من دفتر الوطن

العربة الأخيرة من القطار!

| عصام داري

بداية يوم جديد، وتستمر دورة الحياة، ولا تغيير في مسيرة الأيام، ونحن نستقبل الآتي باستسلام مطلق، لأننا جزء من المعادلة، ولأن خياراتنا تقودنا لهذا (الآتي)، فنحن نسهم في رسم بعض يومنا وغدنا عندما نضع مشاريعنا الصغيرة لليوم والغد ونحاول ترجمة هذه المشاريع وتنفيذها.

نخطط، نرسم، لكننا لسنا واثقين بالنجاح، فالمتغيرات خارجة عن إرادتنا في أغلب الأحيان، وعلينا أن نتكيف مع كل شيء وإلا فسنشعر بالإحباط والخيبة مراراً وتكراراً، وسلاحنا الأمضى الصبر والأمل، وبأننا قادرون على النجاح وكسر الخيبات، وتحطيم غرور الظروف إما بالتراضي معها وتجييرها لمصلحتنا، وإما بالنصر عليها بإرادتنا وإصرارنا، والأهم، تحويل إخفاق اليوم إلى فوز غداً.

علينا أن نعيش حياتنا بالطول والعرض وننقب عن الفرح في صخور الأحزان، وصحارى الخيبات والانكسارات والهزائم الصغيرة.

تدور عجلة الزمن تطوي الأيام والأشهر والسنوات، فتطوي عمرنا والمدة الزمنية الممنوحة لنا في هذا الكوكب، بل في هذه الحياة، ومع كل صباح نبدأ حياة جديدة، نغادر مملكة النوم، ندخل بوابة عمرنا الجديد، بعد موت مؤقت استمر ساعات، لا ندري كيف مرت، وتبقى أحلام وكوابيس الليل تلاحقنا، ترسم لوحة ضبابية لا نتذكر تفصيلاتها.

قلت مراراً إن النوم هو موت مؤقت، وقد يكون موتاً نهائياً، فكثير من الأشخاص ماتوا في أثناء النوم، فهل نجري جردة حساب ليومنا الفائت قبل النوم، وهل نضع جدول أعمال ليومنا الجديد عندما يبدأ نهارنا، يومنا، حياتنا الجديدة؟

لندرك جميعاً أن حياتنا كلها وما تمثله من سنوات وأعوام هي هذه اللحظة التي نحن فيها، فما سبقها صار تاريخاً ومضى، وما سيأتي بعدها هو مستقبل لا نعرف عنه شيئاً، عبارة (بداية يوم جديد، وتستمر دورة الحياة) التي بدأت فيها كتابة مقالتي هذه صارت تاريخاً مضى، وسأختتم هذه المقالة في الآتي من الدقائق، أي في المستقبل القريب جداً، ومن ثم أنتظر الآتي، المستقبل، فاللحظات تتسرب من حياتنا كتسرب المياه من بين أصابعنا.

لنغتنم الفرصة ولنعش المشاعر الإنسانية من الحب والمحبة والرقي قبل أن تتسرب بقية لحظات أعمارنا وتتحول إلى ماضٍ وتاريخ لا قدرة لنا على تغييره أو تعديله، فأيامنا على هذه الأرض محسوبة بدقة متناهية، ولا أظن أننا قادرون على التأثير في جداول الحياة، ومواقيت المرض والحب والزواج والعمل والسفر والاستقرار وكل ما تمثله حياتنا خلال سنوات الضياع!.

أعلن للمرة المليون أنني من رواد مدرسة الفرح والحب واللون الأبيض الناصع، وتعدد الألوان والأطياف والأفكار، هكذا هي شرعة حياتي، ولن تتبدل، وأدعو من يبحث عن الحب والحياة والسعادة إلى الانضمام إلى هذه المدرسة، فنحن عشاق الحياة الحلوة مهما مرت بنا ظروف قاسية، وعشنا تجارب صعبة ومؤلمة.

وكما بدأت أختم، فدورة الحياة مستمرة من دون توقف، ومن يتجرأ ويقف في لحظة ما فهو الخاسر وسيجد أنه الوحيد الذي اختار البقاء قي العربة الأخيرة من القطار!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن