من دفتر الوطن

واحد من الناس!

| عصام داري

أشعر بوحدة قاتلة هذه الأيام، بعد أن هجرني الكثير من الأصدقاء والزملاء الصحفيين الذين دخلوا في سباق المسافات الطويلة نحو مجلس الشعب الموقر.

كان بودي اللحاق بهم، لكن ظروفي الخاصة منعتني من ذلك، فاكتفيت بالدعاء لهم بالنجاح والتوفيق، وأن يكون زملاء مهنة المتاعب نواباً في برلمان البلد فهو خير، لأن مهمة الصحفي الدفاع عن قضايا المواطنين في أي مكان كان، فكيف إذا كان هذا المكان هو مجلس الشعب الذي يعالج مشاكل وهموم الناس ويحاول حلها.

لذا أتمنى أن يكون عدد أصواتنا في مجلس الشعب كبيراً كي يصل إلى حيث يجب أن يصل من دون حواجز ولا عقبات، وهذه مهمة الصحفيين بعد أن يصبحوا نواباً يتحدثون باسم الشعب كله وليس باسم اتحاد الصحفيين.

فإذا كان اتحاد الصحفيين اليوم هو الراعي الرسمي لجميع الصحفيين السوريين، فسيصبح الراعي الرسمي للمواطن السوري والمتحدث بلسانه والمدافع العنيد عن قضايانا من غلاء ورخاء وما بينهما!.

هنا دعوني «أشخصن» الموضوع قليلاً، فعندي كلمة عتاب صغيرة لنقابتنا، أي لاتحاد الصحفيين.

ذكرت قبل قليل أن ظروفي الخاصة منعتني من الترشح لعضوية مجلس الشعب، وتتمثل هذه الظروف بأنه أجريت لي قبل نحو شهر عملية القلب المفتوح، فالعملية لم تكن لوزات أو زائدة أو «نفخ شفايف»، إنها عملية قلب مفتوح، صحيح أنها اليوم صارت مثل أي عملية جراحية وتجرى العشرات منها في شهر واحد، إلا أنها دقيقة وحرجة.

المهم في الأمر أن نقابتنا العتيدة لم تكلف خاطرها وتجري اتصالاً هاتفياً تسأل فيما إذا نجحت العملية، أم إنني توكلت على الله، مع أن اتحاد الصحفيين عنده علم مسبق بأنني سأخضع لعملية القلب المفتوح والشرشوح، و«عنوان بيتنا زي ما كان» ومع العنوان أرقام هواتفي الأرضية والفضائية والبحرية والبرمائية!

لكنني وجدت العذر للنقابة، فالمشاغل التي تحتل كامل وقت اتحاد الصحفيين تجعله لا يعطي بالاً للأمور الصغيرة، فالذين ترشحوا إلى عضوية مجلس الشعب يعملون على دعايتهم الانتخابية وملاحقة أخبار غزة وجنوب لبنان والحرب الروسية الأوكرانية، لذا أعلن على الملأ أنني سامحت نقابتنا فرداً فرداً، وجميعهم أصدقاء وزملاء.

وإذا كنت عاتباً على اتحاد الصحفيين فإنني مدين لعدد من الأشخاص والجهات التي كان لجهودها الكبيرة الفضل في ما وصلت إليه، ما مكنني من تجاوز الأزمة القلبية ونجاح العملية الجراحية.

فالشكر بداية للزميل والصديق، بل الأخ وضاح عبد ربه الذي اعتبر قضيتي قضيته الشخصية وتابع الموضوع من الألف إلى الياء وصولاً إلى هذه اللحظة، ومن ثم أنا مدين بالشكر لمركز جراحة القلب الجامعي ومديره الدكتور حسام خضر الذي تبنى وضعي وكان معي لحظة بلحظة حتى خروجي من المركز.

مع الدكتور حسام هناك فريق متكامل من أطباء وممرضات وممرضين، لم يهدأ لحظة واحدة حتى كنت أتساءل عما إذا كان لديهم الوقت الكافي للراحة.

أخيراً، كلمة شكر للطبيب الجراح الأستاذ محمد بشار عزت الذي لامست أنامله قلبي بشكل مباشر ولامس بمشاعره الإنسانية شغاف قلبي.

ختاماً أزعم أنني أكتب من أجل الناس وقضاياهم والدفاع عنهم، اليوم أقف في صف الناس وليس في صف الكاتب والإعلامي، فأنا واحد من الناس، أفلا يستحق هذا «الواحد من الناس» كلمة يعاود بعدها دوره في الدفاع عن كل الناس؟.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن