اقتصاد

باحثون عرب في دمشق.. هذه معوقات التحول الرقمي في سورية: الخوف من فقدان البيانات.. ومن فقدان الوظيفة ومن الشفافية ومن الخطأ

| راما العلاف

تركزت مواضيع فعاليات المؤتمر العلمي الدولي للتحول الرقمي وانعكاساته على التنمية المستدامة في يومها الثاني على أثر النشاطات التسويقية الرقمية في تحسين القدرة التنافسية، وأثر الإدارة الإلكترونية في التنمية المستدامة لدى شركات الأدوية الأردنية، وتوظيف التحول الرقمي في حوكمة الخدمات الإلكترونية، ودور إستراتيجية التحول الرقمي في بناء مزايا التفوق التنافسي، ودور الأنظمة الإلكترونية في تعزيز القدرة التنافسية في المنشآت الفندقية «طرطوس»، ودور الاقتصاد الرقمي في دعم التنمية المستدامة لرقي الدول مع إشارة خاصة للعراق، وتضمنت فعاليات المؤتمر مشاركة باحثين عرب عن بعد منها مشاركة الدكتور يلولي طارق من الجزائر حول دور الاقتصاد الرقمي في تعزيز النمو الاقتصادي المملكة العربية السعودية نموذجاً.

وفيما يخص الرقمنة في المصارف الإسلامية السورية ودورها في تعزيز الشمول المالي قدمت الدكتورة منى فرحات والدكتورة شيرين ديب من جامعة دمشق ورقة بحثية بيّنت خلالها قدرة المصارف الإسلامية على إدارة أموالها وأموال المستثمرين وتحقيق عائد مقبول لكليهما مع المحافظة على السيولة وسلامة المركز المالي، وزيادة حجم الاستثمارات في البنوك الإسلامية يعكس الدور المتنامي لها في دفع عجلة التنمية.

واقترحت ديب في ورقتها البحثية الاهتمام بتوزيع شبكة الفروع من أجل إتاحة استفادة عدد أوسع من الأفراد والشركات من المنتجات والخدمات المالية، وخاصة الأفراد الذين يسكنون في الأرياف والمناطق النائية، إضافة إلى تعزيز الوعي المصرفي لتعزيز إبعاد الشمول المالي عن طريق إقامة الندوات ونشر الكتيبات، وابتكار صيغ تمويل جديدة تلبي حاجات العمال المتغيرة وملاءمتها لجميع فئات المجتمع كإطلاق الصكوك الإسلامية، وتعزيز دور الأدوات المالية «الزكاة والصدقات والقرض الحسن» عن طريق توزيع أموال هذه الأدوات بشكل يؤدي لزيادة عدد المشمولين مالياً من ذوي الدخل المحدود.

واستعرض الدكتور يزيد محمد والدكتور مهند أرناؤط من جامعة دمشق أبرز المعوقات تطبيق التحول الرقمي، التي تكمن في 5 مجالات، أولها الفردية وهي الخوف من فقدان البيانات أو التحكم في البيانات والخوف من الشفافية والخوف من فقدان الوظيفة، والمعوقات التنظيمية مثل الحفاظ على الأدوار /المبادئ التقليدية، وعدم وجود رؤية وإستراتيجية واضحة ومقاومة ثقافة التغيير واحتمال الخطأ والخوف من المخاطرة ونقص الموارد المالية وضيق الوقت، والمعوقات التقنية متمثلة بالبنية التحتية التقنية الحالية وضرورة الاعتماد على التقنيات الجديدة وتبادل المعلومات، والمعوقات الخارجية مثل نقص المعايير والقوانين ذات الصلة.

وقدمت الأستاذة في كلية التربية جامعة دمشق الدكتورة أنديرا عيسى عرضاً تضمن خطوات كلية التربية تماشياً مع اتجاه جامعة دمشق نحو التحول الرقمي، أشارت فيه إلى وجود إمكانية الدفع الإلكتروني للجامعة، وتوافر الكتب الجامعية الإلكترونية والمكتبة الإلكترونية والبحث العلمي بشكل رقمي مجاناً، مشيرة إلى أن جامعة دمشق تخطو خطوات نحو التحول الرقمي منها مشروع إنشاء قاعدة بيانات متكاملة تتعلق بالهيئة التعليمية والطلاب وشؤون العاملين وجميع موظفي جامعة دمشق بكلياتها وإنشاء منصة إلكترونية تم تضمنيها بالمواد المشتركة بين جميع الكليات في الجامعة «إنكليزي فرنسي ثقافة» مدعمة بملفات ذات صيغة، pdf ومحاضرات صوتية، والتوجه خلال المراحل القادمة نحو تضمين المنصة مواد تابعة للجانب العملي مدعمة بمحاضرات أونلاين وتفعيل العمل عبر الشاشات الذكية في العديد من الكليات.

رئيس قسم الاقتصاد في جامعة دمشق الدكتور عبد القادر عزوز، أكد في تصريح خاص لـ«الوطن» ضرورة عقد مؤتمرات علمية دولية حول التحول الرقمي انطلاقاً من التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم في دمج الحلول الرقمية مع مجالات الأعمال المختلفة في إطار تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة حسب الأهداف 17 التي أطلقتها الأمم المتحدة بهدف الانتقال من الاقتصاد التقليدي إلى الاقتصاد الرقمي لتحسين جودة ومستوى الخدمات وإيصالها بشكل أسرع.

ولفت إلى أهمية الاطلاع على تجارب العديد من الدول العربية والأجنبية ومعرفة طبيعة المعوقات والصعوبات التي تواجهها والبحث في سبل تلافيها، لذلك قامت كلية الاقتصاد بمراسلة العديد من الجامعات على مستوى الوطن العربي وخارجه ولمست التجاوب الكبير والرغبة بالمشاركة، مشيراً إلى أنه وفقاً لخلاصات ما تقدم حتى الآن من أوراق بحثية، فقد برزت التحديات في ضعف الأطر التشريعية والتنظيمية وتخلف وضعف البنى التحتية التكنولوجية وضعف التمويل في مجال التحول الرقمي والخشية من موضوع أمن المعلومات والقرصنة والكثير غيرها، ورأى أنه لا يمكن أن تكون التحديات مانعاً من أن نتحول تدريجياً في سورية، وخاصة أن بعض المؤسسات الرسمية لديها تجارب في هذا الإطار وهي تجارب لا تزال في بدايتها ويجب مراجعتها والعمل على تطويرها وتعميم ثقافة التحول الرقمي لدى المواطنين واطلاعهم على إيجابيتها وما تقدمه من خدمات أفضل للمواطنين.

من جهته أكد الأستاذ في جامعة الكوفة بالعراق الدكتور عبد الوهاب الموسوي في تصريحه لـ«الوطن» أهمية حضور المؤتمرات العلمية بمشاركة العديد من الدول لتبادل الخبرات والاطلاع على آخر الأبحاث وإيضاح دور التحول الرقمي في تحقيق التنمية المستدامة التي لها أبعاد متعددة منها البعد الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمؤسسي، وفي تنمية الواقع التنموي للبلدان وتحقيق معدلات نمو أفضل، لافتاً إلى أن أبرز التحديات التي تواجه التحول الرقمي هي الفجوة بين الدول النامية وبين العالم المتقدم ما يدعو إلى مواكبة التطور العالمي، معتبراً أن خطوة التحول الرقمي هي خطوة لا بد من اتخاذها رغم الظروف الموجودة والموارد المحدودة وقلة الخبرة إلا أن الأمور بالاتجاه الصحيح ولو كانت متباطئة.

من جانبه بيّن الأستاذ في جامعة القدس المفتوحة بفلسطين الدكتور علي الجريري أهمية وجود تكامل وتنسيق بين كل الجامعات العربية والدول من ناحية حماية قاعدة التحولات الرقمية والتأكيد على حماية العينة المستهدفة وتمكينها من الوصول إلى الخدمات، وضرورة تحقيق السلام والتصالح بين كل الدول العربية لضمان عدم انهيار التعددية الرقمية والرقمنة في أي لحظة كما يحصل في غزة اليوم، حيث كان لدى الجامعات محاضرات على الإنترنت، لكن انهيار البنية الرقمية وتدمير الجامعات و9 أشهر في غزة من دون تعليم نتيجة العدوان الإسرائيلي، لافتاً إلى أنه لا يمكن توظيف التحول الرقمي من دون تكامل عربي وسلام واستقرار لأن لن يكون له آفاق مهما كان هناك إبداع.

وأشار إلى أن جامعة دمشق من أقدم الجامعات العربية ولها أثرها ودورها القيادي في استمرار التنسيق والتصالح مع جميع الجامعات العربية والخروج من دائرة النزاع وتحقيق الاستقرار وضمان عدم التدخل بشؤون الآخرين مع الاستفادة من التحول الرقمي وتجارب الدول لأنه لا يمكن التخلف عن الركب العالمي للرقمنة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن