رياضة

سقوط مدو لمنتخب الشباب في بطولة غرب آسيا بكرة القدم … خمسة أهداف في مباراتين وأداء دفاعي يدعو للدهشة … الأفكار والأحلام شيء وآلية التنفيذ شيء آخر

| ناصر النجار

يبدو أن اتحاد كرة القدم في ورطة جديدة بعد الخسارة الثقيلة التي تعرض لها منتخب الشباب أمام منتخب الإمارات بثلاثة أهداف نظيفة في ثاني جولات الدور الأول من بطولة غرب آسيا التي تقام في الطائف بالسعودية، وإذا عدنا أشهراً قليلة إلى الوراء، لنتذكر معسكر الأردن لمنتخبنا نجد أن منتخبنا تعادل وقتها مع المنتخب الإماراتي بهدفين لمثلهما، ثم خسر بالأمس بالثلاثة، لندرك الفارق في التطور بين المنتخبين اليوم، خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة.

منتخبنا من المؤكد أن آماله بالتأهل إلى الدور الثاني باتت ضعيفة، فالمطلوب تأهل أبطال المجموعات الثلاث إضافة لأفضل منتخب يحتل المركز الثاني في هذه المجموعات، ولا أظن أن هناك مجموعة أسهل من مجموعتنا في هذه البطولة، وبكل الأحوال فإن منتخبنا يعيش على أمل نتيجة لقاء اليوم مع عمان فربما سارت الأمور بمصلحته، لنعيش دوماً على الآمال والحسابات وننتظر هدايا الآخرين.

اتحاد كرة القدم عمل ما يجب عليه، لكنه أخطأ في الاختيار، فالمنتخب منذ تشكيله قبل أكثر من سبعة أشهر لم يبصم ولم يحقق أي نتيجة، بل إنه في انحدار مباراة بعد أخرى، والأرقام والنتائج تدل على ذلك دون أن نظلم أحداً، المنتخب لعب قبل البطولة ثماني مباريات، فخسر مع العراق مرتين (صفر/1 و1/2) ومع لبنان (صفر/1) ومع الأردن (1/4) ومع السعودية (صفر/1) وتعادل مع الإمارات واليابان (2/2) والفوز الوحيد حققه على لبنان (1/صفر)، وهناك فارق كبير في التسجيل فسجل لاعبونا سبعة أهداف ودخل مرمانا ثلاثة عشر هدفاً.

اتحاد كرة القدم وضع كل شيء بتصرف منتخب الشباب، فأجل دوري الشباب أكثر من مرة وكذلك الدوري الأولمبي كرمى هذا المنتخب، ووفر له المعسكرات الخارجية الكثيرة والمباريات الدولية العديدة، ولم يبق من المنتخب إلا رد الجميل لما تم تقديمه له، لكن الأمور على ما يبدو سارت عكس الاتجاه الصحيح، والصدمة أن يتعرض مرمى المنتخب لخمسة أهداف في مباراتين من أخطاء دفاعية ساذجة لنسأل: ماذا كان يفعل المدرب في هذه الفترة كلها؟ وهل التنظير الذي كنا نسمعه عبارة عن (بوزات) إعلامية هدفها التسويق، خبراء اللعبة يقولون: من أولى مهام العمل الفني الحالة الدفاعية، فعندما تكون المهام الدفاعية بأي فريق جيدة وصحيحة يكون البناء صحيحاً، ولكن يا للأسف، فما رأيناه في منتخب الشباب حتى الآن عبارة عن (شوربة) كروية ونظريات لا تصلح إلا للتدوين في دفاتر النسيان، والمشكلة الكبيرة أننا نقابل منتخبات من أجوائنا وليست من كوكب آخر، والكارثة أن الأخطاء التي تحدث مع المنتخب لا نراها في مباريات الدوري المحلي، فهل من يفسر لنا كل ذلك؟

إذا كانت حصيلة المنتخب من أداء ونتائج هي نتيجة عمل الجهاز الفني، فهو يتحمل المسؤولية، وإذا فرض على هذا الجهاز لاعبون أو تشكيلة معينة، فهو يتحمل المسؤولية أيضاً!

اتحاد الكرة يتحمل مسؤولية اختيار الكادر الفني والإداري للمنتخب الذي أثبت فشله، فمشرف المنتخب حكماً، ونحن هنا لنا تعليق على مشرفي المنتخبات، فأغلب المشرفين يجب أن يكونوا أعضاء في اتحاد كرة القدم، وتدوير هذه المناصب بينهم هي ضرورة ملحة يفرضها (بروتوكول) العمل الإداري، لكن ويا للأسف، فإن العديد من أعضاء اتحاد كرة القدم ليس لهم علاقة بالعمل الفني ولا يمكنهم تقييم الحالة الفنية للمنتخب، أما تقييم المدرب ومدى نجاحه أو إخفاقه فيتم على ضوء نتائج المنتخب وأدائه وهي تتكلم عنه وتضعه بمكانه الصحيح، ولأن كرتنا مقبلة على التصفيات الآسيوية لفئة الشباب فلا بد من سرعة التحرك وإنهاء عمل هذا المنتخب والإسراع بتأمين كادر فني أجنبي على مستوى عال لنحافظ على مجموعة المواهب الموجودة في المنتخب، والحقيقة التي يجب عدم إغفالها أن البحث عن مدربين أجانب مطورين هو في أوليات العمل للنهوض بكرتنا، ويجب أن يكون في المقام الأول لكرتنا وقبل التفكير بمدرب للرجال.

للأسف كل مدربينا كانوا ينتقدون عمل زملائهم، وعندما يحلون محلهم يقدمون الأسوأ لنجد أن كل النقد كان للتدمير وليس للبناء، ولنتذكر أن أولئك الذين هاجموا المدرب الهولندي مارك فوتة ليحلوا محله، لم يقدموا لكرتنا إلا الخزي والعار، وها هي كرتنا تدفع الثمن فاتورة باهظة التكاليف، ويكفي أن الهولندي لم يكن يقبل بأي لاعب (واسطة) وكان هذا سبب إبعاده عن كرتنا والمنتخب، وللعلم هو أفضل من زار كرتنا في السنوات الأخيرة.

حسابات خاطئة

اتحاد كرة القدم أخطأ في مكان آخر، والخطأ يكمن في طريقة إعداد المواهب والشبان واستغلال موهبتهم وكيفية توظيف إمكاناتهم الفنية والبدنية ليكونوا نجوم المستقبل.

الخطأ الأول يكمن في اختصار دوري الشباب، فلاعب الشباب عندما يلعب بفئته عشر مباريات على الأكثر في الموسم الواحد، لا يمكن أن يتطور، ولا يمكننا من خلال هذا العدد القليل صناعة كرة قدم واعدة، وبالطبع فإن هذا العدد القليل من المباريات لا يمكن أن يطور موهبة، وإذا قيل لنا إن بعض اللاعبين يلعبون مع الأولمبي ومع الرجال، فإننا نجيبهم بأن عدد هؤلاء قليل قياساً على عدد لاعبينا الشباب، لذلك فالأصل يكمن بالاهتمام بدوري الفئات، لكن اتحاد كرة القدم يميل لطلبات الأندية التي تطلب الاختصار والتقليص تخفيفاً للكلف المادية، لكنها لا تجد عائقاً مادياً عندما تدفع مئات الملايين على فرق رجالها، وسوء اهتمام الأندية بالمواهب واللاعبين الشبان بلغ حد الاعتذار عن بعض مباريات الشباب، كما حدث في الدوري الأولمبي الذي واجه حرباً من الأندية وتخلفاً عن العديد من مبارياته، بل إن بعض الفرق انسحبت ولم تتابع المشوار.

منتخب الشباب هو حصيلة الدوري، لكن الدوري عندنا مهمل وخارج التغطية، إضافة لكادر إداري وفني غير ناجح، لذلك فإن الحصيلة ستكون على هذه الشاكلة من النتائج، وهذا السوء من الأداء، وستبقى كرتنا تواصل طريق الانحدار.

من المفترض أن يكون هناك تصحيح للكثير من المفاهيم الكروية، علينا أن ندرك أن الاهتمام بالقواعد تلزمه آليات عمل، ومدربين مطورين، وللأسف فإن مدربينا باتوا محدودي الإمكانيات، فكل مدربينا الذين أشرفوا على المنتخبات في السنوات العشر الماضية لم يفلحوا مع أي منتخب، ولا أجد أن هناك داعياً لذكر الأسماء والتذكير بالخيبات التي تلقتها كرتنا في السنوات الماضية.

نتائج منتخب الشباب حصيلة عمل الأندية وعمل اتحاد كرة القدم، ولا بد من تصحيح الكثير من المفاهيم إن أراد اتحاد كرة القدم استكمال دورته بطريقة أفضل، هناك الكثير من الكلام لكننا ندعه لوقته، فكل شيء بوقته (حلو) والكلمة بمكانها (قنطار).

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن