الأخبار البارزةشؤون محلية

إعادة هيكلة الدعم قد يشمل المشافي والجامعات … «مجانية التعليم والصحة» مثار جدل.. وزير التعليم العالي لـ«الوطن»: المشافي تصبح مأجورة لشريحة ومأجورة جزئياً لشريحة أخرى

| فادي بك الشريف

كشف وزير التعليم العالي بسام إبراهيم أنه تم حسم قرار تطبيق اختبارات معيارية «امتحان مؤتمت» للقبول في كليتي الإعلام والعلوم السياسية اعتباراً من مفاضلة العام الدراسي القادم، وذلك بهدف تحسين مدخلات الجامعات وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص بين جميع المتقدمين واختيار الأفضل، حتى يصار بشكل تدريجي إلى تطوير سياسة القبول الجامعي والتركيز على الاختصاصات النوعية المرتبطة بحاجة سوق العمل.

وفي تصريح لـ«الوطن» على هامش ورشة العمل التي أقيمت أمس في قاعة رضا سعيد بجامعة دمشق تحت عنوان «التعليم العالي نحو مقاربة موضوعية للواقع والمستقبل»، أكد إبراهيم ضرورة التفكير حالياً بوجود معايير إضافية للقبول الجامعي، إضافة إلى معدل الثانوية، ناهيك عن وجود بعض الشروط المرتبطة بالحد الأدنى للغة العربية والأجنبية، عدا ذلك هناك كليات تأخذ الموهبة في الاعتبار للقبول فيها مثل الهندسة المعمارية التي يطبق فيها اختبار يدل على الموهبة وأيضاً كلية الفنون الجميلة والتربية الرياضية والتربية الموسيقية، وللراغبين بالتقدم إلى أقسام اللغتين الإنكليزية والفرنسية.

مجانية التعليم

وحول سؤال «الوطن» فيما يخص «مجانية التعليم»، أوضح الوزير استمرار الحكومة بدعم قطاع التعليم العالي، مضيفاً: من الممكن أن تحدث زيادة على رسوم التعليم الموازي والطلبة العرب والأجانب وبشكل تدريجي بهدف دعم الموارد الذاتية للجامعة وبنيتها التحتية ووسائل التعليم والتجهيزات والكوادر التدريسية، كاشفاً عن وجود دراسة حول موضوع الرسوم الجامعية بعد انتهاء امتحانات الشهادة الثانوية.

وأوضح أن هناك ضرورة للتفكير بدعم المشافي الجامعية، إضافة إلى الدعم الحكومي المقدم لها الآن، كاشفاً عن وجود مقترح ودراسة بتقسيم أجور المشافي «الأسرة» إلى ثلاث شرائح، الأولى شبه مجانية بنسبة 40 بالمئة، والثانية مأجورة نسبياً، والثالثة مأجورة بشكل كامل، مبيناً أن الشريحة العليا لا تتجاوز 30 بالمئة من أسعار المشافي في القطاع الخاص سواء بالتحاليل والصور الشعاعية أو العمليات الجراحية والعنايات وغير ذلك، انطلاقاً من استمرار دعم الحكومة للقطاع الصحي، وقال الوزير: «تدعم الحكومة مختلف القطاعات ومنها القطاعان التعليمي والصحي، علماً أن النفقات في الموازنة العامة في الدولة أصبحت أكبر من الإيرادات بكثير والتي انخفضت لتأثيرات الحرب على سورية، وبالتالي يجب التفكير بسياسة التعليم العالي بوجهة نظر جديدة تركز على تأمين موارد ذاتية ودعم للجامعات من خلال التشاركية مع القطاع الخاص، والاستثمار في بعض المنشآت، والتفكير بالبحث العلمي التنموي.

بالأرقام

وخلال عرض مفصل لرئيس جامعة دمشق محمد أسامة الجبان بين أن ارتفاع أعداد الطلاب في المرحلة الثانوية بما يفوق 24 ألف طالب يشكل ضغطاً كبيراً على التعليم، مؤكداً أن عدد الطلاب المستجدين في عام 2015 وصل إلى 37 ألفاً في جامعة دمشق بسبب استضافة عدد كبير من الجامعات «حلب والفرات»، ليتقلص الرقم إلى 23 ألفاً خلال عام 2018، وعاد الرقم ليزداد بسبب ازدياد أعداد الناجحين في الثانوية لما يفوق الـ25 ألف طالب.

وعن نسبة الإنفاق على التعليم من الناتج المحلي، قال الجبان: النسبة العالمية المقبولة المتعارف عليها هي 6 بالمئة لتكون نسبة جيدة، مضيفاً: إن الإنفاق من عام 2000 إلى 2010 بنسبة تراوحت بين 3.8 و6.2 بالمئة، لتنخفض النسبة إلى 1.9 بالمئة خلال عام 2019 نتيجة الظروف الصعبة وتركيز الدعم على قطاعات أخرى.

وأضاف: إن موازنة جامعة دمشق وفقاً للأرقام الرائجة في السوق بلغت 143 مليون دولار في 2009 وازدادت خلال عام 2010 إلى 153 مليون دولار، معتبراً أن الرقم جيد، ولكن انخفضت خلال عام 2011 إلى 72 مليون دولار حتى وصلنا إلى 13 مليون دولار خلال 2024 من ضمنها 5 ملايين دولار تصرف كرواتب للكادر الأكاديمي والإداري، وتبقى 8 ملايين دولار تصرف لاستمرار العملية التدريسية وأعمال الصيانة والتأهيل وكل الخطوات المتخذة، مضيفاً: نحن قادرون على الإنجاز رغم الظروف الصعبة.

وفي مقارنة مع عدد الجامعات العربية، قال الجبان: إن ميزانية جامعة القاهرة لعام 2023 بلغت 500 مليون دولار، وميزانية إحدى الجامعات السعودية 3 مليارات دولار، مؤكداً أن الجامعات السورية رغم الظروف الصعبة وضعف التمويل فإنها قادرة على الاستمرار بالعملية التدريسية، كما أن هناك إنجازاً علمياً مميزاً.

وفيما يخص حصة الطالب في جامعة دمشق من الموازنة العامة، أكد الجبان أن الرقم وصل إلى 8 آلاف دولار خلال 2010، وانخفض إلى 500 دولار فقط خلال العام الحالي مقارنة مع أرقام عدد من الدول والتي يصل أقلها إلى 15 ألف دولار في ألمانيا واليابان على سبيل المثال.

وتابع رئيس الجامعة: ازدادت نسبة الموجودين في سوق العمل (التعليم الجامعي) من 7 بالمئة إلى 13 بالمئة، متسائلاً: هل يعملون فعلاً باختصاصهم الذي تخرجوا فيه؟، مشيراً إلى أن معدل الالتحاق بالتعليم الجامعي يصل إلى 22 بالمئة وهو رقم منخفض يعكس وجود تسرب بوجود طلاب قبلوا في الجامعات والمعاهد ولكن لم يلتحقوا، مع ضرورة لحظ عدد الخريجين.

ولفت الجبان إلى أن هجرة الكفاءات أثرت سلباً، مبيناً أن انخفاض الكادر التدريسي من 3500 عضو هيئة تدريسية إلى 1400 عضو هو أمر مخيف، وبعض الكليات كان فيها 200 عضو هيئة وأصبحوا 28 عضواً، ولكن هناك إجراءات متخذة والجامعة بصدد الإعلان عن مسابقات، ناهيك عن الإيفادات إلى الدول الصديقة وعودة جزء منها.

وكشف رئيس الجامعة أن الشهادات السورية التي تم قبول تعديلها عالمياً في دول الخليج وأوروبا تقدر بحوالي 35 ألف شهادة، من بينها 3180 كفاءة أكاديمية وتحصيلاً علمياً، ما يعبر عن هجرة واسعة كبيرة خلال هذه الفترة للكفاءات وتم تعديل شهادتها في بلدان الاغتراب.

وأشار الجبان إلى ضرورة دعم التعليم العالي عبر المجتمع المحلي والدولي، والأكاديميين والطلاب، وأصحاب المصلحة، مضيفاً: بدأنا نشهد عودة جامعات أوروبية لتوقيع اتفاقات مع الجامعة، واستفادة الطلاب من المنح والتبادل الطلابي الأكاديمي، ولكن الخطوات لا تزال خجولة.

دعم التعليم ولكن؟

بدورها رئيسة الاتحاد الوطني لطلبة سورية دارين سليمان أكدت أن لا خلاف على أن التعليم حق لكل مواطن وهو أمر كفله الدستور، ولكن هل اليوم هناك رضا عن مخرجات التعليم العالي؟، مضيفة: إذا اتفقنا على عدم الرضا على المخرجات فإن سياسات التعليم العالي عبر وجود تراكمات هي السبب وبحاجة إلى مراجعة.

وقالت: نحن كاتحاد طلبة مع الدعم للطلاب وخاصة في الظروف الراهنة، ولكن هل باستطاعة الحكومة السورية الاستمرار بالدعم بالشكل الحالي والآليات المترافقة له ضمن موارد مالية وبشرية أقل وهي بتناقص؟، مضيفة: «أنا أراه انتحاراً واعذروني على قساوة الكلمة»، مؤكدة عدم وجود رضا من الطلاب.

مضيفة: لا يمكن للحكومة الاستمرار بالدور الأبوي السابق نفسه كما قبل الحرب، ما يتطلب تغيير آلية التعليم وسياسية الاستيعاب، نحن بحاجة إلى أفكار تعيد توظيف هذا الدعم بما يحقق العدالة الاجتماعية وما يتماشى مع موارد الدولة المتناقصة وفي الوقت ذاته أحقق الغاية المرجوة من الدعم، حتى لا ندور في حلقة مفرغة لا منتج لها.

هذا وتم التطرق خلال الورشة إلى الصعوبات والتحديات الراهنة بدءاً من القبول الجامعي إلى وسائل التعليم التقاني وواقع المخابر والتجهيزات وواقع البناء، والأهم واقع الكوادر التدريسية والتعليمية والمخبرية، إضافة إلى تحليل واقع البحث العلمي، والتعليم التقاني ودوره في خدمة المجتمع، كما تم التطرق أيضاً إلى نوعية وجودة الخريج الجامعي الذي يثبت كفاءته وجدارته على المستويين الإقليمي والدولي رغم الظروف الصعبة والحصار الاقتصادي، كما تم التطرق إلى تقديم المنح الدراسية في عدد من الكليات.

طروحات

رئيس جامعة دمشق الأسبق الذي أدار الورشة وائل معلا أكد وجود عدد من التحديات ترتبط بتوفير فرص الالتحاق بمؤسسات التعليم العالي لجميع من هم مؤهلون له وتمويل مستلزمات وخدمات هذا التعليم، مقترحاً ترشيد مجانية التعليم وإتاحتها لمستحقيها من ذوي الدخل المحدود، والعمل على أن يساهم الطلاب وأسرهم من ذوي الدخل الجيد في تحمل تكاليف التعليم العالي أو جزء منه، بغرض المساهمة في تأمين زيادة الموارد المخصصة لرفع جودة الخدمات التعليمية.

وقال عميد كلية العلوم السياسية محمد حسون: هناك عدد من الكفاءات والمخرجات ليست كما ينبغي للدخول في سوق العمل سواء المحلي أو الخارجي، ما يتطلب وضع سياسات ورؤى لتطوير التعليم، مشيراً إلى أن المادة العلمية والمناهج بحاجة دائماً إلى تطوير وتحديث.

وتساءلت عميد كلية الصيدلة بجامعة دمشق لما يوسف: كم تأخرنا في عقد هذه الورشة في مواجهة الذات ووضع مرآة حقيقية غير تجميلية؟ مضيفة: إن هناك خسائر كبيرة طالت قطاع التعليمي والمنحني البياني في تدن وما نفعله حالياً هو وضع مكابح.

وقالت: هناك أسر بمختلف المستويات الاقتصادية مستعدة لوضع أبنائها قبل المرحلة الجامعية ضمن مدارس خاصة أقساطها عشرات الملايين، ومن ثم نحن الآن ندافع عن مجانية التعليم من دون انتقائية لمن يستحق الدعم في التعليم العالي، معتبرة أن المجانية حالياً هي هدر كبير للطاقات والأموال، مطالبة بأن تكون هناك مرجعية للأرقام حتى نكون أكثر قدرة على بناء القرارات الصحيحة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن