شؤون محلية

غلاء الكهرباء

| ميشيل خياط

لم تعرف سورية تاريخياً – مثل هذا الغلاء على ذوي الدخل المحدود وجلهم من المتقاعدين والعاملين في القطاع العام. ولقد طال مؤخراً الكهرباء وهي عصب الحياة، ومن الصعب العيش من دونها – لكنه ممكن.

نعم إذا لم يتم تعديل التعرفة الجديدة، المنزلية، ووسط إصرار وزارة الكهرباء على سحب عدادات من لا يسددون الفواتير الباهظة، فإن الكثير من المواطنين سيفقدون عداداتهم تباعاً.

روى لي متقاعد من جرمانا أنه فوجئ مؤخراً أن فاتورته قد ارتفعت من 1200 ليرة إلى 79 ألف ليرة حسب التسعيرة الجديدة! وبيته 50 متراً مربعاً.

قلت له لعلك تشغل الأجهزة الكهربائية طوال الوقت…! أجاب: «أصلاً الكهرباء لا تأتي في جرمانا أكثر من ساعة كل يوم»…!.

أكيد ثمة مشكلة كبيرة في الرواتب، فهذا المتقاعد يتقاضى 300 ألف ليرة سورية في الشهر، ومثل تلك الفاتورة الكهربائية تكسر ظهره، فهو رغم استمراره في العمل الملائم لعمره، يمضي أغلب أيامه جائعاً، إذ بات معروفاً أن ثلاثمئة ألف ليرة سورية، لا تطعم شخصين طوال الشهر، والحياة ليست خبزاً وشاياً وحسب، إنها: الدواء والكساء والمواصلات ووحدات الموبايل، ورسم الهاتف الأرضي والصيانة عند النجار والحداد والكهربائي ومعلم التمديدات الصحية… إلخ.

القضية كبيرة ومهمة جداً، ثمة حديث قديم يتجدد بين وقت وآخر عن الدعم لمستحقيه ومؤخراً برر أحد العاملين في وزارة الكهرباء رفع الأسعار بإيصال الدعم إلى مستحقيه..!

هل يوجد من هو مستحق للدعم أكثر من مواطن راتبه 300 ألف ليرة سورية..؟

أيعقل أن يخصص لاستهلاكه من الكهرباء أكثر من ربع راتبه…؟ إنني استهجن عدم أخذ القيمة الشرائية للرواتب بعين النظر، عند كل زيادة في الأسعار، واستغرب استسهال رفع الأسعار، علماً أنه غير قانوني، فما أعرفه أن أي ضريبة جديدة تحتاج إلى قانون، ومثل هذه الزيادة غير المبررة على أسعار الكهرباء في سورية بدءاً من 15 أيار الماضي، هي أفظع وأفدح وأكبر من أي زيادة ضريبية.

نعم غير مبررة لأن المبلغ المتأتي عن فواتير الكهرباء هو مبلغ بسيط 2408 مليارات ليرة سورية في العام 2023، علماً أن الاستهلاك المنزلي للكهرباء هو 60 بالمئة من الإنتاج، بمعنى أن وزارة الكهرباء حصلت على 1444.8 مليار ليرة سورية من فواتير المنازل في حين أنفقت 20885 مليار ليرة سورية على توليد ونقل الكهرباء «أحد المواقع الإلكترونية».

فهل يستحق مثل هذا المبلغ الذي اعتادت عليه الوزارة سنوات عديدة، مثل هذا التغيير الهائل وبالتالي صوغ أسى شعبي كبير وقلق من شبح سحب العداد في القادم من الأيام، مع تتالي الفواتير كل شهرين..؟

تصادف اهتمامي بهذه القضية، مع الاحتفال الدولي بيوم البيئة العالمي، وقرأت لمعاون وزير الكهرباء أن الطقس اللطيف الذي عرفناه قبل هذه الموجة الحارة جداً، قد أتاح لوزارة الكهرباء خفض التقنين وزيادة ساعات الوصل الكهربائي، ما يعطي أهمية فائقة لأي جهد بيئي وطني، يساهم في خفض الحرارة، وسط هذا التغيير الحراري العالمي المرعب.

وبما أن توفير الكهرباء صعب ويحتاج لسنوات، فما علينا إلا أن نكثر من الأشجار، وهي دواء الحر إذ تخفض الحرارة 7 درجات، حيثما وجدت بكثافة.

ومؤخراً وفي سياق الاحتفال باليوم العالمي للبيئة، جدد برنامج الأمم المتحدة للبيئة الحديث عن المبادرة السعودية اللافتة، والمتمثلة في رغبة المملكة العربية السعودية، غرس 50 مليار شجرة، ضمن مبادرة «السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر» لمكافحة التصحر.

إن تلك الأشجار ستغرس في إقليم شرق المتوسط وغرب آسيا ونحن ضمن هذا الإقليم، وأرى أنه من واجب وزارتي الإدارة المحلية والبيئة والزراعة، المتابعة الحثيثة لهذه المبادرة، والاستفادة منها بأسرع وقت ممكن ولاسيما أننا نعاني نقصاً فادحاً في الأشجار.

وعندما تكثر الأشجار في بلادنا وتصبح بالمليارات، فلتسحب وزارة الكهرباء العدادات، إذ سيصبح الطقس لطيفاً في الصيف ولن نحتاج إلى مكيفات ومراوح، وسيتوافر الخشب بكثرة للتدفئة في الشتاء.

وكل عيد بيئة وأنتم بألف خير.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن