المؤتمر الدولي الثاني للطاقات المتجددة … الزامل: نسعى إلى خلق بيئة استثمارية يكون المواطن في شراكة إستراتيجية بآلية إنتاج الطاقة الكهربائية
| جلنار العلي
أكد وزير الكهرباء غسان الزامل أن الحرب الاقتصادية التي يشنها الغرب على سورية والإجراءات القسرية أحادية الجانب طالت جميع القطاعات الاقتصادية ولاسيما قطاع الطاقة والكهرباء، لافتاً إلى أن الوزارة عملت على إعادة تأهيل المنظومة الكهربائية من شبكات النقل والتوزيع ومحطات التحويل والتوليد وصيانة المحطات القديمة والمتهالكة، واستكمال تنفيذ محطات التوليد في ظل الوضع الاقتصادي الخانق والحصار الجائر.
وأشار الزامل خلال كلمة له في المؤتمر الدولي الثاني للطاقات المتجددة الذي أقامته كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية يوم أمس تحت شعار «الطاقات المتجددة.. حلول وإستراتيجيات»، إلى أن الوزارة تستمر بتشجيع القطاع الخاص على بناء محطات توليد تعمل على مصادر الطاقات المتجددة، لتخفيف النمو بالطلب على حوامل الطاقة، وتسعى لنشر مفهوم الطاقات المتجددة، ونشر محطات التوليد بالطاقات المتجددة، ولفت إلى أنه صدر خلال الفترة الماضية العديد من التشريعات والقوانين التي تشجع على التوجه نحو الطاقات المتجددة، وذلك لخفض تكاليف الطاقات وللحد من الانبعاثات الغازية للتخفيف من آثارها على البيئة، لذلك توجهت كل دول العالم لتحسين كفاءة استخدام الطاقة في مختلف القطاعات الصناعية والزراعية، وتنمية وتطوير استخدام مصادر الطاقات المتجددة، وخلق أسواق للكهرباء وإشراك القطاع الخاص في تلبية الطلب على الكهرباء من مختلف مصادر الطاقات المتجددة، مؤكداً سعي وزارة الكهرباء لتقديم كل التسهيلات الممكنة في هذا المجال.
تهيئة البيئة الاستثمارية
وفي سياق متصل، أكد الزامل أن المؤتمر يأتي في سياق التوجهات الحكومية لأهمية قطاع توليد الكهرباء عبر الطاقات المتجددة ودوره في التنمية ودعم كل النشاطات الاقتصادية والخدمية، في ظل التوجه العالمي للاعتماد على الكهرباء في كل الاستخدامات، مبيناً أن رؤية الحكومة أقيمت بناء على المتغيرات التي طرأت على الاقتصاد السوري وتشخيصها الميداني لواقعه وانطلاقها لمفاهيم ورؤى جديدة لدورها القادم، ما دفعها للعمل على وضع خريطة طريق لتحقيق بيئة استثمارية محددة الأهداف كي تعطي ثقة للمستثمرين الراغبين بالمساهمة في العملية الاستثمارية من خلال وضع وتعديل التشريعات الخاصة بنشاط توليد الكهرباء سواء من الوقود الأحفوري أو الطاقات المتجددة، بهدف تهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة للقطاع الخاص لإقامة مشروعاته وبيع الكهرباء سواء لوزارة الكهرباء أو للقطاعين العام والخاص، وزيادة مساهمة الطاقات المتجددة في ميزان الطاقة السوري.
ولفت إلى أن وزارة الكهرباء أقرت إستراتيجيتها لعام 2030 التي تضمنت إنشاء 2500 ميغا واط من محطات التوليد الكهروضوئي، و1500 ميغا واط من الطاقات الريحية، و1.2 مليون سخان شمسي، كما أحدثت الحكومة خلال الدورة الحالية صندوق دعم الطاقات المتجددة لتشجيع المواطنين للتوجه نحو الطاقات المتجددة لتأمين الطلب، وتسعى الوزارة لخلق بيئة استثمارية صحيحة تكون حافزة ليكون المواطن في شراكة إستراتيجية في آلية إنتاج الطاقة الكهربائية من خلال الطاقات المتجددة للمشاريع الخاصة، أو العمل على إنشاء محطات توليد سواء بالوقود الأحفوري أو بالطاقات المتجددة وبيع الإنتاج لوزارة الكهرباء، وهناك ورقة عمل مقدمة في هذا المجال.
التشاركية
من جانبه، اعتبر وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور بسام إبراهيم أن أهم ما في المؤتمر هو التشاركية، فهدف الوزارة التشارك مع جميع المؤسسات والوزارات، وخاصة في مجال البحث العلمي لتبادل الخبرات والاستشارات والدراسات ولإجراء اختبارات نوعية لتقييم الأداء، والتنسيق مع وزارة الكهرباء لتنظيم زيارات دورية وخاصة لطلاب السنوات الأخيرة، أو أن تكون عناوين أطروحات رسائل الماجستير والدكتوراه مرتبطة مباشرة مع وزارة الكهرباء، ولتوفير منصة للباحثين والمتخصصين في هذا المجال لتقديم حلول تكنولوجية وتطبيقات حديثة، تسهم في تطوير هذا القطاع في ظل الحاجة المتناهية لمصادر الطاقة، متأملاً التوصل لمجموعة من التوصيات والمقترحات لتأمين مصادر إضافية من الطاقات المتجددة.
حلول وإستراتيجيات
عميد كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية في جامعة دمشق الدكتور مصطفى موالدي، أكد أن المؤتمر انعقد في ظروف تزداد فيها الحاجة للبحث عن آليات لتحسين واقع الاستثمار في مجال الطاقات المتجددة، لافتاً إلى أن الكلية ستقدم أبحاثاً وأوراق عمل ومحاضرات علمية لإيجاد حلول وإستراتيجيات لتحسين واقع الاستثمار الحالي، وقد بلغ عدد الأبحاث والمحاضرات 26 بحثاً وورقة علمية، حيث جرى تحكيمها من لجان متخصصة ليصار إلى نشرها لاحقاً في مجلة جامعة دمشق.
من جانبه بين رئيس جامعة دمشق الدكتور أسامة الجبان أن استمرار النشاطات العلمية المميزة وخصوصاً في تخصصات كلية الهندسة الميكانيكية والكهربائية، يعد أمراً مهماً لربط جامعة دمشق بالمجتمع، ولجعلها ليست بحثية علمية فقط وإنما بحثية إنتاجية أيضاً، لافتاً إلى انعقاد أكثر من 150 مؤتمراً في مختلف الاختصاصات منذ بداية العام حتى الشهر الخامس.
أرقام وإحصائيات
مدير المركز الوطني لبحوث الطاقة بسام درويش، استعرض في محاضرة له واقع الطاقة الكهربائية في سورية، حيث كان استهلاك مصادر الطاقة الأولية في العام 2011 نحو 25 مليون طن مكافئ نفطي، لينخفض إلى أقل من 10 ملايين طن مكافئ نفطي في عام 2022، ومن المتوقع أن يكون في عام 2023 أقل من ذلك نتيجة للأزمة الاقتصادية العالمية التي رافقت الحرب في أوكرانيا، لافتاً إلى أن الغاز الطبيعي يشكل القسم الأكبر من الاستهلاك من مصادر الطاقة الأولية، حيث يشكل نحو 36 بالمئة، وزيت الفيول نحو 21 بالمئة، والمازوت والبنزين وباقي المشتقات النفطية والكتلة الحيوية نحو 11 بالمئة.
وفي السياق، أشار درويش إلى أن إنتاج النفط انخفض من 175 ألف برميل من النفط يومياً في عام 2011، إلى نحو 15 ألف برميل يومياً في عامي 2022 و2023، وكذلك الأمر بالنسبة للغاز الطبيعي الذي كان يعتبر المصدر الأساسي الذي يعتمد عليه نتيجة لتوفره محلياً ورخص تكاليف وصوله إلى محطات التوليد، فقط انخفضت كمياته المتاحة من 30 مليون متر مكعب يومياً في عام 2011، وأقل من 9 ملايين متر مكعب في عامي 2022 و2023، ولا يصل لوزارة الكهرباء سوى 6.5 ملايين متر مكعب من الغاز الطبيعي يومياً، لافتاً إلى أن أكثر القطاعات استهلاكاً للطاقة الأولية هو قطاع إنتاج الكهرباء بنسبة 50 بالمئة، لتليها بقية القطاعات كالنقل والمنازل والصناعة، 38 بالمئة منها يعتمد على زيت الفيول، و53 بالمئة على الغاز الطبيعي، و9 بالمئة من مصادر الطاقات المتجددة.
وتابع: إن نسبة الطاقة الأولية التي تم استهلاكها في وزارة الكهرباء بعام 2022 نحو 2.8 مليون طن مكافئ نفطي من الغاز الطبيعي، و1.9 مليون طن مكافئ نفطي من زيت الفيول، وقد تم من خلال ذلك إنتاج نحو 19 مليار كيلو واط ساعي في عام 2022، ولكن انخفض الإنتاج في عام 2023.
وحول ملخص ميزان الطاقة في عام 2022، كشف درويش أن مصادر الطاقة الأولية التي كانت متاحة وصلت إلى نحو 10 ملايين طن مكافئ نفطي تم تحويلها إلى طاقة جاهزة للاستهلاك بحدود 5.5 ملايين طن مكافئ نفطي، و4.5 ملايين طن مكافئ نفطي كضياعات نقل وتحويل الطاقة، مبيناً أن هذه النسبة موجودة حتى في حالات الفقر الطاقي كالتي تعاني منها سورية، وهذا الأمر يتطلب إجراءات لرفع كفاءة استخدام الطاقة وتحويلها وتخفيف الضياعات والفاقد لتحسين الوضع الطاقوي.
وأشار إلى أن سورية كانت تشهد قبل الأحداث معدل نمو عال في إنتاج الطاقة الكهربائية من نحو 25 مليار كيلو واط ساعي في عام 2000، إلى نحو 50 مليار كيلو واط ساعي في عام 2011، لينخفض هذا الإنتاج مع سنوات الأزمة، حيث وصف العام 2016 بأنه نقطة الحضيض، ثم شهد الإنتاج تحسناً في السنوات التالية، ليعود للانخفاض في الأعوام الأخيرة، نتيجة انخفاض كميات الوقود المتاحة لمحطات التوليد، ففي عام 2022 كان الإنتاج 19 مليار كيلو واط ساعي، و18 ملياراً في عام 2023، أي إن نسبة الانخفاض وصلت إلى 3 بالمئة عن العام السابق، لافتاً إلى أن كمية الطاقة المفصولة في عام 2023 نحو 25 مليار كيلو واط ساعي، أي بجمع الإنتاج والطاقة المفصولة يكون إجمالي الطلب المقدر على الكهرباء نحو 42 مليار كيلو واط ساعي، على حين بلغت ذروة الطلب المقدرة على الكهرباء نحو 7000 ميغا واط في أيام الذروة خلال فصل الشتاء، و5000 ميغا خلال فترة الصيف، أما الاستهلاك السنوي من الغاز فقد بلغ 2.6 مليار متر مكعب، أما الفيول فقد بلغ 1.9 مليون طن مكافئ نفطي، كاشفاً أن الاستطاعة الكلية لمجموعات التوليد المتاحة التابعة لوزارة الكهرباء والجاهزة للعمل والإنتاج وصلت إلى نحو 5348 غيغا واط، ففي حال تم تأمين الوقود اللازمة لها فهي تستطيع أن تنتج وتغطي نسبة كبيرة من الطلب.
400 ميغا واط في نهاية العام القادم
وبما يخص الطاقات المتجددة، أشار درويش إلى أن الوزارة خطت الكثير من الخطوات في هذا المجال خلال سنوات الحرب التي أعاقت تنفيذ كل الخطط، لذلك كان السير في خطوات بطيئة، أما حالياً فقد وصلت وزارة الكهرباء إلى أول 100 ميغا واط مربوطة على الشبكة الكهربائية، علماً أن هذا العمل كان نتيجة جهود حكومية كبيرة على مدار 12 عاماً، وستوضع الـ100 ميغا الأخرى في نهاية العام الحالي، وفي نهاية العام القادم سيتم إدخال 400 ميغا واط إلى الشبكة الكهربائية، وهذا يعني أن الحكومة تسير قفزات مضاعفة في كل عام وبأرقام جيدة للوصول إلى الأهداف الموضوعة في إستراتيجية الطاقات المتجددة التي اعتمدتها الحكومة.
وفي معرض رده على التساؤلات، بيّن درويش أن وزارة الكهرباء قدمت مذكرة للحكومة منذ نحو الشهرين، عن واقع الطاقات المتجددة وصدرت توصيات من رئاسة مجلس الوزراء لضرورة تطوير تشريعات المركز الوطني لبحوث الطاقة ودعمه بما يجعله يواكب المرحلة والتجارب الموجودة في الدول المجاورة كمصر مثلاً، بحيث يكون المركز قادراً على تحقيق إيرادات وألا يكون جهة بحثية فقط، كاشفاً أن المركز يؤسس مخبراً لضبط جودة تجهيزات الطاقات المتجددة.
وبيّن درويش أن وزارة الكهرباء لا تشجع على الأمبيرات ولم ترخص، وذلك تنفيذاً لقانون الكهرباء الذي يمنع مزاولة مهنة توليد الكهرباء من دون الحصول على رخصة، والجهة المخولة بذلك هي وزارة الكهرباء، موضحاً أن ما يجري هو أن بعض الوحدات الإدارية سمحت بالأمبيرات وفي ذلك مخالفة لقانون الكهرباء الذي لم يسمح بالأمبيرات إلا من الطاقات المتجددة.
حوافز عديدة
من جهتها، بيّنت مدير هيئة الاستثمار السورية ندى لايقة في كلمة لها، أن رؤية الهيئة تتمثل في جذب استثمارات خاصة ومشتركة لتوليد الكهرباء بالطاقات المتجددة بما يسهم في سد فجوة الطاقة والتحول السريع نحو الطاقات النظيفة والمستدامة، علماً أن هذا الأمر لا يتعلق فقط بتأمين احتياجات المشاريع الاستثمارية والمواطنين والفعاليات، وإنما له أبعاد بيئية عديدة، لافتة إلى أن الهيئة قدمت العديد من الحوافز الجمركية والضريبية وغير ضريبية وإجرائية، للاستثمار في هذا المجال، إضافة إلى وجود ضمانات للمشاريع المقامة وفق القانون رقم 18.
وفي تصريح لــ«الوطن»، أكدت لايقة أن مشروعات الاستثمار بالطاقات المتجددة هي جاذبة للاستثمار المحلي والأجنبي وتحتل المرتبة الثالثة من حيث مؤشرات الجذب في هيئة الاستثمار، وهناك 12 مشروعاً حصل على إجازات استثمار بموجب القانون رقم 18 بقيمة تقديرية تصل إلى 850 مليار ليرة سورية، متوزعة في المدينة الصناعية بحسياء وفي عدرا الصناعية وطرطوس، وقد دخل منها ثلاثة مشاريع في مرحلة التنفيذ الفعلي والضخ على الشبكة، وجزء قليل منها لمصلحة مشاريع استثمارية يضخ الفائض على الشبكة، والجزء الآخر للتوليد على الشبكة ويجري بيعها ضمن اتفاقيات مع وزارة الكهرباء، أما بالنسبة للتجهيزات اللازمة للتوليد كالألواح الكهروضوئية والعنفات فهي تعد مشاريع مشملة بقانون الاستثمار وموجودة ضمن برامج الدعم الحكومي وتحظى بحوافز تميزها عن غيرها من المشاريع ضمن برنامج إحلال بدائل المستوردات ودعم أسعار الفائدة، علماً أن مشاريع الطاقات المتجددة ليست حديثة العهد في سورية وإنما كان هناك خلال الفترة الماضية مشاريع مرخصة على القانون رقم 8 لعام 2007.