته والتي منها حيازة الأسلحة بقصد تنفيذ عمل إرهابي أو بقصد الاتجار بها وتختلف طريقة تعاطي الأحكام والقوانين مع كل حالة حسب خطورتها وتبعاتها.
وأما عن تهريب الأموال والمعادن الثمينة فقد تكلم الكتاب عن كيفية نظر قانون العقوبات الاقتصادي رقم ٣٧ لعام ١٩٦٦ إليها وأيضاً كيف نظر إليها وحاكمها قانون مكافحة التهريب ١٣ لعام ١٩٧٤، وأيضاً في ظل قانون عقوبات تهريب العملات والمعادن الثمينة ٢٤ لعام ١٩٨٦، وفي ظل قانون عقوبات تهريب العملات والمعادن الثمينة ٦ لعام ٢٠٠٠، وفي ظل قانون إدخال وإخراج العملات الأجنبية ٣٣ لعام ٢٠٠٣، وفي ظل القانون الحالي الذي يُشتغل به ؛قانون العقوبات الاقتصادي ٣ لعام ٢٠١٣ والذي مفاده أنه إذا كانت الأموال المهربة تساوي قيمة خمسمئة ألف ليرة سورية فما دون، فإن أحكام القانون ٣٣ لعام ٢٠٠٣ تكون واجبة التطبيق على الجرم، أما إذا تجاوزت قيمتها هذا المبلغ فتحاكم بموجب أحكام قانون العقوبات الاقتصادية ٣ لعام ٢٠١٣.
مواد مدعومة
وقد نوه فيما يخص بتهريب المواد المدعومة من الدولة إلى تحديد هذه المواد التي تشتمل على «المازوت والبنزين وزيت الكاز والفيول والإسفلت وأسطوانات الغاز والسكر والرز التمويني والخبز الدقيق التمويني والبذار والغراس وما إلى ذلك» ويعاقب الفاعل بالاعتقال من ست سنوات إلى اثنتي عشرة سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة أمثال قيمة المواد ولا تزيد على عشرة أمثالها إضافة إلى مصادرة وسائط النقل المستخدمة في التهريب.
تهريب جمركي وجزائي
كما قدم الباحث مقارنة بين حالات التهريب الجمركي وحالات التهريب الجزائي مستهلاً بحالات تشكل تهريباً جمركياً وتهريباً جزائياً في آن واحد ومنها: عدم التوجه بالبضائع عند الإدخال أو الإخراج إلى أول مكتب جمركي، وعدم اتباع المسالك والطرق المحددة بالقانون في الإدخال والإخراج، وتفريغ البضائع من السفن أو تحميلها بصورة مغايرة للأنظمة على الشواطئ، وتجاوز المكاتب الجمركية من دون التصريح عن البضائع، إخراج البضائع من المناطق الحرة إلى المنطقة الجمركية من دون معاملة جمركية، استيراد أو تصدير بضائع ممنوعة معينة أو ممنوعة خاضعة للرسوم بوساطة مستندات مزورة أو مغايرة للحقيقة، الزيادة عما هو مصرح به في بيانات إعادة التصدير، تقديم مستندات أو قوائم مزورة، والقائمة تطول.
كتاب قيّم
الكتاب فيه تشعبات كثيرة وتفنيد مفصل لكافة أجزاء وحيثيات التهريب وطريقة ضبط الواقعة وكيفية تعامل عناصر الضابطة الجمركية مع المخالفة وكيفية صياغة الضبط وطريقة التعامل مع المتورطين ومع البضائع وما يجب أن يشمله الضبط الجمركي والحصانة التي يتمتع بها موظفو الجمارك، ولكن لن تكفي مادة صحفية واحدة للاستفاضة بمكنونات الكتاب القيّم الذي يعد مرجعاً مهماً ويحمل موضوعات شائكة.