قضايا وآراء

نتنياهو والطريق إلى الهاوية

| هديل محي الدين علي

يتجه رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو مسرعاً باتجاه الهاوية، وخاصة مع غليان الشارع الداخلي إلى درجة غير مسبوقة، يقابله صمود أسطوري وتطور نوعي في الداخل الفلسطيني، سواء في غزة أم الضفة الغربية، يضاف إليها تغيرات دراماتيكية متسارعة سياسية في الكيان نفسه وفي الإقليم وعلى المستوى الدولي أيضاً.

الموقف الذي وضع نتنياهو نفسه به جاء بعكس ما كان يخطط، إذ إنه يعيش عزلة سياسية داخلية فلا يوجد من يتشاور معه ولا من يفكر معه ولا من يثق به ويستند عليه، وخاصة بعد إفراغ حكومة الحرب الضيقة مع رحيل بيني غانتس وغادي آيزنكوت، من دون ذكرٍ لوزير حربه يوآف غالانت، وهذا الكلام منسوب للكاتب اليميني بن كاسبيت في مقال نشرته صحيفة «جيروزاليم بوست» قال فيه: «إن السكاكين الطويلة أُخرجت بالفعل ولم يبق إلا إشارة بدء استخدامها»، في إشارة إلى نية نتنياهو الإطاحة بغالانت.

كل التحليلات السياسية والإعلامية تصوَّب باتجاه حالة معينة تذهب إليها الأمور بشكل متسارع، وتشكل حالة رعب لنتنياهو، وهي حالة التمرد التي قد تحدث ليس من داخل الائتلاف اليميني فحسب وإنما من داخل حزب الليكود نفسه، وذلك بسبب الحرب على قطاع غزة وعجز نتنياهو عن تحقيق أي أهداف أعلنها سابقاً، فالسياسيون الصهاينة في الليكود أمام حالتين لا ثالث لهما وهما، إما أن تحدث تحركات لأعضاء داخل الحزب للانسحاب وإنقاذ أنفسهم سياسياً وهذا حصل سابقاً، وإما أن يكون هناك تصويت مختلف داخل الليكود.

هذه المخاوف يغذيها خطاب الفريق اليميني في حكومة نتنياهو ومنهم وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الذي خاطب الحراك الداخلي بالقول: «أناشد الأغلبية في شعب إسرائيل ألا تنجرف وراء أقلية صاخبة تحاول جرّنا بالقوة إلى حروب داخلية»، كما ذهب سموتريتش بعيداً باتهام المعارضة الإسرائيلية والمتظاهرين في الشارع بأنهم «أقلية متطرفة لا يسمح لها التحكم بإسرائيل».

وما يزيد الأمور تعقيداً أن الكيان الصهيوني لا يملك حالياً زعيماً سياسياً يجتمع عليه الفرقاء ليكون قادراً على طمس أو إرجاء أو احتواء تلك الانقسامات العميقة، وخاصة أن لغة التخوين والتشكيك باتت هي السائدة في المشهد الداخلي السياسي للكيان الصهيوني.

طبعاً الصمود الفلسطيني في غزة خصوصاً ومحور المقاومة عموماً، جعل الكيان الصهيوني عاجزا أمام أي خطوة مقبلة لإنقاذ نفسه، وخاصة مع التطور النوعي الذي تشهده المعارك الميدانية على مختلف الجبهات أبرزها اليمن ولبنان.

ويقول بعض المحليين إن رئيس حكومة الاحتلال سيقوم بحرب خارجية لتصدير أزمته، والجبهة المرجحة لذلك هي لبنان، لكن السؤال الأبرز هو هل يستطيع فعل ذلك حقاً وخاصة بعد تصريحاته المعادية للرئيس الأميركي جو بايدن فيما يخص تزويد جيش الكيان بالأسلحة التي يحتاجها؟ وهل تستطيع الولايات المتحدة مساندته في أي خطوة حمقاء قد يتجرأ عليها؟ وهل باستطاعة الكيان مواجهة خطة وحدة الساحات وفتح الجبهات؟ والسؤال الأبرز: كيف سيتعامل نتنياهو مع غليان الشارع الداخلي الذي يستعر يوماً بعد يوم؟

أسئلة وجودية على نتنياهو الإجابة عنها قبل أي خطوة سياسية أو عسكرية وإلا فالقادم أعظم بالنسبة للكيان المؤقت الوجود.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن