رياضة

منتخبنا ودع التصفيات الآسيوية بخسارة ثقيلة أمام اليابان … مستوى باهت وأداء متراجع وكوبر انتهى عقده فاستقال … إلى متى ستبقى الرياضة باباً للمنافع والمصالح وبعيدة عن المحاسبة؟

| ناصر النجار

لم يكن أحد من المتفائلين جداً بكرة القدم ليتوقع أن يفوز منتخبنا على اليابان في عقر دارها، لكن لم يكن أكبر المتشائمين ليتوقع مثل هذا الأداء السلبي الذي قدمه منتخبنا أمام كوريا الشمالية وأمام اليابان، فلم نر أي ردة فعل إيجابية في مباراة اليابان تنقذ كرتنا من المصير الأسود التي كانت تُساق إليه.

بين الذهاب والإياب كان منتخبنا محلك سر، خسرنا في الذهاب بخماسية وتكررت النتيجة في الإياب، وفي كلتا المباراتين كانت اليابان تلعب على المرتاح وبأقل من نصف مجهودها، اتحاد كرة القدم قدم ما بوسعه ليخلق لنا منتخبنا مسبق الصنع بقالب لاتيني، لكنه أخفق في الاختيار ولعل الوقت لم يكن متاحاً لتحقيق المطلوب بالسرعة الممكنة.

والحقيقة أننا خدعنا بهذا المدرب الذي مُنح الحرية المطلقة في كل شيء، فهو من اختار لاعبيه وهو من اختار الأسلوب، لكن كرتنا دفعت الثمن جراء مدرب عليه أن يعتزل كرة القدم، والمشكلة أن منتخبنا بعهده لم يشهد أي تقدم أو تطور، رغم تغيير اللاعبين ورغم كل الصلاحيات التي منحت له.

الخطأ يكمن بالعقلية التي تدار بها كرتنا، وبالمقومات التي نفتقدها، فأي كرة ستواجه اليابان وليس لديها ملعب واحد صالح؟ وأي كرة ستتأهل إلى كأس العالم وما زالت تعيش على المساعدات والأموال المجمدة ومقولة الإمكانات المتاحة، وأي كرة ستمنح أنصارها الحب والسعادة وهي غير قادرة على نقل مباراة واحدة فضائياً من التصفيات أو من أي بطولة رسمية، وأي أمل تعيشه كرتنا وقد فشلت بتنظيم نهائي كأس الجمهورية، مباراة واحدة غير قادرين على تنظيمها، فهل نحن قادرون على تجاوز مباراة واحدة على أرض الملعب؟

ليست كرة القدم هي المتراجعة وحدها، بل كل الرياضات الأخرى، كرة القدم عليها العين، وتملك الجماهير الحاشدة، لذلك تستأثر بالهم والاهتمام، ولكن للأسف فإن كل ألعابنا الرياضية في خبر كان، ومنذ زمن بعيد نحن نعيش على الطفرات ولا نعرف كيف نصنع الرياضي وكيف نؤسس للمستقبل، أكثر من مرة سمعنا بمشاريع لتبني المواهب لكننا للأسف قضينا على المواهب لأننا لا نملك إستراتيجية واضحة ولا نملك خطة عمل طويلة الأمد.

منذ عشر سنوات خسرنا مع اليابان بهذه النتيجة وها نحن اليوم نخسر بالنتيجة ذاتها، وهذا يعني أننا لم نتقدم قيد أنملة، ولم نقنع الناس أن منتخبنا متطور، كل منتخب معرض للخسارة، لكن ليس بالضرورة أن يقدم مثل ما قدمه منتخبنا من سوء أداء بكامل التصفيات، ها هي الأردن اليوم صارت من الدول التي يحسب لها ألف حساب ليس بكرة القدم فقط، بل بالكثير من الألعاب الرياضية، والسبب أن القائمين على الرياضة عندهم عملوا لرياضتهم وسخروا لها الإمكانات، ومثل الأردن بقية الدول المجاورة، المؤسف أن أغلب دول غرب آسيا العربيــة تأهــلت إلى الــدور النهائي من التصفيات (فلسطين والأردن والعراق وقطر والإمارات والسعودية وعمان والكويت) أما كرتنا فستبقى على المدرجات تتابع التصفيات عن بعد!

أول الرقص حنجلة

في أول رد فعل بعد الخروج من التصفيات الآسيوية صفر اليدين تقدم المدير الفني لمنتخبنا الوطني الأول الأرجنتيني هكتور كوبر باستقالته من منصبه، والحقيقة أن عقده ينتهي مع نهاية التصفيات، فلا شيء جديداً.

وجاءت استقالته من خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده عقب خسارة مباراة اليابان بخماسية، وقال: (كنت سعيداً جداً بالعمل مع هؤلاء اللاعبين وبكل المساعدة التي تلقيتها من الاتحاد السوري لكرة القدم، كانوا متعاونين للغاية في كل ما طلبناه كجهاز فني، لكن أعتقد أنه بالنسبة لي كانت هذه المباراة هي نهاية المرحلة بالنسبة لي).

وأضاف: (أود أن أتقدم بالشكر للقائمين على الرياضة في سورية وكذلك لإدارة اتحاد كرة القدم لأنهم قدموا كل طاقتهم من أجل مساعدتنا.

للأسف هذه هي كرة القدم، أشكر اللاعبين على المجهود الذي بذلوه، وأعتذر من الجماهير السورية لأنني كنت أتمنى أن أسعدهم، أشكر الجميع على لحظات الفرح والحزن التي عشناها معاً، حاولت تقديم أقصى ما يمكنني من جهد، حلمنا معاً وبذلنا جهداً كبيراً).

ووجه كوبر في ختام المؤتمر رسالة إلى الجماهير السورية قائلاً: (لديكم الآن لاعبون جيدون للغاية، ولكنهم بحاجة إلى وقت أطول من أجل الانسجام وبناء منتخب قوي، هذا المشروع الذي أطلقه الاتحاد بحاجة إلى وقت أطول، وأتمنى لكم التوفيق في القادمات من الأيام).

خير الكلام في هذه النهاية الحزينة أن نجد من يتحمل مسؤولية الفشل في كرة القدم وفي الرياضة فيتنحى من تلقاء ذاته، ويفسح المجال لمن هو أقدر منه، ونأمل ألا تبقى المناصب الرياضية باباً للمنافع الشخصية فقط!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن