قصص الصباح!
| عصام داري
كل صباح أجلس في حرم الأبجدية باحثاً عن كلام مفرح، فجأة تباغتني كوابيس الحزن بخبر مؤلم، لكنني أتمسك بالذرة الوحيدة المتبقية من أمل في روحي ونفسي، أسرق بعضاً من كلمات وحروف قد تكون وصفة سعادة، ورشفة فرح، أو جرعة مخدر مؤقت.
الصباح يعني الضوء والألوان وزركشات الحياة وخربشات الأيام على دفاتر أعمارنا التي نستهلكها كل يوم بما لا ينفع.
والصباح ينقلنا إلى عالم مسحور حلمنا به صغاراً، وها نحن نعود لنحلم به كباراً عله يكون الوصفة التي تخرجنا من عالم مهزوم ومأزوم إلى عالم حقيقي عنوانه الحب والإشراق.
وقصص الصباح ترسم لنا طريق التعافي من أمراضنا والتئام جراحنا، فقد اكتفينا من الجراح وما عاد جسدنا يتسع لطعنة جديدة، وصار علينا البحث عن صباح الحب والسحر والخيال، بعيداً عن الهموم والمشاكل والوجع اليومي.
تستيقظ الأحلام كل صباح على نور الشمس الساطعة، تخبرنا همساً وسراً أن الحلم أقل من الحقيقة روعة وجمالاً لمن امتلك إرادة الحياة وعرف كيف يصنع الفرح، ويبتعد عن السراديب والأقبية المعتمة التي يختبئ فيها التوحش والحقد والكراهية، وحيث يسكن الحزن الأسود وتعشش أفكار الظلمة والجاهلية.
في الصباح تنتعش الآمال، وتشرق الأحلام، وتلوح في الأفق بوادر فرح قادم على أجنحة المحبة ليغسل الروح من دنس لوث طهرها، لكنه عابر لا مكان له في عالمنا الصغير المحكوم بالحب رغم الكراهية التي فاضت عن حدودها.
قصص الصباح تشتعل أفكاراً في المخيلة فتحرق كل من يحاول سرقة بسمة الأطفال وهديل الحمام ومن يسحق الأزاهير والورود، فنحن أصحاب النهارات والشموس المشرقة ونحن سمار الليالي ورفاق القمر، والسهر والشعر والنثر والزجل، ولا مكان بيننا لصنّاع العتم والغارقين في محيطات الجهل والأحقاد والكراهية، ولنا اليوم، والغد، لأننا نملك كل المفاتيح.
قصص الصباح ترشدنا إلى كيفية صنع الفرح، وتدعونا إلى شراء بضاعة جيدة من متجر الحياة، وتكتب لنا وصفة سحرية وسرية من التفاؤل والأمل والحب والسحر، فهي وصفة تطيل العمر، وتعطينا الدافع القوي للعيش والإبداع في مجالات الحياة كافة.
فالصباح ليس مجرد بداية جديدة ليوم جديد، بل هو اختصار لحكاية الحياة الحلوة، والفرح المسروق من أنياب الحزن.
أستطيع أنا وأنت أن نفجر ينابيع حب لا نهايات لها، وأن ننسج من حروف الأبجدية ذاتها قصائد عشق ومحبة تدوم أبد الدهر، وتصير درباً لأجيال لا تعرف معنى للأنانية والغرور.
الذين امتهنوا لعبة الحياة، والمراوحة بين الحزن والفرح، بين الخير والشر، وبين النور والظلام، الحب والأحقاد، كل هؤلاء امتلكوا خبرة كبيرة مكّنتهم من تحقيق إنجازات ما -حتى لو كانت صغيرة- جعلتهم مختلفين عن الكثير من الناس، وجديرين بالفوز في هذه اللعبة المتعبة.
وكما قال امرؤ القيس: «اليوم خمر وغداً أمر»، أقول غداً سيكون يوماً مختلفاً، يحمل رسالة الحياة والحب والفرح بعيداً عن وجع القلب والمتاعب العابرة.