رياضة

أثر العراضة..

| غسان شمه

عندما تبالغ في تقدير شيء متواضع بشكل غير منطقي، وتسعى لترسيخه في عقول الآخرين بطريقة غير ناضجة من الطبيعي أن تدخل دائرة إيهام الذات بأمر سيتكشف سريعاً عن حقيقته التي غالباً ما تكون صادمة.. وهذا واقع كرة منتخبنا اليوم.

بعد التأهل إلى الدور الثاني في النهائيات الآسيوية، من بوابة فوز هزيل على منتخب متواضع، وبمساعدة نظام البطولة «الحنون»، تم توظيف ذلك على أنه إنجاز، تدور له رؤوس الرجال، ويُحمل المدرب على الأكتاف تقديراً له، وكان ذلك لا يعدو، في حقيقته، محاولة يائسة لتجميل واقع بائس، ليتمكن أصحاب الخطب الرنانة من تصدر المشهد على حساب الأفعال الحقيقية، وبذلك يطفو الزبد على الشاطئ بفعل فاعل على إيقاع جملة مراوغة «اضحك تطلع الصورة حلوة» بغض النظر عن تفاصيل تلك الصورة، فبعضهم بحاجة إلى «إنجاز» يصدره بأي شكل.

في إطار التفكير المنطقي، والحسابات العقلانية، لا نظن أن فوز منتخبنا على نظيره الياباني كان أكثر من «حلم»، أو بدقة كان وهماً تم الإيقاد تحته بنار التصريحات والعنتريات، فذهبنا إلى حافة ذلك الوهم وكانت الصدمة مزدوجة وكبيرة، بدأت بالخسارة أمام الكوري، ثم بخماسية أمام الياباني لنصحو على واقع مؤلم بكل المقاييس.

المشكلة أن منتخبنا ظهر، خاصة أمام الكمبيوتر، بلا ملامح، ولا شخصية، ولا فاعلية، وافتقد مفردات كرة القدم بكل المعاني والمستويات، وضرب بمصطلح «صار للمنتخب هوية» عرض الحائط، وبدا المدرب العجوز على الخط تائهاً وضائعاً كما المنتخب ولاعبيه، ولم يتركوا لنا سوى الحسرات تتراكم فوق بعضها، لتكون مشاعر الإحباط قاسية وعميقة، وتأخذ الجميع إلى السؤال الأهم اليوم عن واقع الكرة السورية ومستقبلها الذي دخل نفقاً مظلماً كما يبدو.

لم تفلح كرتنا مع المدرب المحلي رغم أنها ذهبت سابقاً شوطاً أبعد من هذا على صعيد هذه التصفيات. ولم تفلح اليوم مع مدرب أجنبي قدموه لنا بصورة المنقذ وبطل الفتوحات الكروية القادمة، وعند الفشل الذريع «حمل المسؤولية» ومضى بعد أن قضى أياماً «سعيدة» في ربوعنا مكللاً بورود سرعان ما ذبلت.

وفي دائرة السؤال ألا نستحق من اتحاد الكرة مكاشفة شفافة عبر مؤتمر صحفي تقوم خلاله لجنة من الخبراء بتقديم رؤية متكاملة للمرحلة الماضية، وتقرأ بعمق ما جرى على أمل وضع علامات أولية لطريق جديدة يمكن المضي عليها؟ أم إن ذلك ليس في الوارد بسبب عوامل الاطمئنان التي يعيشون في ظلها؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن