تأثير إدانة ترامب في السباق الرئاسي
| دينا دخل الله
على الرغم من أن الرئيس السابق دونالد ترامب أدين مؤخراً بأربع وثلاثين تهمة، إلا أن هذا لم يؤثر على ما يبدو في شعبيته الكبيرة ضمن الفئات المناصرة له، ويرى البعض أن ما حصل لم يكن أعجوبة، لأن أنصار ترامب لم يتخلوا عنه خلال محاولات العزل التي تعرض لها سابقاً، ولعل التفاني الأكبر ظهر في أعمال الشغب التي حصلت في السادس من كانون الثاني عام ٢٠٢١ عندما هجم أنصاره على مبنى الكونغرس دعماً له، والتي تعتبر سابقة في التاريخ الأميركي.
لم يخسر دونالد ترامب المثير للجدل أنصاره بعد إدانته، بل على العكس استطاع الحصول على تأييد أكبر داخل حزبه الجمهوري، فقد التف الجمهوريون حول مرشحهم حتى أولئك الذين كانوا يفضلون إزاحته من الصورة، أبدوا دعمهم له، لكن هل يكفي هذا الالتفاف للفوز في الانتخابات القادمة؟
يرى مراقبون أن هذا الالتفاف لا يكفي للفوز بالانتخابات، الطريق الوحيد أمام ترامب للفوز هو ائتلاف يضم العديد من الجمهوريين والمستقلين الذين يعتقدون أن ولاية بايدن الثانية ستكون أسوأ من ترامب نفسه، وهذا لا يعني أن الحكم الصادر في مانهاتن سيغير مجرى السباق فجأة، إلا أنه قد يؤثر ولو بنسبة صغيرة في عدد من الناخبين في الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان وبنسلفانيا وويسكونسن ما سيكون له تأثير حاسم في توازن السباق الرئاسي.
قال أحد منظمي استطلاعات الرأي الديمقراطيين لصحيفة «بوليتيكو» بعد صدور الحكم: إن على بايدن أن يؤكد في رسالته أن «ترامب تصاحبه الفوضى أينما ذهب، فكيف يمكنه أن يفعل ما هو الأفضل للبلاد وهو سيقضي سنواته الأربع في البيت الأبيض مهووساً بقضاياه القانونية، ويحاول تصفية الحسابات، ويحاول البقاء خارج السجن»؟
يعتقد كثيرون أن إدانة ترامب في محكمة منهاتن قد تساعد بايدن بالتأثير في شريحتين ديموغرافيتين هما:
أولاً الجمهوريون التقليديون المتعلمون تعليماً عالياً، الذين من المتوقع أن يشاركوا في الانتخابات، فهم لا يحبون ترامب ولكنهم منفتحون على التصويت له لأنهم يعتبرون أن بايدن كبير في السن، ولأن إدارته مناهضة للغاية للأعمال التجارية، وإن الإدانة تجعل من الصعب على هذه المجموعة تبرير التصويت لترامب باعتباره أفضل السيئين.
وثانياً الناخبون من الفئات غير المثقفة الذين قد لا يذهبون إلى صناديق الانتخاب على الرغم من حبهم لترامب، وهؤلاء عادةً لا ينتبهون للأخبار، لكن حدثاً كبيراً مثل الإدانة يمكن أن يؤثر في تعاطفهم مع ترامب بشكل سلبي.
لا تهتم هاتان المجموعتان كثيراً بأن ترامب ديكتاتور يمكنه إنهاء الديمقراطية، بل ما يهمهم هو أنه عامل فوضى منغمس في نفسه ومنشغل جداً بمشاكله الخاصة، بحيث لا يستطيع الحكم بفعالية.
أظهر استطلاع جديد أجرته شركة «كوك بوليتيك ريبورت» للناخبين في الولايات المتأرجحة أن بايدن يتقدم بنسبة ٤٩ بالمئة مقابل ٤٥ بالمئة لترامب من بين الناخبين الأكثر موثوقية، لكنه يتخلف عن ترامب بعشر نقاط أي ٤١ بالمئة مقابل ٥١ بالمئة بين الناخبين الأقل انضباطاً والأقل اهتماماً بالسياسة.
رفض المدافعون عن ترامب، المحاكمة برمتها، باعتبارها صورية، ويقولون إن معظم الناس لا يفهمون التفاصيل بشكل واضح، ولكن سيعرف الناخبون المتعلمون أن السلوك الذي تم إلقاء الضوء عليه في هذه القضية يتعارض مع صورة الرئيس في أذهانهم، وقد لا يعرف الناخبون غير المثقفين سياسياً سوى العنوان العريض أن «دونالد ترامب الآن مجرم مُدان».
كاتبة سورية مقيمة في الولايات المتحدة