رياضة

في المجلس المركزي للاتحاد الرياضي العام … انتخابات الأندية أول حزيران وِإيقاف التعاقد مع الأجنبي .. احتراف كرتي اليد والطائرة يحتاج إلى التخصيص

| ناصر النجار

عقد المجلس المركزي للاتحاد الرياضي العام جلسته الثانية هذا العام الأسبوع الماضي بحضور فاضل وردة عضو القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي، وناقش المجتمعون جدول الأعمال المقرر في الاجتماع وخلص إلى التالي:

في موضوع قانون الاحتراف صرح رئيس لجنة الاحتراف عاطف الزيبق أنه ما زال ينتظر ردود الأندية حول مقترحاتهم وآرائهم وأفكارهم ليصار إلى الوصول إلى صيغة نهائية كاملة ومتكاملة يوافق عليها الجميع وتكون منطقية، وستكون ملزمة التطبيق للجميع بعد صدورها.

المجلس تطرق لموضوع في غاية الأهمية، فقام بتقديم انتخابات إدارات الأندية لتصبح مطلع الشهر السابع على أن تنتهي في منتصفه بدلاً من الشهر العاشر، والإيجابي في الموضوع أن إدارات الأندية الجديدة تبدأ الموسم من أوله وتكون مسؤولة عن تحضير فرقها للموسم الجديد وهي من ستتولى أمر التعاقد مع الإداريين والفنيين واللاعبين، وسابقاً كانت تأتي الإدارات بعد بدء الموسم بشهرين أو أكثر لتجد الفرق وكل الإجراءات الأخرى قامت بها الإدارات الراحلة، فتضطر إلى استكمال الموسم دون أن تتحمل مسؤوليته لأنها لم تضع الخطط والإستراتيجية، وبذلك تكون الأندية أضاعت موسماً بحاله بين إدارة راحلة وإدارة قادمة، لذلك جاء القرار بوقته وهو إيجابي بالمطلق، والمهم أن نشهد انتخابات تفرز الأفضل والأصلح والأكثر خبرة لقيادة أنديتنا.

الداعم والرياضة

المال هو عصب الحياة، وتبين لنا أن أنديتنا أمام الوضع الاقتصادي الصعب الذي يرافقه غلاء فاحش بالأسعار بحاجة إلى داعمين لمسيرتها وخصوصاً أن موضوع الاستثمار في الأندية متفاوت، مع العلم أن الود بين أنديتنا والمستثمرين بات على المحك، لضعف القيمة الاستثمارية المتناسبة طرداً مع ارتفاع الأسعار، وهذا بحاجة إلى شرح وافٍ ليس وقته الآن.

لذلك نشعر أن أنديتنا تحتاج إلى محبيها وداعميها ليقفوا إلى جنبها في العملية الرياضية، والمفترض أن يكون الداعم شريكاً وليس مسيطراً، وهذا من الأخطاء القاتلة التي وقعت بها أنديتنا، فالعملية الرياضية عملية متكاملة تحتاج إلى خبراء في الرياضة وخبراء في الإدارة وداعمين في المال، وليس من الضروري أن يكون رجل الأعمال الناجح في التجارة والاقتصاد والصناعي ناجحاً في الرياضة، فلكل قطاع فكره وأسلوبه وإستراتيجية عمله، لذلك حاول البعض في المجلس أن يمنح رجال الأعمال استثناء من شرط الشهادة العلمية، ومتابعة لذلك فالملاحظ أن رجال المال والأعمال سيطروا على القرار في الأندية، لكن لم تكن النتائج سارة بالمطلق وقد يكون ذلك لضعف الخبرة الرياضية، حتى نادي الفتوة الذي حاز بطولتي الدوري والكأس، فإن داعميه بحثوا عن بطولة معلبة مسبقة الصنع بأيدي محترفين لا ينتمون إلى النادي، وقد يكون هذا غير مهم بعالم الاحتراف، لأن المهم هو السؤال عن الاستراتيجية، فإذا كان النادي يصرف المليارات على محترفين وفريق شبابه في الدرجة الأولى، والفريق الأولمبي لم يلامس المنافسة على مستوى مجموعته، فإن مستقبل النادي في خطر، لأنه إذا ذهب المال ذهب معه النادي إلى المجهول، لذلك نقول: عندما يتم مزج الفكر الرياضي مع الفكر التجاري فالمحصلة ستكون جيدة، لأن التطوير يبدأ من البناء وتوسيع القواعد، وليس بالاعتماد على لاعبين من هنا وهناك فقط.

والأمثلة في بقية الأندية كثيرة، لذلك يحق لنا أن نسأل: لماذا هبط الحرية والساحل بوجود الداعمين على رأس هرم الناديين، وهل كانت نتائجهما المخجلة في الدوري تتناسب مع مئات الملايين المهدورة؟

ونسأل: لماذا العجز في ناديي الوثبة والطليعة وما حقيقة الخلافات مع اللاعبين الذين يطالبون بحقوقهم المالية؟

وماذا استفاد نادي حطين من الدعم الكبير المقدم له وقد جاء خامس الدوري وخرج من الكأس بخفيّ حنين!

ناديا أهلي حلب وتشرين من أكبر أنديتنا وهما يعانيان من عجز مالي، وبغض النظر عن اختلاف ظروف الناديين إلا أن التساؤلات كانت كبيرة حولهما، فتشرين هرب داعموه في منتصف الطريق، وأهلي حلب يحاول تجاوز دوامة الديون التي أثقلت كاهله.

جبلة استسلم للأمر الواقع، ورئيس النادي الداعم الوحيد ضاق ذرعاً بالدعم فتوقف آخر الموسم، وسحب فريقه الأولمبي من الدوري، وما زال وضع النادي طي الكتمان وعلى كف عفريت.

أمام كل ما سبق يجب البحث عن شراكة مفيدة بين الرياضة والداعمين، وأن تضم الإدارات الجديدة فريق عمل يضم خبراء في الرياضة والإدارة والمال، وهذا التكامل في المهام سيفضي إلى إدارات قوية وناجحة وهي أفضل من شخص واحد يسيطر على مقاليد الأمور في أنديتنا، ومع ذلك ما زال قرار شرط الشهادة بالنسبة للداعمين موضوع جدل ولم يتخذ فيه أي قرار بعد، بانتظار صدور التعليمات الانتخابية.

المحترفون الأجانب

رئيس الاتحاد الرياضي العام فراس معلا منع التعاقد مع أي لاعب أجنبي للموسم القادم، والسبب أن أنديتنا غارقة في الخلافات مع هؤلاء وشكاوي اللاعبين ملأت محاكم الفيفا، والعديد من الأندية بات عليها قضايا بعشرات الآلاف من الدولارات من أجل حلّ هذه القضايا، وأوضح أن اتحاد الكرة سيدفع حقوق الأجانب مع الغرامات من الأموال المجمدة، وهذا دليل آخر على عدم صوابية كل القرارات المتخذة في إدارات الأندية.

والمشكلة في الموسم الذي انقضى أن كل أنديتنا لهثت نحو اللاعب المحترف باستثناء فريق الجيش، وضمت الأندية محترفين عدة من قارات العالم الثلاث، أندية تعاقدت مع ثلاثة محترفين وأندية تعاقدت مع محترفين اثنين وبعضها الآخر تعاقد مع محترف واحد، وناديان تعاقدا مع مدربين عرب وهما الحرية وجبلة.

في المقام الأول كان للسماسرة من داخل النادي وخارجه الدور الأكبر في عقد هذه الصفقات، لذلك وجدنا لاعبين لا يوازون لاعبينا بالمستوى والأداء، وكانت نوعيتهم أقل من نوعية أغلب لاعبينا، وهذا الأمر تُسأل عنه إدارات الأندية، فما نفع لاعب أجنبي سيكلفنا الكثير من المال فضلاً عن إقامته وإطعامه ومواصلاته ولدينا من هو أفضل منه؟

بعض الأندية غربلت بعض المحترفين لأنهم كانوا فضيحة، والبعض الآخر تمسك بهم لأن المحترفين كبلوا الأندية بعقودهم الباهظة والشرط الجزائي، لذلك بقي النادي يتحمل هذا اللاعب وذاك حتى نهاية الموسم على مضض.

في المقام الثاني: المتعارف عليه في كل دول العالم الكبيرة بكرة القدم أو المبتدئة أن كل لاعب محترف يجب أن يخضع للفحص الطبي الدقيق وللاختبارات الفنية والبدنية عبر لجنة النادي الكروية المختصة، ولو أن أنديتنا اتبعت هذا الأسلوب البسيط لما وقّعت إلا مع لاعب واحد أو لاعبين اثنين على الأكثر، ولكن على ما يبدو أن الرضا عن هؤلاء اللاعبين الأجانب كان شكلياً وربما هناك وراء الأكمة ما وراءها!

في المقام الثالث وهو أمر يتعلق بالعقود، والقضايا المتعددة المرفوعة على عدد من أنديتنا من محكمة الكأس التابعة للفيفا تدل على أن أنديتنا لم تدرس هذه العقود بشكل علمي وقانوني، لذلك كانت طعماً سهلاً لهؤلاء اللاعبين ليحصلوا على أكثر من حقوقهم وسط جهل من وقّع العقود مع هؤلاء اللاعبين، وفي أبسط الأمور لم يكن هناك من مواد تضمن حقوق النادي، وهذا درس يجب أن تعيه أنديتنا.

ولأن الشيء بالشيء يذكر فإن المشكلة لم تكن في اللاعبين المحترفين الأجانب فقط، بل إنها تنسحب على اللاعب المحلي أيضاً، ولاحظنا أن الكثير من العقود مع بعض اللاعبين لم تكن مدروسة، ولم يخضع اللاعبون إلى الفحص الطبي والاختبارات الفنية والبدنية، لذلك وجدنا العديد من اللاعبين الذين وقعوا عقوداً مع أنديتهم وقبضوا الأثمان الباهظة غابوا عن أغلب مباريات الدوري لأسباب الإصابة أو عدم الجاهزية الفنية والبدنية.

احتراف جديد

ضمن جدول الأعمال كانت مناقشة آلية دخول لعبتي كرة اليد والكرة الطائرة في الاحتراف وخصوصاً أن هاتين اللعبتين تراجعتا كثيراً، وصار ممارسوهما قليلين، لدرجة أن الأندية التي كانت ترفع لواءها وتحمل بطولاتها أهملتها وصارت على الهامش.

المكتب التنفيذي اقترح أن يدفع لكل ناد يمارس هاتين اللعبتين مئة مليون سورية سنوياً لدعمها، لكن الأمر بهذا الشكل فيه محاذير كثيرة والبحث عن آلية أخرى أفضل.

من المحاذير المتوقعة أن مبلغ الدعم عندما يصل إلى الأندية قد لا يخصص لكرة اليد أو الطائرة وقد يذهب إلى مكان آخر يحتاجه النادي، لذلك رأى بعض خبراء اللعبتين أن يتم العمل على تخصيص أندية بهاتين اللعبتين ولا تمارس غيرهما، ليكون اهتمام هذه الأندية منصباً على هاتين الرياضتين، وبالعودة إلى التاريخ القريب فإن معقل كرة اليد هو أندية الشعلة والنواعير والطليعة والفرات والشباب والفتوة واليقظة إضافة إلى ناديي الشرطة والجيش، لذلك يجب تأسيس هذه الرياضة في هذه الأندية إضافة لبعض الأندية الريفية التي تألقت بها كدريكيش والسلمية وصلخد والنبك وغيرها ومثلها الكرة الطائرة وأنديتها المغرمة بها معروفة.

الحالة الاحترافية التي تتجه إليها رياضتنا بآليات جديدة، من الطبيعي أن يكون التخصص أحد بنودها، أي بمعنى آخر، أن تكون هناك أندية متخصصة بكرة السلة كناديي الثورة وبردى، ونادي الوحدة مثلاً يختص بكرتي القدم والسلة، لذلك من الضروري البحث عن تخصيص الأندية بالألعاب الرياضية، فالانتقال من الهواية إلى الاحتراف بحاجة إلى تغييرات شاملة ومنها هذا الأمر، فمن غير الطبيعي أن يحمل أي ناد عشر ألعاب أو أكثر وهو لا يملك ميزانية مالية تكفي لعبة رياضية واحدة، لذلك انهارت الكثير من ألعابنا الرياضية لأنها باتت تشكل عبئاً ثقيلاً على الأندية بما تحتاجه من نفقات ومستلزمات وتجهيزات.

وعندما نتحدث عن الاحتراف فإن هذا التوجه تلزمه آليات كثيرة فموضوع المئة مليون ليرة التي سيقدمها المكتب التنفيذي مشكوراً يعادل (البحصة التي تسند جرة) إنما الموضوع هو أكبر من هذا بكثير، والخطوات الأولى في الاحتراف تشترط وجود كوادر إدارية وفنية وملاعب وصالات جاهزة مع مستلزماتها وشركات راعية وداعمة، وهنا مربط الفرس، لذلك لابد من توجه اتحادي كرة اليد والكرة الطائرة مع الأندية الراغبة بممارسة هاتين اللعبتين إلى الشركات والمؤسسات العامة والخاصة لإيجاد شراكة إستراتيجية عبر الرعاية والدعم وهنا تبدأ الخطوة الأولى في عالم الاحتراف بهاتين اللعبتين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن