طموح واقتراح… دمشق عاصمة الطاقة المتجددة في 2035 … الزامل: معمل إنتاج السيارات الكهربائية في مراحله النهائية.. وأدعو المستثمرين من كل الدول إلى الاستثمار بالطاقات المتجددة
| جلنار العلي
بشر وزير الكهرباء غسان الزامل بأن عام 2024 هو عام الاستثمار في الطاقات المتجددة، وعام التراخيص والمباشرة في تنفيذ عشرات المشروعات الكهروضوئية، كما أنه عام الاستثمار بالطاقة الكهروضوئية والريحية، حيث سيتم الوصول في النصف الثاني من العام الحالي إلى 200 ميغا واط من خلال المشروعات الريحية، وأكثر من 400 ميغا واط من مشروعات الطاقة الشمسية.
واعتبر الزامل خلال مؤتمر الاستثمار الثاني في قطاع الكهرباء بعنوان «الاستثمار في الطاقة المتجددة والكهرباء محرك التنمية المستدامة في سورية» الذي عقد أمس في مدرج جامعة دمشق، أن القفزات التي تم تسجيلها خلال السنوات القليلة الماضية تعني أن مؤشر الاستثمار مرتبط بجرعات الدعم اللامحدودة المتمثلة بالقوانين والتشريعات التي سهلت الاستثمار، وخصوصاً القانون رقم 23 لإحداث صندوق دعم الطاقات المتجددة، والقانونين رقم 41 و32 لعام 2010 الخاصين بجواز شراء الكهرباء من مشروعات الطاقة وربطها على شبكتي النقل والتوزيع في حال توفر الإمكانية الفنية، علماً أن هذا الأمر شكل نقطة تحول كبير، لافتاً إلى أن عدد تراخيص المشروعات الكهروضوئية وصل إلى أكثر من 280 ترخيصاً.
وفي سياق متصل، أكد الزامل أن البرنامج المخطط له لعام 2030 يسير وفق ما مخطط له، علماً أن هذا البرنامج يقضي بالوصول إلى 2500 ميغاواط من الطاقة الكهروضوئية و1500 ميغا واط من الطاقة الريحية، و1.2 مليون خزان شمسي، لافتاً إلى أن الاستثمار بالطاقات المتجددة أمر رابح ومجد سواء كان ذلك من القطاع العام أم الخاص أو المشترك.
وتطرّق الزامل إلى الحرب الإرهابية التي تعرضت لها سورية والتي أدت إلى تدمير أكثر من 50 بالمئة من المنظومة الكهربائية، وأنه يجب على الجميع تحمل مسؤولياته كل من موقعه والعمل بشكل جماعي للتعاون على كل المستويات، وتقديم التسهيلات للتخفيف من الانعكاسات، لافتاً إلى أن الحكومة قدمت كل الدعم لإعادة بناء جزء مهم من المنظومة الكهربائية، وهذا الأمر تمثل بالتمكن من إعادة التغذية الكهربائية لكثير من المناطق التي دمرها الإرهاب.
وتابع: «يجب التأكيد على وجود مستثمرين ورأسمال وطني ساهم في الاستثمار بالطاقات المتجددة والأحفورية، وأنا أدعو المستثمرين من كل الدول إلى الاستثمار بهذا المجال».
وأشار الوزير إلى أن الحصار الاقتصادي الجائر والعقوبات الظالمة ووجود المجموعات الإرهابية في بعض المساحات التي تتركز فيها حقول وآبار النفط والغاز، كلها سبب بانخفاض القدرة التوليدية في سورية، لافتاً إلى أن وزارة الكهرباء تعمل حالياً على إرساء الأطر التشريعية اللازمة للتعامل مع التطور الحاصل في قطاع الكهرباء وتغيير سياسات ومنهجيات العمل وتطوير المؤسسات البحثية والتعليمية وتعزيز تكنولوجيا المعلومات والتنسيق الدائم بين القطاعات، حيث يعد ملف تأمين الطاقة الكهربائية من مسؤولية وزارتي الكهرباء والنفط والثروة المعدنية، على الرغم من أن مصادر الطاقة المتجددة متاحة للجميع وأساليب وأدوات رفع كفاءتها وترشيد استهلاكها من مسؤولية الجميع أيضاً.
ولفت الزامل إلى أن معظم المقترحات والتوصيات التي أوصى بها مؤتمر الاستثمار الأول في قطاع الكهرباء تم تنفيذها.
وكشف الوزير أن معمل إنتاج السيارات الكهربائية في مراحله النهائية، وكان الاشتراط الوحيد هو إنشاء محطات توليد بالطاقات المتجددة لشحن هذه السيارات، ومنع الشحن من الشبكة الكهربائية، لاسيما أن سورية تعاني من نقص في القدرة التوليدية، حيث لا يصل التوليد إلى أكثر من 30 بالمئة من حجم التوليد الأساسي في سورية، ففي السابق كانت القدرة التوليدية تصل إلى 9000 ميغا واط، أما حالياً فلا تتجاوز 3000 ميغا واط.
التحول إلى الطاقات الخضراء
وفي هذا السياق، أكد وزير الصناعة عبد القادر جوخدار أن التحول إلى الطاقات الخضراء واستخدام الطاقات المتجددة يؤديان إلى إنتاج منتجات صديقة للبيئة، فالثورة الصناعية الرابعة تدعو إلى الانتقال لاستخدام تكنولوجيا متقدمة يتم من خلالها الوصول إلى آلات ومعدات مستهلكة بشكل أقل للطاقة، فاليوم وجود محطات تعتمد على الوقود الأحفوري وآلات قديمة مستهلكة للطاقة أدى إلى استنزاف كبير للطاقة الكهربائية، لافتاً إلى وجود فرص كبيرة للاستثمار بالطاقات المتجددة من خلال إنتاج ألواح وخلايا كهروضوئية وإنتاج أنصاف النواقل وغير ذلك من الصناعات التي يمكن توطينها في سورية لاستثمارها بهذا المجال.
وأشار إلى وجود العديد من المشروعات المرخصة في وزارة الصناعة والمتعلقة بصناعة وتجميع السيارات الكهربائية وفق نظام الثلاث صالات، وستنتقل إلى حيز التنفيذ، لافتاً إلى أن كل هذه الأمور تستدعي التفكير بشكل كبير بإمكانية الاستثمار بمجال الطاقات المتجددة.
نموذج في التنمية المستدامة
أعرب أمين عام الهيئة العربية للطاقة المتجددة محمد نواف الطعاني عن طموح الهيئة بأن تكون سورية نموذجاً في التنمية المستدامة ورائدة في مجال الطاقات المتجددة، وخاصة أنها كانت وما زالت الرمز العربي بالاكتفاء الذاتي، مشدداً على ضرورة أن تكون هناك وحدة عربية لتحقيق التكامل الاقتصادي والتركيز على مراكز البحث والتطوير للخروج من قوقعة الجهل والتخلف.
وفي كلمة له، أكد الطعاني ضرورة زيادة الإنفاق على البحث والتطوير، وأن الهيئة ستبذل جهدها لتكون في خدمة سورية، وقد عملت على تأسيس المكتب الإقليمي للهيئة فيها، ولم يتبق سوى صدور مرسوم رئاسي بإحداثها، لافتاً إلى ضرورة الاهتمام بهذا الجانب لكون الطاقة الكهربائية في سورية لا تعمل بقدرتها، ناصحاً الجانب السوري بالاستفادة من التجربة المغربية في التوريد الذاتي، والأردنية في صناعة السيارات الكهربائية، لأن ذلك له تأثير مباشر في حياة المواطنين وأوضاعهم الاقتصادية، آملين اقتراح إعلان محافظة دمشق كعاصمة الطاقة المتجددة في عام 2035، والتركيز على التعاون لافتتاح مصنع لتجهيز السيارات الكهربائية ومصنع للبطاريات، وآخر للخلايا الشمسية من خلال المنطقة الحرة الأردنية-السورية.
من جانبه، أشار محافظ دمشق طارق كريشاتي إلى أن الكهرباء دخلت سورية في عام 1907 وأضفت على مسارات التطور والتمدن سابقاً، وكانت وستبقى متفوقة في هذا المجال، ولكن بسبب الحرب الإرهابية التي مرت بها فهي اليوم أحوج ما تكون لمزيد من الطاقة لمواكبة مسارات البناء والتطور.
ولفت إلى فرصة سورية بتوليد الطاقة الكهربائية لكونها تمتلك مواد أولية وإيرادات، للتغلب على الجرائم التي استهدفت وما زالت قطاع الكهرباء والتي تتمثل في سرقة المحولات الكهربائية والتعدي على الشبكة، علماً أن هذه الجرائم لا تقل عن الأعمال الإرهابية التي حدثت خلال فترة الحرب.
المهندس أحمد الطبجي العامل في وزارة الكهرباء، أكد من خلال ورقة عمل قدمها بعنوان «المصادر المتاحة للطاقات المتجددة في سورية»، أن إجمالي استهلاك مصادر الطاقة الأولية كان في عام 2011 نحو 20 مليون طن مكافئ نفطي، لينخفض في عام 2022 إلى 9.9 ملايين طن مكافئ نفطي، علماً أن هذه المؤشرات تعطي رؤية حول ما هو متاح من الطاقة في سورية، وفيما يخص حجم الطاقة الكهربائية المنتجة فقد شهد نمواً وصل إلى 7 بالمئة منذ عام 2000 وحتى عام 2011، لينحدر فيما بعد وصولاً إلى 19 مليار كيلو واط ساعي في عام 2022.
في السياق، تحدث الطبجي عن ميزان الطاقة الذي يعد أساساً لأي مؤسسة للتخطيط وبناء الإستراتيجيات، ففي عام 2010 كان الحجم المتاح من الطاقة الكهربائية مساوياً لحجم الطلب على الطاقة، حيث وصل المتاح إلى 24 مليون طن نفط مكافئ وكان كذلك الطلب الكلي على الطاقة، أما اليوم فإن الطلب على الطاقة أكثر بكثير مما هو متاح، وهذا الأمر يدفع للعمل الجدي لتطبيق مفاهيم الحفاظ على الطاقة، من خلال ترشيد استخدامها ورفع كفاءة استخدامها ثم استخدام مصادر الطاقات المتجددة.