التحول إلى الدعم النقدي والحد من الفساد … أكاديمي لـ«الوطن»: لن ينجح بتجفيف الفساد.. ودعم 86 بالمئة من الشعب هدر لموارد الدولة
| محمد راكان مصطفى
مازال موضوع الدعم يستحوذ على أغلب أحاديث المواطنين أمام استمرار الصمت الحكومي عن إعلان أي تفاصيل واضحة عن خطواتها والمدروسة في مشروع تحويل الدعم إلى نقدي، واستمرت التساؤلات عن ضرورة مراجعة المواطنين لتكامل أو للمصارف لربط البطاقة الذكية بالحساب المصرفي، وتكلفة فتح حساب مصرفي، والفائدة من تغير شكل الدعم وغير ذلك من التساؤلات..
حول هذا الموضوع أكد مصدر رسمي لـ«الوطن» أنه وخلال الفترة الحالية المطلوب فقط هو فتح حسابات مصرفية لمن لا يملك حساباً ممن لديهم بطاقة إلكترونية، مع الإشارة إلى وجود عدد كبير من المواطنين أصبح لديهم حسابات مصرفية خلال السنوات الماضية ولغايات متعددة منها توطين الرواتب وعمليات فراغ البيوع العقارية والسيارات…
وتجدر الإشارة أن عملية فتح حساب لدى المصارف لا تكلف مبالغ كبيرة، فهي كما أعلن المصرف الصناعي تكلف لديه 10 آلاف ليرة، ولدى المصرف التجاري كما أكد مصدر لـ«الوطن» تكلف 15 ألف ليرة وكذلك الأمر بالنسبة للمصرف العقاري.
أما عن السبب وراء التحول إلى الشكل النقدي للدعم ومدى نجاحه، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق ومدير مكتب الإحصاء السابق شفيق عربش في حديثه لـ«الوطن»: بداية وبعد الانتهاء من فتح الحسابات الذي قدرت الحكومة أنه يحتاج إلى 3 أشهر، وإن كان برأي يحتاج إلى وقت أطول، وخاصة أن تقديرات مصرف سورية المركزي أن الأمور تحتاج حتى تجهز بشكل جيد إلى ستة أشهر على الأقل.
وأضاف: أما بالنسبة للتحول إلى الدعم النقدي فإني أرى أنه سيواجه على مستوى التنفيذ إشكالية نظراً لعدم تغطيت الجغرافيا السورية بالفروع المصرفية، فالمقيمون في المناطق النائية في الأرياف سيتكبدون مشقة وتكاليف حتى يستطيعوا الوصول إلى أقرب فرع مصرفي وفتح حسابات والحصول على الدعم.
وتابع عربش قائلاً: كما استوضحت مما يدور في الاجتماعات واللقاءات حول الآلية، حيث سيتم مبدئياً رفع سعر الخبز إلى 3000 ليره وسيتم إعطاء المواطن 2600 ليرة وفق عدد الربطات الأقصى المخصص للأسرة، وكلما ارتفع السعر يتم تحويل المبالغ الإضافية إلى الحسابات حيث يتم الاقتراب إلى سعر التكلفة.
وقال: إن كان الفريق المسؤول عن الأمر يعتقد أن هذا الإجراء سيخفف الفساد برأي أن ذلك لن ينجح في التخفيف منه لأن الفساد سببه الخطأ في احتساب التكلفة وهذا سوف يستمر، معتبراً أن هناك هدراً في مبالغ الدعم التي سوف توزع لأن كل البطاقات مدعومة ستأخذ نصيبها رغم أن الكثير من المواطنين ولأسباب متعددة لا يقفون على منافذ البيع وإنما يشترون مخصصاتهم أمام الأفران من البائعين المتواطئين مع عاملين في الأفران.
واستغرب عربش فلسفة وآلية الدعم المتبعة، وقال: أرى أن توزيع الدعم بهذا الشكل هدر لموارد الدولة ويقضي على المالية العامة للدولة، فمن غير المنطق أن يعطى الدعم لـنحو 86 بالمئة من السكان الذين يملكون بطاقات!. والدعم بهذه الطريقة مال مهدور ومرمي على الأرض.
واقترح عربش آلية للحل بالنسبة لموضوع الدعم تقوم على شقين الأول عبر إصلاح سياسة الرواتب بحيث تصل الرواتب إلى الحد الذي يلبي متطلبات المعيشة الكريمة، فيصبح العامل غير محتاج للدعم، والشق الثاني يخص مجموعة الفقراء الذين لا يعملون في الدولة، ورأى أن الحل بمنحهم لقروض صغيره من دون فوائد ومساعدتهم على إطلاق مشاريعهم بحيث تصبح متطلباتهم الحياتية ممولة عملهم وإنتاجهم، وهذا أفضل بكثير ويشعر المواطن بكرامته عندما يعيل أسرته من تعبه، كما أنه يوفر بشكل كبير من الهدر وبهذه الطريقة يتم القضاء على الفساد.
وتابع قائلاً: ذلك يحتاج من الحكومة التقيد بالقوانين الاقتصادية في إدارة شؤون البلاد، معتبراً أن الحكومات المتتابعة منذ اختلت المنافسة ودخلت الحكومة من خلال قطاع العام ومارست الدور الاحتكاري عبر تحديدها كميات ومخصصات المواطن والأسعار التي تبيع بها المواطن والتي تشتري بها منه كالقمح والقطن.. دمرت الاقتصاد، مضيفاً: سورية تمتلك مقومات اقتصادية والقوانين الاقتصادية لها مفاعيلها، وليس بقدرة الإجراء الإداري التفوق عليها ولا تستطيع عمليه الإلزام أن تلغي هذه المفاعيل، وبرأي يجب أن نحافظ على الأمور الإستراتيجية في الحياة الاقتصادية والبنية التحتية والكهرباء، ونترك باقي الأمور لأصحاب المهام والأعمال في بيئة يحكمها القانون الواضح والصريح تسود فيه المنافسة لتعم الفائدة على الجميع.
وقال عربش: بالنسبة للتعليم والصحة فهي أحد أشكال الدعم في كل دول العالم حتى المشبعة بالرأسمالية لديها تعليم مجاني والطبابة المجانية مؤمنة، كما أن هناك ضماناً صحياً يسهم به أرباب العمل من جهة والمؤمن عليهم من جهة أخرى، وهذا الضمان يغطي كل أشكال العلاج وليس كالتأمين الصحي المعمول به لدينا حالياً، فالدول مطالبة بالإنفاق على بناء كوادرها البشرية وإعدادها يتطلب التعليم والصحة وهذا ما نص عليه الدستور السوري، فمن الضروري أن يبقى التعليم والصحة مجانيين، مع التأكيد أنه ليس من الخطأ وجود الجامعات والمدارس الخاصة متاحة لمن لديه الإمكانات، لكن مدارس الدولة وجامعاتها ومرافقها الطبية المجانية تبقى لمن لا يستطيع تكبد الأعباء المالية لدى القطاع الخاص.
وختم الدكتور عربش بالقول: أتمنى أن يتكرم علينا أحد المسؤولين بشرح الإجراءات حول خطة الحكومة وخطوات الانتقال إلى الدعم المادي، والإجابة عن تساؤلي هل هذا هو التوقيت المناسب لهذا؟