رياضة

بعد الخسارة أمام كوريا الشمالية منتخبنا الكروي ينتظر معجزة من ميانمار … الجميع يتحمل مسؤولية نكبة لاوس وما زلنا في بداية طريق البناء

| ناصر النجار

من الصعب جداً أن تتحدث عن مباراة لم ترها، ولم تعرف تفاصيلها، ومن غير الممكن أن تعتمد على رسائل شفهية تنقل لك خبراً لا يمت إلى الخبر بصلة.

الإعلاميون المرافقون للمنتخب كان همهم الحصول على (اللايك) لذلك لم ينقلوا لنا شيئاً على صفحة الاتحاد الرسمية، ونقلوا لنا تسلسل الدقائق مع ذكر النتيجة على صفحاتهم الشخصية، وهذا كله لا يمت للإعلام بصلة، لذلك اجتهد البعض بالبحث عن مصادر أخرى لعل وعسى.

ومشكلة منتخبنا لم تعد بالنقل التلفزيوني للمباراة، فالجانب الكوري أرادها مباراة مغلقة، ونحن لا نملك حقوق النقل، لأننا اعتدنا على النقل المجاني، وعلى تبرعات المحبين بالسماح لنا بالنقل، لذلك حدثت مشكلة النقل، واضطررنا لمسايرة الجانب الكوري، والنتيجة النهائية أننا غلبناهم بمكان المباراة وغلبونا بعدم النقل، وغلبونا على أرض الملعب.

الأخبار الوحيدة المنقولة عن المباراة أن منتخبنا لم يقدم الأداء المطلوب وأن منتخبنا لم يظهر كما يجب والهدف الذي دخل مرمانا كان بسبب خطأ دفاعي ساذج ومزعج.

وإذا أجرينا مقارنة بين منتخبنا والمنتخب الكوري، نجد أننا من الناحية النظرية نتفوق عليه باسم لاعبينا وأسعارهم السوقية وبالمدرب العالمي، لكن المنتخب الكوري كان واقعياً أكثر من منتخبنا، وحصل على ما أراد في النهاية.

نحن في الحقيقة لا نود التطرق إلى عمل الآخرين وخصوصاً في النواحي الفنية، وسبق أن قلنا: إن المدرب أسلوبه دفاعي وهذا أمر ليس عيباً ولا يشكل ثغرة في عالم كرة القدم، فالكثير من الدول تنتهج الأسلوب الدفاعي وفازت بكأس العالم أكثر من مرة كإيطاليا، والكثير انتهج الأسلوب الهجومي واخترع مفهوم الكرة الشاملة ولم يحقق أي شيء كهولندا.

ليست المشكلة في الأسلوب، إنما المشكلة أن منتخبنا مازال في طور البناء ولم يصل إلى التشكيلة المرضية حتى الآن، فهناك نقص على صعيد اللاعبين المتميزين وخصوصاً في دكة البدلاء، وسبق أن قلنا إن خط دفاع منتخبنا صار جيداً، ولكن هل يكفي لقوة الدفاع ومتانته وجود لاعبين اثنين ممتازين وآخرين بنصف المستوى، لذلك كنا نتساءل عن البدلاء، وما الحلول لو أصيب أحد اللاعبين؟ وهذا ما جرى معنا بإصابة أيهم أوسو، دائماً كنا نستشعر الخطر في هذا الاتجاه، فرحلة التصفيات طويلة وغياب اللاعبين وإصاباتهم متوقعة دائماً وهذا شيء بديهي بعالم كرة القدم.

رحلة التصفيات لم تنته بمباراة كوريا الشمالية، لأن ما سبقها كان أصعب منها وربما كان أكثر ضرراً، لذلك كانت الضريبة التي دفعنا ثمنها قبل خوض مباريات التصفيات قاسية، أولاها أننا وقعنا في المستوى الثاني بالتصنيف وهذه الخطوة لم تكن بمصلحتنا بالمطلق، وثانيها تجلى بالتعادل الكارثي مع منتخب ميانمار.

ربما وجد كوبر أن مصلحة المنتخب تقتضي أن يكون منتخبنا كله من لاعبي الخارج من أصول سورية، ولكن هذا لا يكفي لبناء المنتخب، وغير إيجابي لبناء الكرة السورية وعليه يجب أن يكون هناك إجراءات جديدة إذا أردنا الوصول إلى مواقع أفضل من الموقع الهزيل الذي نحن فيه ومن الحلم الذي تبخر في الدقيقة 91.

عوامل كثيرة

من الطبيعي أن نرى عاصفة جماهيرية تطالب بالتغيير، وخصوصاً أولئك الذين يقفون على الصف الآخر في مواجهة اتحاد كرة القدم، منهم داخل البلاد وهم أولئك الذين لم يستفيدوا بشكل شخصي من اتحاد كرة القدم، ومنهم خارج البلاد يعيشون في برج عاجي ويتقنون التنظير وبعضهم عندما كان في البلاد لم يقدم ما يفيد لناديه ولكرتنا ولو بمثقال ذرة، أما الجماهير فهي غاضبة ولكنها حائرة وتسير مع الركب وفق ما سار وفق مصالح أنديتها، فمن تأذى ناديه من اتحاد الكرة طالب بالتغيير، ومن لم يتأذ نام على مضض، لكن الإجماع كان شعور الجميع بخيبة الأمل، ودوماً السؤال المطروح: ما الحل؟

كرة القدم عمل كامل متكامل، فيه جزء يتحمله اتحاد كرة القدم وجزء آخر يتحمله الآخرون، العراق على سبيل المثال لما أراد أن يرفع الحظر عن ملاعبه قدم للفيفا وللعالم مجموعة من الملاعب بمواصفات دولية وقد أبهرت أبصارنا عندما شاهدناها ببطولة غرب آسيا، ونحن حتى الآن لا يوجد لدينا ملعب واحد صالح لمباراة محلية!

هذه الحالة تجعل المقارنة بيننا وبين المنتخبات الشقيقة من دول الجوار غير عادلة، لا نريد أن نختبئ خلف إصبعنا، فنحن في أزمات كبيرة داخلية وخارجية، والمحاولات التي يقوم بها اتحاد كرة القدم لصناعة منتخب جيد كبيرة وقد بذل جهداً مضنياً لتحقيق ذلك، ومع ذلك هو في بداية الطريق ولم ينته من هذا المشروع.

على صعيد الأندية، فإن أنديتنا حتى الآن لم تقدم لنا أي مشروع لبناء كرة القدم، وما زالت تلهث وراء الاحتراف الأعوج وتبحث عن اللاعبين الجاهزين ولو بلغوا أرذل العمر الكروي دون أن تملك الاستعداد والرغبة لرعاية المواهب والخامات في فرقها، لذلك علينا ألا نستغرب أن بطل الدوري والكأس فريق الفتوة لا يملك فريق شباب في الدرجة الممتازة وليس لديه فريق أولمبي منافس، ومجموعة لاعبيه من هنا وهناك، ومشاركته الخارجية كانت سيئة وغير فاعلة، ودوماً فإن القاعدة الكروية تقول: المنتخب الكروي القوي هو حصيلة الدوري الكروي القوي والناجح، لذلك فإن منتخبنا الوطني يدفع ضريبة تراخي فرقنا وسوء إدارتها لكرة القدم وهي أحد الأسباب.

منذ أربع سنوات وما زال قانون الاحتراف غائباً، وكل ما نراه من احتراف اليوم هو عبارة عن اجتهادات وكلها باتت شخصية لا ضوابط فيها وتفصل حسب المصلحة الخاصة، لذلك غياب النظم عن الرياضة وغياب القوانين التي تساعد على النهوض الرياضي أدت لتراجع رياضتنا بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص.

عندما تكون المحاسبة غائبة في كل مفاصل الرياضة، وعندما يقود الرياضة شعار الإمكانات المتاحة، فمن الطبيعي أن نصل إلى ما وصلنا إليه بكرة القدم وألا يكون لدينا إلا مقعد واحد بالأولمبياد برفع الأثقال وآخر بالفروسية عبر جهد ذاتي وثالث من لاعب مغترب ليس من صناعتنا.

وكرتنا حتى تتفادى الكارثة فإنها تنتظر معجزة، وليست المعجزة أن نفوز على اليابان لأنه من سابع المستحيلات، المعجزة أن تفوز ميانمار على كوريا الشمالية، وهذا وحده ينجي كرتنا من المأزق التي وضعت نفسها فيه، وهو أمر صعب لكنه لا يرتقي إلى مستحيل الفوز على اليابان.

معالجة الأخطاء

بالمراجعة للسنوات العشر الماضية على الأقل لم نجد أن التغيير قد أنقذ كرتنا، فاتحاد الدباس لم يأت بديل عنه أفضل منه، واتحاد الغايب عاش الظروف نفسها وتلقينا النكبات ذاتها، وبين هذه الاتحادات كانت اللجان المؤقتة التي أغرقت كرتنا ولم تكن تملك الحلول الناجعة، من هذه النظرة فإن المطالبة بالاستقالة أو إقالة الاتحاد ليس حلاً.. إدارة المنتخب قدمت أكثر من جهد مشكور في سعيها لتقديم منتخب احترافي من الناحيتين الإدارية والتنظيمية، ومهدت الطريق لاستقدام عدد من المحترفين المغتربين في محاولة لتشكيل إضافة جيدة للمنتخب، لكن المشكلة تكمن بان ليس كل الأشخاص العاملين باتحاد كرة القدم على مستوى واحد، لذلك وجدنا مشكلة بآلية العمل عند البعض وعند بعض المتنفذين ومن بعض الموظفين الذين أثبتوا أنهم سلبيون بأعمالهم وتصريحاتهم وليس لهم همّ إلا الفائدة من الاتحاد سواء بمراقبة المباريات أم بالسفر والسياحة، وهؤلاء يجب أن يكونوا خارج المرحلة القادمة، فالموضوع بحاجة إلى تمحيص وغربلة ومن الضروري إبعاد الأشخاص الذين ارتبط وجودهم في الاتحاد بمصالحهم الشخصية.

لذلك فإن معالجة الأخطاء أهم من التغيير الشامل لأن التغيير سيعيد كرتنا إلى المربع الأول وسيقود الجدد كرتنا من نقطة الصفر، وسنبدأ مرحلة جديدة مع اتحاد جديد سيهبنا معسول الكلام وسيعدنا بالجنة، وهذا الوضع اعتدنا عليه، راجعوا أنفسكم وأصلحوا أخطاءكم وأبعدوا السلبيين من صفوفكم، وابتعدوا عن مواقع التواصل الاجتماعي التي ترعب بعضكم، فتتخذوا قراراتكم على ضوئها، واتجهوا بصدق إلى المنتخبات الوطنية الأخرى، هذه المنتخبات التي يحارب من أجلها كل الكرويين من أجل موقع في المنتخبات ومن أجل ابن فلان وفلان، أصلحوا هذه الأمور، وتعاقدوا مع مدربين أجانب محترمين ليؤسسوا منتخباتنا القاعدية بشكل جيد، فهذه هي الخطوة الصحيحة في البناء، منذ نشأة كأس العالم قبل أكثر من ثمانين عاماً لم نتأهل إلى المونديال العالمي، ونحن مستعدون للانتظار سنوات إضافية شريطة أن تبدؤوا العمل بشكل صحيح.

انظروا إلى مسابقاتنا المهترئة وكيف يمكن تقويتها وجعلها مفيدة ومنتجة، واجهوا الأحداث برجولة، ولا تلتفتوا إلى ضغوط الأندية وتهديداتهم، فالحياة موقف، وقيادة كرة القدم تحتاج إلى رجولة.

لا ننكر وجود الأخطاء، ولا ننكر وجود الفاسدين والمستفيدين، ولن ننكر صمتكم على هؤلاء، فاليوم آن الأوان لإجراء تصفية عامة وصولاً إلى المخلصين والخبراء القادرين على أن يكونوا في مصنع القرار بالفيحاء سواء كانوا أعضاء اتحاد أم متعاقدين معه أو موظفين فيه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن