شؤون محلية

منظومة العدالة

| نبيل الملاح

سبق أن كتبت عدة مقالات عن القضاء سعياً لتقديم الرؤى والأفكار التي تساعد في تأمين حسن سير العدالة، فالقضاء هون الطريق إلى تحقيق العدل والإنصاف ومنح الظلم والاستغلال.

ومن المعلوم أن القضاة والمحامين هم جناحا العدالة ولهم الحصانة التي تحميهم من الأذى والافتراء وتمنع رفع دعاوى كيدية بحقهم من أحد أطراف الدعاوى، وباعتقادي أن الخبراء الذين تستعين بهم المحاكم هم أيضاً جناح مهم في ميزان العدالة لكنهم لا يتمتعون بأي حصانة تحميهم في مواجهة الدعاوى الكيدية بحقهم التي رفعها أحد أطراف الدعوى لمجرد أن الخبير قدم خبرته بما لا يرضيه، رغم أن الأمر الطبيعي أن يتم ذلك باعتبار أن الدعوى تقام بين صاحب حق مدعٍ ومغتصب لحق مدعى عليه أو العكس.

ولوحظ في السنوات الأخيرة ازدياد الدعاوى الجزائية المرفوعة بحق بعض الخبراء وفقاً للمادة 402 من قانون العقوبات التي تتعلق بالتقرير الكاذب، رغم أن نص المادة واضح لا لبس فيه بأنه يطبق على التقرير الكاذب في حال الجزم بأنه منافٍ للحقيقة، وهذا يعني بوضوح أن على النيابة العامة أن تقوم بتحري الأدلة الواضحة والمقنعة قبل تحريك الدعوى وأن تأخذ بعين الاعتبار أن الخبرة هي في الأساس تحقيق فني خاضع للاستيضاح من أطراف الدعوى وهي غير ملزمة للمحكمة التي يعود لها القرار النهائي في اعتمادها أو إعادتها أو هدرها، وأن الدعوى التي تفصل بناءً على تقرير الخبرة تبقى خاضعة للاستئناف والطعن وبالتالي إعادة الخبرة أو هدرها وفقاً لما تراه المحكمة المختصة، كما أن قانون الخبراء أخضع الخبراء للمساءلة المسلكية عن طريق إدارة التفتيش القضائي تصل إلى شطب الخبير نهائياً من جدول الخبراء، وإلى المساءلة مدنياً وفقاً لما نصت عليه المادة 157 من قانون البينات، لذلك يجب وضع الضوابط اللازمة لتطبيق المادة 402 من قانون العقوبات ما يتوافق مع غاية المشرع ويحقق الحصانة المطلوبة لعمل الخبراء، والعناية بانتقاء الخبراء من أصحاب العلم والخبرة والنزاهة وشطب أسماء الخبراء الذين يثبت عدم كفاءتهم ونزاهتهم من خلال عملهم في الخبرات التي يكلفون بها لدى المحاكم.

انتقل إلى الجناح الآخر في منظومة العدالة التي تقوم بشكل أساسي على السلطة القضائية، ألا وهو جهاز قوى الأمن الداخلي الذي يتولى حفظ الأمن وملاحقة الذين يعتدون على الناس وممتلكاتهم وينظمون الضبوط اللازمة لإحالتهم إلى القضاء لمحاكمتهم، وهو الجهاز الذي يتولى تنفيذ الأحكام القضائية الجزائية وإدارة السجون.

وتبعاً لذلك يتعرض عناصر الشرطة لمكائد واتهامات بسبب قيامهم بواجبهم في ضبط المخالفات والجرائم وعدم تهاونهم مع مرتكبي الجرائم والمخالفات، ما يتطلب تأمين الحصانة اللازمة لهم والتدقيق بالتقارير الكاذبة التي تأتي بحقهم ما يحفظ كرامتهم وسمعتهم وعدم اتخاذ أي إجراء بحقهم قبل التحقق من مدى صحة الاتهامات الموجهة إليهم.

إن الدولة المدنية الديمقراطية تقوم على مؤسسات قوية تتعامل فيما بينها، ويأتي التنسيق بين السلطة القضائية – ولا أقصد المحاكم- وبين السلطة التنفيذية وجهاز الشرطة الذي يتكون من ضباط حقوقيين، دعماً لمنظومة العدالة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن