ما يحدث في غزة لم يبدأ في 7 تشرين الأول وإنما منذ 77 سنة … كليب لـ«الوطن»: العرب أمام لحظة مفصلية يجب استغلالها
| منذر عيد
أكد الكاتب والإعلامي اللبناني سامي كليب أن «ما يحصل اليوم هو تحول مفصلي في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، والعدو أصيب بنكسة وجودية كبرى»، مشدداً على أن العرب أمام لحظة مفصلية يجب أن يتم استغلالها، حرصاً على فلسطين وحرصاً على وطننا العربي.
وفي تصريح صحفي على هامش ندوة أقيمت في مبنى اتحاد الكتاب العرب بدمشق بعنوان «تدمير الوطن العربي.. من حرب الهوية إلى الإبادة- غزة أنموذجاً»، قال كليب: «العدو أصيب بنكسة ولكن ربما يغيب عن بال الكثير من المحبين لفلسطين والمحبين للدول العربية التي تساند الفلسطينيين، أن هذا الحدث لم يأت مصادفة ولم يبدأ في السابع من تشرين الأول، وإنما بدأ منذ سبعة وسبعين عاماً».
وأشار إلى أن وجوده في دمشق هو لتقديم مجموعة من الكتب والأبحاث الجديدة التي تؤكد أن الذين قاوموا العدو الإسرائيلي الجائر، كانوا على حق طوال حياتهم، وما يحصل اليوم هو الذي يعطيهم الحق، قائلاً: «فأنا سعيد وحين أصل إلى هذا البلد الغالي على قلبي (سورية) إلى أقدم مدينة مأهولة في التاريخ فأنا أعجز عن التعبير عن عاطفتي تجاهها، لأن حجم المحبة والحب الذي أتلقاه يتخطى كل شيء».
وفي رده على سؤال لـ«الوطن» قال كليب: «النكسة التي أصيب بها الوجود الصهيوني على أرضنا العربية، لم يكن أحد يحلم أنه سيصل إليها، واليوم صورة إسرائيل في الداخل أنه جيش عجز الدفاع عن الأسطورة التي كان يقدمها عن حماية الشعب الذي جاء به من كل أصقاع الأرض، الأمر الثاني الصورة في الخارج انهارت تماماً، كما الرواية الإسرائيلية التي بنيت على مليارات الدولارات من الدعاية ومن المصارف ومن الإعلام الذي كان يساند هذا العدو، لقد انقلب السحر على الساحر، ونحن الآن أمام لحظة مفصلية، والذي نأمله أن يستغل العرب هذه اللحظة، وألا يضيعوها كما ضيعوها سابقاً، بمعنى أنه أمام الانقسام الدولي الحاصل بين محورين كبيرين الصين وروسيا وحلفائهما من جهة، والولايات المتحدة والغرب الأطلسي إلا ما ندر من جهة ثانية، في لحظة مفصلية بعد انكسار الشوكة العسكرية الآن، على العرب أن يستغلوا هذه اللحظة ويفرضوا قيام دولة فلسطينية حقيقية كالتي نحلم بها».
وشدد على أن تضحيات الشعب الفلسطيني الكبرى التي قدمها، هي امتداد لتضحيات أيضاً دول دمرت لهذا السبب، ونحن نتحدث عن خمس أو ست دول عربية دمرت لأنها ساندت تاريخياً القضية الفلسطينية، قائلاً: «أتصور أنه نحن العرب أمام لحظة مفصلية يجب أن نستغلها، حرصاً على فلسطين وحرصاً على وطننا العربي»، وتابع: «إننا محكومون بالأمل» كان شعاراً قبل الآن، والآن نراه في الواقع، مشدداً على أن الآتي سيكون أفضل وأجمل.
وبين أن المشروع الصهيوني الأساسي قام على فكرة دينية عقائدية، وأن كل الأطراف الأخرى التي تصارع هذا المشروع يجب إما أن تتكسر من داخلها، أو تنهزم عملياً، وقال: الآن نحن أمام معادلة قد تكون الأخطر أوصلتنا إلى سبعة تشرين الأول، حيث وصل التطرف الديني في الكيان إلى أقصاه، مسنوداً بدعم أكثر من مئة مليون من الإنجيليين الجدد أو ممن يسمون بالمسيحيين الصهاينة، الذين ليس لهم علاقة بالمسيحية الحقيقية، وهؤلاء يؤمنون كما كتب بنيامين نتنياهو في كتابه «مكان تحت الشمس»، أنه لا ضفة غربية ولا غزة، وكل عربي فلسطيني في الكيان يجب أن يعيش بدرجة ثانية أو ثالثة، والأردن وطن بديل، ويجب إعادة التهجير إلى سيناء، هذه الأمور مكتوبة، وحاولت إسرائيل أن تفرضها علينا جميعاً كعرب، وأعتقد أنه نحن اليوم أمام لحظة مفصلية، وبقدر ما يصمد العرب فعلياً خلف المشروع الذي يناهض المشروع الصهيوني لكينونته وبأدواته الكبرى، بقدر ما يكون أملنا أكبر في المرحلة المقبلة».
كليب أكد خلال الندوة أنه ومنذ 77 عاماً وهناك خط بياني لتدمير أي دولة تريد أن تدافع عن فلسطين، وتدمير أي دولة لا تريد أن تسير في المشروع الغربي الذي رسم للمنطقة، مبيناً جملة الوقائع قبل عملية «طوفان الأقصى» في السابع من تشرين الأول الماضي منها إعلان الرئيس الأميركي جو بايدن في التاسع من أيلول عام 2023 خلال قمة العشرين في الهند عن إنشاء خط سكك حديد من نيودلهي مروراً بالخليج والأردن وإسرائيل وصولاً إلى أوروبا ذهاباً وإياباً، بهدف دمج الكيان الإسرائيلي في المنطقة من جهة، وتطويق المشروع الآخر الذي تقوده الصين «الحزام والطريق».
وأشار إلى أن التلاقي الصيني- الروسي كون محوراً في مواجهة المحور الغربي بقيادة أميركا، حيث استطاعت الصين وبخطوات مدروسة من تحقيق العديد من الأمور غير المسبوقة بداية من تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران برعايتها، وهو إنجاز كبير تبعه تحسين كبير بالتبادل التجاري بين الصين ودول الخليج وصل إلى 350 مليار دولار، والأمر الثاني هو الموقف الصيني من إقامة دولة فلسطينية غير مقطعة الأوصال.
وتساءل كليب: هل كان العدو الصهيوني يعلم بعملية «طوفان الأقصى» عارضاً مجموعة من التصريحات والأخبار والمعلومات المنقولة عن ساسة وقادة أجهزة أمنية واستخباراتية في إسرائيل تثبت تلقيهم معلومات عن عزم المقاومة الفلسطينية القيام بعملية كبرى، ولكن كل ذلك تم تجاهله، وهناك احتمالات ثلاثة حول الأمر، الأول بالفعل فإن قادة الكيان لم يكن لديهم علم بما يحضر له والوقائع عكس ذلك، والثاني أنه تم تجاهل المعلومات التي وصلتهم، والثالث بأن هناك طرفاً إسرائيلياً علم بالأمر وترك الأمور تحدث، دون أن يدري بأن الأمور سوف تذهب إلى ما ذهبت إليه.
رئيس اتحاد الكتاب العرب د.محمد الحوراني نوه بأهمية كتاب كليب الجديد «تدمير العالم العربي من حرب الهوية إلى الإبادة – غزة أنموذجاً»، في معركة الرأي العام حول فلسطين ومقاومتها، والدور الذي يبذله الكاتب في كشف الحقائق حول ما يجري في فلسطين وحوله وما يعرضه من وثائق وأدلة.
حضر الندوة عدد من سفراء الدول العربية والأجنبية المعتمدين في دمشق، وعدد من السياسيين والفنانين والأدباء.