صعود لافت لليمين المتطرف في أوروبا بالانتخابات البرلمانية.. ومراقبون: عقاب لدعاة الحرب … موسكو: لا نتدخل بشؤون الدول.. لكنها نتيجة مستحقة لتخلي البعض عن السيادة
| وكالات
مع صعود اليمين المتطرف في أوروبا إثر تحقيق المزيد المكاسب عبر انتخابات البرلمان الأوروبي، تفاعلت المسألة في الأوساط السياسية، مع تراجع الأسواق الأوروبية بعد دعوة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى انتخابات برلمانية مبكرة، وعلى حين أكدت روسيا في تعليقها على قرار ماكرون أن الأمر شأن داخلي لا تتدخل فيه لكنها رأت هزيمة الأخير والمستشار الألماني أولاف شولتس في الانتخابات «نتيجة مستحقة لتخليهما عن السيادة».
وتراجعت الأسواق الفرنسية والأوروبية، أمس الإثنين، في أعقاب القرار المفاجئ للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالدعوة إلى انتخابات برلمانية مبكرة، بعد هزيمة تحالفه الوسطي في التصويت البرلماني الأوروبي، وذكرت صحيفة «فايننشال تايمز» أن عمليات البيع المكثفة في الأسهم والسندات الفرنسية، أدت إلى انخفاض المؤشرات الأوروبية على نطاقٍ واسع، مع ردّ فعل المستثمرين على عدم الاستقرار السياسي واحتمال تشكيل حكومة من أقصى اليمين.
وانخفض مؤشر الأسهم «CAC 40» في البلاد، بنسبة 1.9 بالمئة إلى أدنى مستوى له منذ شباط الماضي، مع تضرر البنوك والمرافق بشكلٍ خاص، وباع المستثمرون ديون الحكومة الفرنسية، مع ارتفاع العائد على السندات القياسية لأجل 10 سنوات، والذي يتحرك عكسياً مع السعر، بنسبة 0.08 نقطة مئوية إلى 3.18 بالمئة، وخسر مؤشر «Stoxx Europe 600» على مستوى المنطقة 0.6 بالمئة، وانخفض مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.6 بالمئة، كما انخفض مؤشر «FTSE 100» في لندن بنسبة 0.4 بالمئة.
في السياق، انخفض «اليورو» بحدّة، أمس الإثنين، متأثراً بحالة عدم اليقين السياسي، بعد المكاسب التي حقّقها أقصى اليمين في التصويت للبرلمان الأوروبي، أول من أمس الأحد، وتضيف حالة عدم اليقين في فرنسا عنصراً آخر إلى ما سيكون أسبوعاً مزدحماً للأسواق، مع صدور بيانات التضخم الأميركية المهمة، الأربعاء المقبل، وهو اليوم نفسه الذي سيشهد اجتماع السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، ثم اجتماع بنك اليابان الذي سيختتم هذا الأسبوع.
ووصل «اليورو» إلى أدنى مستوى له في شهر واحد مقابل الدولار، عند 1.0748 دولار، وكان آخر انخفاض له بنسبة 0.35 بالمئة عند 1.0764 دولار، وبهذا الصدد قال كبير محللي العملات في «MUFG»، لي هاردمان: إن «نتائج الانتخابات أظهرت خلال عطلة نهاية الأسبوع إلى حدّ كبير ارتفاعاً في دعم الأحزاب اليمينية، وهو ما كان متوقعاً بشكل عام، ولكنّ عنصر المفاجأة هو أن ماكرون رد بالدعوة إلى انتخابات مبكرة، ما يجعل السوق أكثر توتراً».
سياسياً، علق إدوارد سنودن، الموظف السابق بوكالة الأمن القومي الأميركية على مكاسب اليمين المتطرف في انتخابات البرلمان الأوروبي، وقال إنها تظهر أنه تمت معاقبة السياسيين المؤيدين للحرب، وكتب سنودن في منشور على منصة «إكس»: «لقد تمت معاقبة السياسيين المؤيدين للحرب بقسوة في انتخابات الاتحاد الأوروبي، ليست علامة جيدة لـ(الرئيس الأميركي جو) بايدن، ربما حان الوقت لإعطاء فرصة للسلام».
يذكر أن انتخابات البرلمان الأوروبي على مستوى القارة انطلقت الخميس الماضي واختتمت أول من أمس الأحد، وأدلى خلالها مواطنو الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي البالغ عددها 27 دولة بأصواتهم على مدار 4 أيام، وفاز أمس الأحد اليمين المتطرف بانتخابات البرلمان الأوروبي في فرنسا بحصوله على أكثر من 30 بالمئة من الأصوات، ما دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإعلان حل الجمعية الوطنية (البرلمان) وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة.
في ألمانيا، احتل حزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف المركز الثاني بنسبة 16.5 بالمئة من الأصوات خلف حزب المحافظين الذي حصل على نسبة 30 بالمئة، لكنه تقدم بفارق كبير على حزبي الائتلاف الحاكم، الاشتراكيين الديمقراطيين (14 بالمئة) والخضر (12 بالمئة)، كذلك في إيطاليا تصدر حزب «إخوة إيطاليا» اليميني المتطرف الذي تتزعمه رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، النتائج بنسبة 25 إلى 31 بالمئة من الأصوات.
وفي النمسا، حصل «حزب الحرية» اليميني المتطرف على 27 بالمئة من الأصوات، وعزز الهولنديون الذين كانوا أول الذين أدلوا بأصواتهم الخميس، مواقع حزب خِيرت فيلدرز اليميني المتطرف، وفي إسبانيا أظهرت النتائج الرسمية حصول الحزب الشعبي اليميني، التشكيل الرئيس للمعارضة الإسبانية، على 22 مقعداً في البرلمان الأوروبي مقابل 20 للاشتراكيين بزعامة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز، وحقق حزب «فوكس» اليميني المتطرف تقدماً بحصوله على 6 مقاعد، أما في بولندا، فقد تقدم الحزب الوسطي المؤيد لأوروبا بزعامة رئيس الوزراء دونالد تاسك على حزب القانون والعدالة القومي الشعبوي، لكن الأخير حافظ على قسم مهم من الأصوات، كما أن اليمين المتطرف المتمثل في حزب كونفيديراجا لن يحصل على أقل من 6 مقاعد في البرلمان الأوروبي الذي مقره في مدينة ستراسبورغ الفرنسية.
وتعليقاً على ذلك، صرح رئيس مجلس الدوما الروسي فياتشيسلاف فولودين، حسب موقع «روسيا اليوم»، بأن حزبي ماكرون وشولتس «خسرا بشكل بائس» في انتخابات البرلمان الأوروبي، مضيفاً: «سيكون من الصحيح أن يستقيلا ويتوقفا عن الاستهزاء بمواطني دولتيهما»، رأي شاركته به رئيسة مجلس الاتحاد الروسي فالنتينا ماتفيينكو بالتأكيد أن الهزيمة الساحقة لماكرون وشولتس في الانتخابات، هي نتيجة مستحقة لهما بعد سنوات من التجاهل التام للاحتياجات الحقيقية للناس والمجتمع.
جاء ذلك بالتزامن مع تعالي الأصوات في ألمانيا لإجراء انتخابات مبكرة، إذ دعت اليمينية أليس فايدل الرئيسة المشاركة لحزب «البديل لألمانيا»، المستشار شولتس إلى إجراء إعادة انتخاب له على خلفية النتيجة الضعيفة التي حصل عليها في الانتخابات البرلمانية الأوروبية، وكتبت في منصة «إكس»: «ينبغي على المستشار الألماني أولاف شولتس فتح الطريق أمام إعادة انتخابه وسط الأداء الضعيف لائتلافه في تصويت البرلمان الأوروبي».
في السياق ذاته، دعا رئيس حكومة بافاريا الألمانية ماركوس زودر، المستشار شولتس إلى طرح مسألة الثقة بحكومته ليس أمام برلمان البلاد فحسب وإنما أيضاً أمام الشعب الألماني بأكمله، ونقلت وكالة «د ب أ» عن زودر، رئيس حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي المعارض، دعوته إلى إجراء انتخابات مبكرة لبرلمان البلاد «البوندستاغ» في هذا العام 2024.
وتعليقاً على دعوة ماكرون لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في فرنسا، قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، ديميتري بيسكوف، أمس الإثنين: «هذا شأن داخلي للجمهورية الفرنسية… إذا كنت أتذكر بشكل صحيح فهذا ليس بدعة، في التقنيات السياسية للجمهورية الفرنسية، وقبل ماكرون فعل أسلافه ذلك مراراً وتكراراً، وقاموا بالتحركات المماثلة نفسها، لذلك، سنراقب ذلك بعناية، خاصة مع الأخذ في الاعتبار الموقف غير الودي للغاية وحتى العدائي للقيادة الفرنسية تجاه بلدنا».