اعتبرت وسائل إعلام إسرائيلية، أن وضع إسرائيل سيزداد سوءاً أمام المجتمع الدولي، ومن المرجّح أن يقترب إصدار مذكرات اعتقال دولية بحق مسؤولين إسرائيليين، بعد سلسلة التحقيقات التي أجرتها صحيفة «الغارديان» البريطانية، والتي تحدثت عن تورط رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الإسرائيلي «موساد» السابق يوسي كوهين، في مؤامرةٍ سرية للضغط على المدعية السابقة للمحكمة الجنائية الدولية بتكليفٍ من بنيامين نتنياهو.
وأوضح مراسل الشؤون الدبلوماسية في صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية إيتمار آيخنر، أن اتهام إسرائيل بالتجسس والترهيب والمضايقة للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي والمدعية العامة السابقة فيها فاتو بنسودا، إضافة إلى المدعي العام الحالي كريم خان، يورط إسرائيل في مواجهة المحكمة الجنائية الدولية نفسها، وينعكس ذلك على «عملية إصدار مذكرات اعتقال ضد نتنياهو وغالانت بتهمة ارتكاب جرائم حرب»، وبيّن آيخنر أن هذه «الاتهامات» تفاقم من وضع إسرائيل أمام المجتمع الدولي، وتقدمها كـ«إسرائيل المنبوذة التي تعمل في ظل أساليب ظلامية للديكتاتوريات»، وأشارت «يديعوت أحرونوت» إلى أن مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، اكتفى بردٍ مقتضب وعام تقريباً، في المقابل لم تنفٍ إسرائيل بشكلٍ رسمي الادعاءات أو تنكرها، أمّا رئيس «الموساد» السابق كوهين بدوره لم يعلّق، معتبراً أنه «إذا لم تكن هناك حقيقة في ذلك، فليس من الواضح سبب اختياره عدم إصدار رد».
كذلك، رأت الصحيفة أنه «في حال صحة» نتائج تحقيق «الغارديان»، فإن المعنى الضمني واضح، وهو أن «إسرائيل ترى أن الأعمال المنسوبة إليها ضد المحكمة الجنائية الدولية هي حرب مبررة»، مؤكّدةً أن ذلك يعني أيضاً أن «كوهين لم يعمل في فراغ»، وأنّه من المشكوك فيه أن يكون كوهين تصرف بشأن مثل هذه القضية الحساسة من دون أن يكون له دعم.
وتطرقت الصحيفة إلى تأثير ما كشفته «الغارديان» في قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في حال كانت صحيحة، قائلةً: «إذا كان لدى أحد أي أوهام بأن المدعي العام كريم خان سيوافق على استبدال مذكرات الاعتقال ضد نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، باستدعاء لجلسة استماع فقد خاب الاثنان، إذ من غير المرجح أن يظهر خان أي كرم تجاه إسرائيل إذا اعتقد أنها تنصتت عليه وهدّدت سلفه».
وحذّر مكتب خان مؤخراً من أن التهديدات والمضايقات ضده وضد موظفي مكتبه هي جريمة جنائية بموجب المادة (70) من نظام «روما» الأساسي، الذي يتحدث عن عرقلة المحاكمة وحرف العدالة والإقالة والتهديدات، ووفقاً للصحيفة، ففي الماضي تمّت محاكمة أشخاص بسبب ذلك، ويزعم أنه إذا كان لدى خان أدلة ضد كوهين نفسه، فقد يحاول أيضاً الحصول على مذكرة توقيف ضده – علناً أو سراً، ما قد يصعّب تحركات رئيس «الموساد» السابق، الذي يسافر كثيراً حول العالم، وفي العموم حسب «يديعوت أحرونوت»، فإن التحقيق سيخلق جواً صعباً للغاية حتى لو لم يؤثر في الإجراءات المحيطة بما تقوم به «إسرائيل» في قطاع غزّة، موضحةً أنه إذا تم اعتقال شخص مرتبط بتجسّسٍ إسرائيلي ضد المحكمة الجنائية الدولية في المستقبل، فسيكون من الصعب إطلاق سراحه بكفالة، حيث ستُتّهم «إسرائيل» حينها بعرقلة إجراءات محاكمة.. إضافة إلى ذلك، حسب الصحيفة الإسرائيلية فإن تحقيقاً كهذا سيوسّع التعقيدات بالنسبة لإسرائيل من حيث الدعم من المجتمع الأوروبي، حيث سيجد الداعمون القلائل المتبقون لها في العالم «صعوبةً في القيام بذلك عندما تُنسب إلى إسرائيل تصرفات منبوذة».
ليس هذا فحسب، بل أشارت الصحيفة إلى أن التحقيق كشف أيضاً أن إسرائيل حاولت تجنيد أشخاص في مكتب المدعي العام نفسه، وهذا قد يخلق «جواً صعباً لكل من يتعاطف مع إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية، إن وُجد كهؤلاء أصلاً».