من دفتر الوطن

الرجال.. والخيانة!

| فراس عزيز ديب

يقولون إن النوم بعدَ العشاء الثقيل يجلب الكوابيس، هذا ما حدث معي نهايةَ الأسبوع الماضي حيث غلبني النعاس، وإذ كنت على سفرٍ لكني حتى الآن لم أعرف إذا كان ما شاهدته كابوساً والعياذ بالله أم رؤيا ما شاء الله؟!

أنا وكأني لست أنا حيث إن لحيتي التي لم أرها في حياتي غطت كاملَ وجهي، أجلس في مكانٍ تحيط به الكتب من كل حدبٍ وصوب، لم أعرف تماماً هل كنت في هذه الرؤيا عرَّافاً أو حكيماً أو قاضي قضاة أو خارجاً من السجن، حتى دخلت إلي امرأة هي من صحَّ فيها يوماً قول نزار قباني:

عيناكِ كزهرتي غاردينيا في عتمة شعرٍ إسباني

قلت في ذهني تمهل، دعها تتكلم ولا تنخدع برشاقةِ القد وابتسامة الود ولا حتى بروز النهد، قالت المرأة بصوتٍ يشبه حفيفَ ورقِ الأشجار مع نسمات الصباح الربيعي:

لماذا يخون الرجال؟

بصراحة لم أحب كثيراً هذا السؤال، أدركتُ بأن المرأة تعاني ربما خيانة من تحب فاختارت التعميم، أو أنها على مبدأ المثل الذي يتداوله أهلنا في العشائر العربية الأصيلة: «اللي ما يطول العنب يقول عنه حصرم».

لم أشأ أن أُجيب المرأة جواباً تقليدياً بأن نهم الرجال بالنساء لا ينتهي أو أن مشكلة الرجل في قلبه الذي يتسع لنون النسوة بطوله وعرضه، اخترت أن أقتبسَ لها جواباً بصيغة السؤال:

ولماذا نتحدث فقط عن خيانة الرجال؟

أجابت: لأنه من النادر أن تخون النساء، وإن حدثَ فهو قد يكون ردةَ فعلٍ على خيانةِ رجل.

توقعتُ بأن الجواب سيكون بهذا الاتجاه لأن تبادل الاتهامات عمره قرون لكني سألت المرأة:

مع من يخون الرجل حبيبته؟

أجابت: مع امرأة ثانية!

إذن، أمام كل رجلٍ خائن هناك امرأة إن لم نقل بأنها تخون لكنها سهلت عملية الخيانة وجعلتها واقعاً يبدو مستحيلاً دونها، ولو طبقنا المتوالية الحسابية لوصلنا لنتيجة بأن عدد الخائنين من الجنسين متطابق إلا إن كان هناك رجل يخون من يحب مع حائط أو شجرة، فلماذا نتحدث فقط عن خيانة الرجل؟!

لم يعجبها كلامي، أخرجت من حقيبتها سلاحاً ووجهته إلي، هنا بدأت أتوسلها بألا تُطلق النار لأني لا أستحق الموت لمجرد فكرة، بدأت بالصراخ حتى وجدت نفسي مستيقظاً من هذا الكابوس أحاولُ تتبع أثر تلك الحسناء لكنها اختفت بعيداً، ولم يبق لي سوى صوت الراديو حيث كان المذيع يتحدث في نشرةِ الأخبار قائلاً:

رفع الحصانة عن أعضاء من مجلس الشعب تمهيداً لمحكامتهم بتهم تتعلق بالفساد والتجاوزات، هنا عدت لذاك الكابوس أو المنام وتساءلت:

هل يمكن لعضو مجلس الشعب أن يكون فاسداً وحده!

لكني على الفور حذفت هذا السؤال من ذهني فمن يدري، قد يتحول سلاح الحسناء في منامي إلى حقيقة!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن