ثقافة وفن

حوار زجلي بين الشاعرين طليع حمدان وشفيق ديب … طليع حمدان لـ«الوطن»: الزجل انطلق من لبنان وسورية وأحبابه لن يسمحوا له أن يموت

| مايا سلامي – تصوير طارق السعدوني

أمسية زجلية خاصة ومميزة عاشها محبو هذا الفن الأصيل، جمعت الشاعر السوري شفيق ديب بشاعر المنبرين طليع حمدان الذي يعتبر أحد أبرز شعراء المنبر الزجلي اللبناني، وذلك في إحدى قاعات فندق داما روز بدمشق التي غصت بحشود رسمية وفنية وإعلامية جاؤوا من كل حدب وصوب ليطربوا بجرعة من الإبداع والعراقة.

واحتدمت هذه المنافسة الشعرية بلقاء جيلين مختلفين تبارز فيها شاعران يحملان رمزيّة الاحترام، فحملت روح القصيدة الزجلية القديمة مكللة بنكهة معاصرة زادتها جمالاً وألقاً، وكانت أشبه بحفل زجلي يضج بالكلمات والصور الشعرية والموسيقا التي أضفت عليها الكثير وخلقت أجواء تفاعلية ساحرة من جانب الحاضرين.

امتحان حقيقي

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» قال الشاعر شفيق ديب: «الأستاذ طليع هو من جعلني أحب الزجل من خلال شريط استمعت إليه وأنا في العاشرة من عمري في حفل «بيت الدين» كان يجمعه بالشاعر زغلول الدامور، وشاءت الأقدار أن أجتمع بالشاعرين اللذين غرسا بي محبة شعر الزجل على منبر واحد، فغنيت مع زغلول في عامي 2007 و2008 ومع الأستاذ طليع خلال العام الماضي وفي هذه السنة أيضاً».

وأضاف: «سر محبتي المهنيّة للأستاذ طليع هو ذهولي بقدرته الشعرية التي تتحدى الزمن بذاكرته وحضوره وارتجاله، وفي كل مرة يتحدد فيها موعد حفلتي معه أعيش فترة من القلق والتوتر والسبب الأول أنني أريد إظهار ما أستطيع أمام هذه القامة الكبيرة، أما الثاني فهو التحضيرات والموازنة بين أجهزة الصوت والموسيقيين والصالة وتفاعل الناس، لذلك هذه الأمسيات بمنزلة امتحان متجدد، مع العلم أن الشعراء السوريين واللبنانيين الذين أتبارى معهم أسبوعياً أو شهرياً كثر لكن امتحاني الحقيقي يكون مع الشاعر طليع».

وعن سر ثنائية الشعر مع الموسيقا التي يحرص عليها في أمسياته، بيّن: «يلومني الكثير من جمهور الزجل التقليدي لأن الزجل برأيهم لا يحمل هذه المحاولة وأنا لا أوافقهم على ذلك، والسبب أن حفلات الزجل التي تسير بفوضى سمعيّة كثيرة وموجودة على اليوتيوب وهناك المئات والآلاف منها، فلماذا ينزعجون من وجود حفلات معدودة بنكهة موسيقية جديدة مدروسة؟».

وتابع: «الأستاذ طليع موسيقي بالفطرة وهو من يطالب بوجود الموسيقيين، وكنت أسعى أن تكون هذه السهرة من دون موسيقا لكن الأستاذ طليع سألني إن كان هناك موسيقا كما الأمسيات السابقة فأجبته بنعم وقمت بإعادة دعوة الموسيقيين الأساتذة، وهذا مقياس على أن ما في ذهني صحيح، وفي الوقت نفسه ما الذي يمنع أن يكون هناك هوية سمعية لمنبر زجل سوري؟ فمنبر الزجل اللبناني كان معروفاً أنه من دون موسيقا، لكن منذ ثلاثين عاماً على الأقل تم إدخال الأورغ مثلاً ليحلّ مكان النكهة الحيّة للزجل التي فُقدَت، وبرأيي لم تنجح هذه المحاولة، لذلك، ما المشكلة في أن يتميّز منبرنا السوري بموسيقا صوفية علمية لها حظوظ بالنجاح؟».

وأكد أن الحالة الارتجالية تتطلب ذهنية حاضرة، والارتجال هو سر وسحر الشاعر الزجلي ومن دونه لا يوجد شاعر زجل، وهذا الشيء لا يمنع شاعر الزجل أن يكتب ويحضر وينقّح بأسلوب جميل يحترم جمهوره ويقدّس سر الشعر ووزن القصيدة.

وفيما يتعلق بالإقبال الجماهيري على هذه الأمسيات، أجاب: «أسلوبي هو دعوة الناس الذين يتابعون أمسياتي عادةً ويتواصلون معي باستمرار حيث أسجل أسماءهم في قائمة لأدعوهم على الفعالية المقبلة، لذلك يأتون بشوق وحماس، ونحن في خلاف مع زملائنا من شعراء الزجل الذين يعيّنون أماكن جولاتهم في المطاعم مع دخولية مادية وعشاء، هذا الشيء لا يعيب ولكن برأيي الخاص شعر الزجل ما زال في مرحلة الزراعة وما زال من المبكر الانتقال إلى مرحلة الحصاد».

وفي الختام أعلن ديب عن تحضيراته لسلسلة من الملتقيات انبثقت من الملتقى التأسيسي الذي أقامه منذ عدة أسابيع بمشاركة ثلاثين شاعراً من بلاد الشام.

لون جميل

من جانبه قال الشاعر اللبناني طليع حمدان لـ«الوطن»: «أنا تربيت في سورية وأحب هذا البلد وأين ما يكون شفيق حبيب قلبي وروحي أشعر وكأنني موجود، وأقمنا معاً أربع أمسيات جميلات جداً وإن شاء اللـه سيكون هناك المزيد في الأيام القادمة».

وعن الفروقات بين شعراء الجيل القديم والحديث، أوضح أن الجيل القديم كان يغني الأصالة الزجلية أما الجديد فهم جميعهم أولادنا وأخوتنا ولا أستغيبهم أبداً، لكن لا أجد في قصائدهم نفحة عطر من الجيل القديم، وهم يغنون ما هو دارج في هذه الأيام.

وأكد أن الزجل لون جميل انطلق من لبنان وسورية وأحبابه لن يسمحوا له بأن يموت.

وفيما يتعلق بالموضوعات التي يعززها بقصائده، بيّن: «أنا أغني الشعر الوجداني الذي لا يجرح أحداً ويتضمن الصورة الشعرية، والجواب أنا اشتهرت بلون الغزل الذي أحبه كثيراً وأغنيه في جميع حفلاتي».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن