قضايا وآراء

الجنرال بريك: الحرب على لبنان ستكون انتحاراً لإسرائيل

| تحسين حلبي

يبدو أن كل من يتابع الوضع الإسرائيلي بعد تسعة أشهر على عملية طوفان الأقصى يلاحظ تماماً عدداً من النتائج التي ولدتها قدرة صمود الشعب الفلسطيني والمقاومة البطولية لفصائل المقاومة في قطاع غزة على الكيان الإسرائيلي وأهمها:

1- عجز جيش الاحتلال عن التغلب على المقاومة في معظم جبهات الحرب الميدانية شمالاً وجنوباً ووسطاً.

2- التدهور المستمر في معنويات جنوده بعد تزايد الخسائر البشرية في صفوفه واستقالة عدد من ضباط هيئة الأركان وقيادات المناطق ونقص القوة البشرية المؤهلة في قوات الاحتياط.

3- التزايد العلني في عدم ثقة المستوطنين بقدرة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ورئيس أركانه ووزير دفاعه على تحقيق أهداف حرب الإبادة في القطاع وحسم الحرب لمصلحتهم.

4- تزايد الانقسامات بين الأحزاب الحاكمة وأحزاب المعارضة من جهة والانقسامات الداخلية في بعض أحزاب الائتلاف الحاكم من الجهة الأخرى.

5- تناقص ثقة الولايات المتحدة بقدرة جيش الاحتلال على الاستمرار بحربه على جبهتين وخاصة انعدام ثقة وزارة الدفاع الأميركية بإمكانية ضمان هزيمة المقاومة اللبنانية في جنوب لبنان والمقاومة الفلسطينية في القطاع.

6- اتساع وانتشار الحملات المناهضة للاحتلال الإسرائيلي المستمرة في معظم ساحات الرأي العام العالمي في أوروبا وأميركا وتصاعد التنديد بها والمطالبة بمحاكمة الكيان وبنزع شرعية العلاقات معه.

وأمام هذه النتائج الواضحة والمكشوفة لضعف الكيان وهزيمته أمام المقاومة وجبهاتها الميدانية المتصاعدة، هل يمكن له شن حرب شاملة ضد جبهة جنوب لبنان بموجب ما يهدد قادته المهزومون في حربين على جبهة لبنان عام 2000 وعام 2006؟

يبدو أن هذه الحقائق المستمدة من واقع الكيان وهزائمه وأزمات ضعفه المستعصية على الحل، أدركها وعرضها بصراحة مكشوفة الجنرال الإسرائيلي المتقاعد يتسحاق بريك في تحليل موجز وبعناوين عريضة وهو الذي كان يحذر منذ سنوات كثيرة قيادة الجيش والحكومة في مختلف مقالاته المنشورة في الصحف العبرية من ضعف الجيش وتناقص كفاءته القتالية إلى أن ثبت ذلك حين أعلن أن كل ما حذر منه نفذته عملية طوفان الأقصى في السابع من شهر تشرين الأول عام 2023، ففي 21 حزيران الجاري نشر الجنرال بريك مقالاً بالعبرية في صحيفة «معاريف» يخاطب فيه الحكومة تحت عنوان: «فلتنزلوا عن الشجرة لأن الفشل المقبل صار على الباب وهناك شك بوجود من يهتم بإيقافه»، يؤكد فيه أن «القيادة السياسية والعسكرية التي تسببت بالفشل والتقصير في السابع من تشرين الأول 2023 بل بأكبر كارثة في تاريخ إسرائيل منذ تأسيسها عام 1948 نتيجة هجوم الفصائل الفلسطينية، يبدو أنها ستتسبب بكارثة أخرى ستشكل هذه المرة فشلاً ذريعاً بمئات الأضعاف أمام حرب إقليمية شاملة تستهدفنا وتدمر دولة إسرائيل».

ويضيف بريك: «المبادرة التي يروج لها رئيس الأركان هيرتسي هاليفي، ووزير الدفاع يوآف غالانت بتصديق من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو على شن حرب على حزب اللـه بالبر والجو والبحر سوف تؤدي إلى حرب إقليمية شاملة ضد إسرائيل، برية من ست مناطق هي لبنان، سورية، الحدود الأردنية، والضفة الغربية، غزة، وانتفاضة عارمة داخل دولة إسرائيل، وسيجري إطلاق آلاف الصواريخ والقذائف والمسيرات يوميا على الجبهة الداخلية».

ولذلك يحذر بريك قائلاً: «إن مبادرة حربية كهذه ستتحول إلى انتحار جماعي يسببه لإسرائيل ثلاثة رجال فقدوا عقولهم هم نتنياهو وهاليفي وغالانت، فهؤلاء ليس لديهم ما يخسرونه ولهذا السبب يقامرون بمصير الدولة ويأخذونها إلى الهاوية وهم الذين لم ينجحوا في تدمير قوة الفصائل الفلسطينية في منطقة صغيرة المساحة لأن قواتهم البرية قليلة وعاجزة عن البقاء مدة طويلة في منطقتها».

يتضح من كل هذه الحقائق أن الكيان الإسرائيلي لم تتوقف عنه حرب الاستنزاف منذ عام 1967 حتى الآن داخل الأراضي المحتلة، ومن حول حدودها في لبنان ومن سورية وإيران ومن قوى المقاومة العراقية واليمنية، وهذا يعني ازدياد عدد القوى التي تفتح جبهات الحرب المباشرة على الكيان، كما يتضح أيضاً أن الولايات المتحدة وأوروبا وحلفها الأطلسي لم يعد في مقدورهم منع استنزاف هذا الكيان بل لا تستطيع منع زيادة قدرة الردع العربية – الإسلامية، وهذا ما يجعل الكيان والمستوطنين فيه وكذلك جيشه في وضع متفكك يسير بفضل عكازة أميركية تطيل مدة عنائه ولكن دون أن تضمن إعادة أحيائه كما تشاء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن